رئيس التحرير
عصام كامل

" خطة "الحوثي" لتجويع "اليمن السعيد" برعاية الإخوان..الميليشيا الإرهابية تسطو على رواتب الموظفين..وتحذير من كارثة اقتصادية

الميليشيات الحوثية..صورة
الميليشيات الحوثية..صورة أرشيفية

«حرب اقتصادية يشهدها اليمن برعاية ميليشيا الحوثي الإرهابية».. عنوان عريض يكشف أن الميليشيا المدعومة من إيران، بعدما كبدت البلد السعيد خسائر بالجملة طوال السنوات الماضية، بدأت تنفيذ مخطط «تجويع اليمنيين».

المصارف

وتمكنت من إحداث حالة شلل شبه تام في حركة المصارف، وشح غير مسبوق بالسيولة النقدية، انتهى بحرمان جديد لعشرات الآلاف من الموظفين والمتقاعدين من الحصول على رواتبهم، في مناطق سيطرة الحكومة والحوثيين على السواء باليمن، بعدما منعت الميليشيا تداول الفئات الجديدة من العملة الوطنية (الريـال)، ما يهدد بتداعيات كارثية، لاسيما وأن الفئات النقدية المطبوعة حديثا من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، جرى استبدالها بعملة إلكترونية تتلاعب بالأسواق في دولة تعاني من ويلات حرب طاحنة منذ 8 سنوات.

دور الإخوان

والمثير أن ذلك جرى بالتعاون مع جماعة الإخوان الإرهابية، التي من المفترض أنها تشارك بالحكومة الشرعية اليمنية.

بداية القصة كانت مع نهاية عام 2016، عندما اضطرت حكومة صنعاء الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، إلى طباعة 400 مليار ريـال، باتفاق مع شركة غوزناك الروسية، لمواجهة العجز الكبير في السيولة النقدية، بعد تهالك الفئات القديمة، مما جعلها غير قادرة على دفع رواتب موظفي الدولة، الذين يصل عددهم لنحو 3 ملايين موظف.

وجرى تفعيل الصفقة اليمنية الروسية بالفعل، ووصل للبلاد إصدار نقدي جديد فئة «100 ريـال» عبر شحنة قدرت بنحو 20 حاوية، وبما أن آليات الحرب الجديدة حتى لو كانت بين أبناء البلد الواحد اقتصادية في المقام الأول، سارعت ما تسمى بـ«حكومة الإنقاذ الوطني» التابعة للحوثيين، إلى اتخاذ قرار مضاد دخل حيز التنفيذ عام 2018، يقضي بوقف التعامل بكل فئات الأوراق النقدية، بل ورفض الاعتراف بها من الأساس، وتجريم استخدامها ووضع كل من يتعامل بها تحت طائلة القانون.

وحتى يحدث ذلك كان لا بد من مساعدة الإخوان، لفرض نظام جديد تمامًا، حتى لو كان يخالف المنطق والواقع بحسب خريطة التحالفات على الأرض، ومشاركة الجماعة في الحكومة الشرعية التي تحارب الحوثيين.

عملة جديدة

«الحوثي» ابتكر عملة جديدة من فئة الريـال الإلكتروني، لينهي ما تبقى من قيمة العملة القديمة التابعة لحكومة عبد ربه هادي، وتبدأ ملامح الانهيار الاقتصادي بضرب أسعار صرف العملة المحلية، وخاصة مع تزايد الطلب على العملات الأجنبية، ومعها تبدأ أولى ملامح سيناريو الخيانة الإخواني، بعدما كشف المسح الأولى عن المناطق المتضررة من التضخم، أن البلدان الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية والتي يتواجد فيها أعداد كبيرة من الإخوان، كانت في المقدمة، وقفزت فيها أسعار السلع والخدمات بطريقة جنونية.

ولم تجد أمامها المصارف والمحال التجارية مفرًا من الإغلاق نتيجة انعدام السيولة، والعملة الحوثية الرقمية أو المشفرة، هي عملة افتراضية أي ليست نقدية ولا يشرف على طباعتها أو إصدارها أي بنك مركزي، ويتم توثيق ملكيتها في سجلات مشفرة ومخزنة على أجهزة حاسوب، وأشهر هذه العملات«البيتكوين» التي ظهرت عام 2009.

وتعتمد العملة الرقمية، على البائع والمشتري أي دون أي وساطة، لا موظف بنك ولا حكومة ولا غيرها، بحيث تدفع من خلال محفظة رقمية محفوظة على الهاتف المحمول، أما البائع فيكون لديه آلة دفع بالبطاقة الائتمانية، بحيث تتغير ملكية العملة الرقمية من محفظة المشتري إلى محفظة البائع، ويتم تعميم تغيير الملكية على شبكات الحاسوب حول العالم بوقت قصير بطريقة لا مركزية تسمى سلسلة الكتل أو البلوك تشين.

