رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم .. غضب شعبي عارم وثورة مكبوتة

سيدي الرئيس، هل سيادتكم راض تمام الرضا عما يقوم به وزير التربية والتعليم في التعليم خاصة في الثانوية العامة؟ السيد الوزير في كل اجتماع صحفي أو جلسة عامة يعلن أن بناء نظام تعليمي جديد لطلاب المدارس يأتي تنفيذًا لتوجيهات سيادتكم ببناء نظام مصري يحقق الطموحات. فهل بالفعل نظامه الجديد ذلك يحقق الطموحات؟

 

وزير التربية والتعليم يصرح باستمرار أن نظامه الجديد غير مسبوق في العالم وان العالم كله سيأخذه من مصر ويقلدها فيه!! وطبعا هو صادق في أنه جاء بنظام لا يوجد في أي دولة في العالم، لكن أن العالم سيقلد مصر لتطبيق ذلك النظام فهذا أمر من ضروب خيال سيادته.

 

سيادة الرئيس، سأشرح لسيادتكم ماذا فعل السيد الوزير بالضبط في نظام التعليم المصري خاصة نظام الثانوية العامة؟ ولسيادتك التأكد مما أقول عمليا وعلى أرض الواقع، كل ما فعله السيد الوزير أنه أحضر للطالب في الصف الأول والثاني الثانوي تابلت، واعتبر سيادته أن هذا التابلت غاية المراد من رب العباد، وأنه غاية عظيمة، لا علينا من هذا، هو حر يأتي للطالب بما يشاء من وسائل تعليمية، لكن ماذا فعل بعد ذلك؟

 

اقرأ أيضا: التأثير السلبي والإيجابي لارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار

 

ظلت يا سيادة الرئيس مناهج الصف الأول الثانوي والثاني هي نفسها المناهج التي كان يدرسها الطلاب قبل التطوير المزعوم، مع إضافة بعض التعديلات، ومع ذلك أمر جيد ولن نذكر سوى أن ذلك جيد، لكن ماذا سيفعل الطالب بهذه المناهج او الكتب المدرسية التي تسلمها، بالطبع ينبغي أن يذاكر فيها، وهو يفعل ذلك والمعلم في المدرسة يشرح له من هذه الكتب، وأحيانا يدخل بنك المعرفة ليفهم أكثر عن هذه المناهج التي في الكتب، كل ذلك جميل جدا، لكن يفاجأ الطالب بأن ما ذاكره لا علاقة له بالامتحان مطلقا..

 

الامتحان يأتي له فى صورة ألغاز تحتاج لطالب فهلوي، إذا ما قيمة المناهج والكتب وشرح المعلم إلخ؟

 

سيادة الرئيس أرجو أن تتحقق بنفسك من المعلومة القادمة في فلسفة التعليم في أي مكان بالعالم، وهي أن يتلقى الطالب بعض المعلومات والمهارات التي تكون اللبنة الأولى في مستقبل حياته في العمل، وبالتالي يكون الامتحان في هل أدرك هذه المعلومات واستفاد منها أم لا؟ أي إنه يمتحن في المعلومات التي أعطيت له، وهذا المتبع في جميع دول العالم بلا استثناء إلا في مصر..

 

فإن الطالب يذاكر المناهج ويفاجأ بامتحان لا علاقة له بما ذاكره، فإن كان هناك طالب عبقري أو فهلوي ودون أن يدرس يستطيع أن يحل ذلك الاختبار لكن ما ذنب باقي الطلاب الذين يقومون بما تقتضيه فلسفة التعليم في العالم كله من فهم المنهج والإجابة عنه، واكتساب المهارات الخاصة به ومعلوماته، هؤلاء لن يستطيعوا أن يحلوا تلك الألغاز التي جاء بها السيد الوزير..

 

اقرأ أيضا: الدعم النقدى المشروط

 

لذلك تجد النتيجة متدنية جدا من طلاب كانوا متفوقين بالفعل، وهذا لا يرجع – كما يقول سيادته– إلى خطورة وعبقرية النظام الجديد، وأن الطالب كان يحفظ فقط لكنه فجأة عندما جاءته الألغاز والأحاجي والنظام الجديد لم يستطع الإجابة، هذا خطأ تماما وإنما الحقيقة أن السادة واضعي الأسئلة التي هي من خارج المناهج يتفننون في إرضاء الوزير الذي ذكر أنه انتهى عهد الطالب الذي يحصل على أعلى الدرجات..

