رئيس التحرير
عصام كامل

حفتر وبوتين!

أبدى أحد الأصدقاء انزعاجه لعدم توقيع حفتر على مسودة مشروع اتفاق وقف إطلاق النار فى موسكو، بعد أن وقع عليه السراج، لأن ذلك معناه أنه يغامر بعلاقته بموسكو ودعمها له، وهو يحتاج لهذا الدعم.. لكننى قلت له إن مثل هذه المغامرة أهون على حفتر من المغامرة بسلامة الجيش الليبى وسلامة ليبيا كلها..

 

فهو إذا وقع على مشروع الاتفاق الذى عرض عليه كان سيمكن الميليشيات المسلحة ليس فقط من الحياة والبقاء، وإنما سيمنحها فرصة لتقوية نفسها لتكون أكثر خطورة عليه وعلى الليبيين، والأخطر سيمكن تركيا من بسط نفوذها على ليبيا كلها وليس فقط طرابلس، أو تحديدا وسطها، أى المنطقة التى يوجد فيها قصر السراج الذى لا يقيم فيه حاليا!

 

ثم إن الحديث عن مغامرة حفتر بصداقة موسكو هو حديث قد يكون مبالغا فيه، ويشى  بذلك ردود فعل الروس على رفض حفتر التوقيع على الاتفاق، ومغادرته موسكو مساء يوم المفاوضات.. فبينما جاء رد الفعل التركى غاضبا بشدة ومهددا لحفتر، فإن الجانب الروسى بدا متفهما لموقف حفتر، عندما قال إن المفاوضات لم تفشل وإن الأمر يخضع للدراسة من جانب حفتر.

 

اقرأ أيضا: السراج أسير تركيا!

 

وهذا أمر مفهوم لأن الرئيس بوتين هو رجل تكتيك من الطراز الرفيع، وهذا ما ينطق به الملف الروسى، وتحديدا علاقته بالطرف التركى فيه، الذى سبق أن أبرم معه العديد من الاتفاقات كلها تقريبا لم تصمد طويلا فى التنفيذ، بل إن روسيا تقوم الآن بدعم الجيش الروسى فى أدلب لتقليص الوجود ألعسكرى التركى فيها..

 

كما أن موسكو تشاطر حفتر رأيه فى ضرورة تصفية الميليشيات المسلحة فى ليبيا، ومقتنعة بضرورة وجود جيش وطنى واحد فيها.. كما أن الرئيس بوتين احتاج أساسا لإقناع حفتر للاشتراك فى مفاوضات موسكو للاتصال بالرئيس السيسى تليفونيا.

 

  اقرأ أيضا : أردوغان يتراجع.. وحفتر يتقدم!

 

وعلى كل حال لقد فرضت موسكو وجودها فى الملف الليبى بمفاوضاتها التى لم تثمر اتفاقا، وإن كانت أبقت على وقف إطلاق النار، وهذه خطوة ليست بالقليلة على خارطة شطرنج الأمم التى يلعب عليها بوتين.   

 

الجريدة الرسمية