رئيس التحرير
عصام كامل

رويا تؤلف أحلامها

منذ لامست ابنتي رويا أول أيام عامها الخامس وهي تحلم كما لم تحلم من قبل، ولا أعرف إن كانت الأحلام تأتينا بشكل مكثف بعد الخامسة، أم أن هذا هو السن الذي يبدأ فيه إدراكنا لما نراه في المنام، وتصبح لدينا القدرة على تذكر أحلامنا وحكي تفاصيلها.

 

وقبل أيام جلست صغيرتي أمامي كي أضفر لها شعرها كما تعودت واعتدت، وما إن أمسكت بخصلة من شعرها شرعتُ – كالعادة أيضا – في حكي أقصوصة بسيطة ارتجالية، لكنها وقبل أن أكمل «كان ياما كان...»، قاطعتني بقولها «أبي لدي حلم.. هل أخبرك به؟».. قلت وكلامي ممزوجا بالضحك: «احكي يا حبيبتي».

 

التفتت رويا نحوي دون ابتسامتها المعهودة وراحت تحكي حلمها: «كان ياما كان...»، لكنني قاطعتها: «كان ياما كان؟ هل ستحكي حلما يا رويا أم قصة!»..

اقرأ أيضا: البحث عن روح فريدة

عقدت صغيرتي حاجبيها وزمت شفتيها: «اسمعني ولا تقاطعني»، ثم عاودت من البداية: «كان ياما كان يا سعد يا كرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.. كان هناك في مكان بعيد خمسة أرانب.. أب وأم وثلاثة أبناء، كانوا يعيشون في عشة صغيرة لكنها جميلة ومرتبة وكثيرة الألوان، خاصة اللون الوردي..

في حديقة محيطة بالعشة الصغيرة، زرع الأرنب الأب جزرة، وراح يسقيها كل يوم من ماء النهر القريب، فبدأت تنبت ثم تنمو وتنمو وتنمو حتى صارت كبيرة بما يكفي لأن تصبح وجبة شهية للأرانب الخمسة..

اقرأ أيضا: عجوز يكتب التاريخ على حذاء

هنا قرر الأب أن يقتلع الجزرة كي تصنع لهم الأرنبة الأم حساء لذيذا، لكن الثلاثة أرانب الصغار طلبوا منه ألا يفعل ذلك، وقالوا إنهم يحبون اللون البرتقالي المميز لهذه الثمرة الجميلة..

وافق الأرنب الكبير على طلب صغاره، وترك الجزرة في مكانها، وظل يرعاها ويسقيها، بينما أخذت هي تنمو وتنمو وتنمو..

أصبح حجم الجزرة في مثل حجم الأرنبة الأم، والتي قالت لزوجها: (علينا باقتلاع تلك الثمرة الكبيرة قبل أن تصبح في حجمك فيصعب عليك حملها).. فقال الزوج: (نعم معك حق لا بد وأن أقتلع هذه الثمرة كي نأكلها)..

ذهب الأب إلى مكان الجزرة من أجل أن يقتلعها، لكنه وجد صغاره يقفون أمامها ويطالعونها بإعجاب، فأخبرهم بما يريد أن يفعله لكنهم توسلوا إليه أن يترك الجزرة في مكانها، وألحوا في طلبهم، فوافق الأب وعاد إلى البيت ليخبر زوجته بما حدث، لكنها كانت غاضبة..

قالت الأم إن الجزرة إن بقيت في مكانها ستتضخ بشكل لا يمكن تصوره، لكن الأرنب الكبير أخبرها أنه سيتركها في مكانها حتى لا يغضب الأبناء..

مرت الأيام والرجل يروي الجزرة، والتي كانت تنمو وتنمو وتنمو.. إلى أن صارت في حجم العشة التي يعيش فيها الأرانب..

وفي أحد الصباحات ومع صياح الديك، شعر الأرانب بأن هناك أمرا غير طبيعي يحدث، فقد كانت العشة ترتجف وكأن هناك يدا تقتلعها من مكانها..

خرج الأرنب الأب مسرعا وتبعته زوجته ثم صغاره ليروا ما يحدث، فوجدوا الجزرة تواصل النمو بشكل سريع حتى إن جذورها تحولت إلى ما يشبه المخالب، فتوغلت تحت العشة واقتلعتها من الأرض..

هنا قرر الأب ألا يقف ساكنا، فأسرع بإحضار الفأس وأخذ يقطع جذور الجزرة، التي لم تقف ساكنة هي الأخرى فتحولت إلى وحش ضخم وهاجمت الأرنب الأب صارخة في وجهه صرخة نشرت الرعب في نفوس الأرانب كلها..

ابتعدت الأرانب عن الجزرة، لكنها سحبت جذورها من الأرض وراحت تطاردهم..

كانت الأرانب سريعة وهي تبتعد عن الجزرة، لكنها كانت أسرع منهم جميعا بسبب حجمها الضخم وجذورها المتشعبة، فأمسكت بهم وأخذت تلتهمهم أرنبا بعد الآخر».

ملحوظة: النص – بتصرف - عن حلم لرويا اختلط بحكاية من توليفها.

الجريدة الرسمية