أي بمعنى أن الملكية تتغير ليس فقط دون سيطرة أي وسيط حكومي، بل حتى دون معرفة من البائع والمشتري، والمقايضة من هذا النوع تدمر فكرة المركزية ومراقبة حركة الأموال والأسهم والعقارات، وتفتح ملاذًا آمنًا للمتهربين ضريبيا والراغبين في عمليات غسل الأموال، بجانب ألوان الثراء المشبوه الأخرى من تجارة السلاح والأعضاء والمخدرات التي تتم في الإنترنت.

الرواتب

نعود لخيانة الإخوان، التي تسببت في تسهيل عمل العملة الجديدة، وكان أول المتضررين مصرف الكريمي الواقع في نطاق محافظة الحديدة، الذي أعلن عدم قدرته على صرف حوالات رواتب الموظفين المقدمة من الحكومة الشرعية في عدن، بسبب عدم توفر السيولة النقدية من الفئات النقدية القديمة.

الأمر الذي انعكس على رصيد رواتب موظفي الدولة والمعاشات في مختلف مناطق البلاد، مما فاقم من تردي الحالة الإنسانية، وضم فئات عديدة إلى شبح المجاعة بعد تعجيزهم عن الحصول على مرتباتهم، للحصول على الغذاء والدواء.

في المقابل.. أصبحت الحكومة اليمنية الشرعية في موقف رد فعل لا تحسد عليه، أمام الضربة الحوثية الجديدة، وخيانة الإخوان التي تخطط عبر تنظيمها الدولي لاستمرار البلدان التي تعاني من الصراعات تحت وطأة الصدام المسلح، حتى لاتفقد آخر أمل لها في الاستمرار بالسلطة، ولم تجد الحكومة ردًا مناسبًا إلا الشجب والإدانة، وإصدار تحذيرات متتالية من البنك المركزي اليمني، لشركات الصرافة والبنوك دون قوة تحمي قراره، وتفيد برفضه التام التعامل بأي عملة أخرى، بخلاف العملة الوطنية الصادرة عن الجهات الرسمية والمخولة لها دستوريًا وقانونيا.

عدم قدرة الحكومة على تنفيذ القانون، ومعرفتها بحقيقة الصراع على الأرض، وكيل الإخوان بعشرة مكاييل، وصفقتها السرية مع الحوثي جعل رد فعل المؤسسات المعنية يتوقف عن حد إصدار تهديدات للجميع، باتخاذ الإجراءات وتطبيق العقوبات اللازمة حسب القانون، وبدا واضحا أنها لا تستطيع التعامل مع خيانة الإخوان، التي حذرت منها قوات التحالف الدولي مرارا وتكرارا.

ولكن حكومة عبد ربه هادي تفرغت للشعارات، واصطنعت صراعات شتى مع القوات الإماراتية، وفي النهاية أدركتها انتهازية الجماعة، التي تتآمر عليها الآن دون لبس، ليس فقط لضرب الاقتصاد الوطني اليمني، وإنما للخلاص من عبد ربه هادي، ووضع سيناريوهات منفردة مع الحوثي لحكم اليمن.

الأذرع العسكرية

وبحسب المصادر، تستند الإخوان في تنفيذ مخططات الحوثي، الذي تلعب لمصلحته من خلف الستار، على الالتزام الأيديولوجي والحركي ليس فقط لأذرعها العسكرية، ولكن لأتباعها من المدنيين، الذين يطبقون تعليماتها بأشد مفاهيم الانضباط، مهما كانت قسوة الظروف الإنسانية على المواطنين، لدرجة أن أنصارها منعوا تداول العملة الورقية بمستشفى الثورة الحكومي في العاصمة، بزعم بطش جماعة الحوثي. 

من جانبه أكد يوسف الديني، الباحث والكاتب، أن حزب «الإصلاح» ذراع جماعة الإخوان الإرهابية في اليمن، يتم الزج به الآن اعتمادًا على قواعده في الأرض، موضحا أن «الإخوان معروفون أنهم تجار الأزمات، ويعملون لصالح أجندات تركيا وقطر».

وأوضح «الديني»، أن «قطر أصبحت تعد أزمة اليمن قضية واحدة وجودية بالنسبة لها، وتعمل على مدار الساعة على نزع الثقة عن التحالف السعودي الإماراتي في كل المواقع، وتستقوي في ذلك بالحزب اليمني»، مطالبا دول التحالف بالتكاتف لإنقاذ اليمن من ميليشيات السلاح والتدمير، وأجندات الإسلام السياسي التي باتت متطابقة مع إستراتيجية ميليشيا الحوثي، لذا تأخرت هزيمتها على الأرض، على حد قوله.

الجريدة الرسمية