 

إذا واضع الأسئلة لو وضع امتحانا عاديا وحصل الطلاب فيه على الدرجات النهائية سيكون نظام السيد الوزير فاشلا، كما أن المصحح لو أعطى الدرجات النهائية سيكون نظام السيد الوزير فاشلا؛ لذا ينبري هؤلاء في أسلوب وضع الأسئلة بصورة تعجيزية كما يصححون بالطريقة ذاتها لإرضاء السيد الوزير الذي كلما وجد النتيجة متدنية سعد وفرح وهلل، وأخذ يذكر لسيادتكم أن ذلك الفشل بسبب ترك نظام الحفظ والتلقين للنظام المعجزة الذي جاء به.

 

سيادة الرئيس كلام الوزير في أن نظام التعليم المصري كان يعتمد على الحفظ والتلقين كلام غير صحيح بدليل أن طلاب الثانوية العامة علمي بشعبتيه كانوا يمتحنون في مواد كل تعتمد على التحليل والفهم والحل والابتكار سواء مواد رياضية أو علمية، لذلك كان الصراخ من بعضهم عندما تأتي بعض المسائل صعبة، فهل كانت المسائل في الرياضيات والفيزياء الخ تعتمد على الحفظ والتلقين؟

 

اقرأ أيضا : الإرهابيون والقانون الجديد للمعاشات

 

وهل النظام القديم لم يخرج علماء مثل زويل ومجدي يعقوب والآلاف الذين لا أستطيع حصرهم في هذه المساحة؟ بل هل رجال الحكومة كلها بما فيهم سيادة الوزير لم يخرج من هذا النظام القديم؟

 

سيادة الرئيس، في كل جلسة يذكر وزير التربية والتعليم أن المعلمين هم وراء حالة الإحباط التى يشعر بها اولياء الامور وانهم يحاربون نظامه، بهدف استمرار الدروس الخصوصية، وأن نظامه الجديد يقضي على هذه الظاهرة، والحقيقة غير ذلك تماما فالدروس الخصوصية زادت بنسبة أكبر من السابق لأن الطالب لا يفهم ماذا يفعل، هل يذاكر المناهج المقررة، فإذا ذاكرها فلن يمتحن فيها بل سيأخذ معه الكتاب؟ إذا ماذا يفعل لذا يلجأ للمعلم عله يجد عنده إجابة فيشرح له المعلم في الدرس نفس المناهج وهو يعلم أن الطالب لن يمتحن فيها!!

 

سيادة الوزير يذكر أن "الشهادة التى هسيحصل عليها الطالب لا بد أن تعبر عن مهارة عنده مش حل قد إيه فى الامتحان". ونحن نسأل السيد الوزير: ما هي هذه المهارة وهل هي فقط مهارة الاستنباط والفهلوة دون اكتساب معلومات جديدة ؟ وهل نظام الحفظ لا ينفع في بعض التخصصات مثل كليات الآداب والحقوق التي لا بد أن يحفظ الطالب كم من المعلومات في مجاله حيث سيستخدمه في مجال عمله؟

 

اقرأ أيضا: برنيس.. حلم أمريكا وإرادة مصر

 

وسيادة الوزير يوجه سؤالا لأولياء الأمور "هل تقبل أن يحصل ابنك على شهادة وهو لا يفقه شيئًا؟"، ونحن نجيب وهل تقبل سيادتك أن يحصل طالب على شهادة دون أن يعرف أي معلومة وإنما بالفهلوة فقط أو مهارة الربط فقط أجاب عن ألغاز؟ وهل تقبل أن يدرس الطالب في الكتب والمناهج وبنك المعرفة ثم لا يمتحن فيما درس وإنما في فوازير التعليم؟

 

سيادة الرئيس أولياء الأمور في معظم أنحاء الجمهورية في غضب من مستقبل أبنائهم الغامض، فبعد التفوق صاروا يرسبون على ذلك النظام الجديد، وهم يحاولن بكل صورة الوصول لسيادتكم للأمر بعرض ذلك النظام على خبراء حقيقيين للتعليم، وغضبهم الآن عارم لأنه متعلق بمستقبل ملايين الطلبة من أبنائهم لا يريد الوزير أن ينجح منهم سوى الفهلوي الرابط دون المثقف أو الدارس للمناهج الذي يستفيد معلومات تفيده في مستقبل حياته، والفترة القادمة يا سيادة الرئيس سيعلن أولياء الأمور عن أنفسهم في كل مكان قبل ضياع مستقبل أبنائهم، ولكم أخيرا التصرف فيما يحدث من مهازل تحت اسم تطوير التعليم.

الجريدة الرسمية