رئيس التحرير
عصام كامل

جريمة داخل المدارس في حق النشيد الوطني

أثناء إقامتي حوار جاد مع أسرتي الصغيرة حول واقعة غناء إحدي الطالبات بالشرقية للنشيد الوطني باللغة الإنجليزية، قفزت ابنتي ذات الأعوام السبعة لتقول لي: والله يا بابا دا لو سلطعون مش هيعمل كده.

 

نظرت إليها وقلت معكى حق، فليس هناك كائن حي لا يعتز بوطنه فما بالنا إن كان هذا الكائن هو إنسان يعي ويعقل ويربي ويتعلم علي أرض ذلك الوطن، لكن يبدو مما حدث أن البعض فقد هويته أو في الطريق إلي فقدانها واستبدالها بأخري، ظنا منهم أنهم بذلك سيصلون إلي أعلي مراتب الرقي والتحضر.

 

وإلا فما معني أن ينُشد النشيد الوطني الذي يعد ركنا أصيل من هويتنا بلغة غير العربية، والتي تعد أيضا من الأركان الأصيلة لتلك الهوية، بل ترتقي لتصل إلي قمة الشرف الوطني،ألم تخبر الطالبة مدرسيها قبل إقدامها علي تلك الجريمة؟ وألم يخبر مدرسيها مديرهم عما تنتوي هذه الطالبة فعله؟ ألم يراها ويسمعها والديها وهي تقف امام المرأة لتري أفضل طريقة لأداء جريمتها داخل فناء المدرسة وأمام العلم المصري وعلي مرأي ومسمع من قريناتها؟

 

اقرأ ايضا: كارثة قانون الإيجار القديم

 

ومما لاشك فيه أنها شعرت بالفخر والزهو وهي تتخيل كيف سيصفق لها الجميع، بالتأكيد حدث ذلك فهي لم تظهر وتختفي فجأة كالسلطعون. فكيف فقد كل هؤلاء هويتهم ولم يخرج من بينهم شخص رشيد يمنعها من ارتكاب جريمتها الشنعاء، ويعلمها كيف تنتمي للوطن.

 

ورغم أن الجريمة ثبتت بالصوت والصورة وفاحت رائحتها إلا أنها وجدت من يتستر علي فاعليها دون أي خجل، فبدلا من محاسبة مرتكبيها خرج علينا السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالشرقية في تصريح صحفي ليثني عليهم، ويصف الواقعة بأنها لا تتعدي النشاط المدرسي، وأنه علينا تشجيعهم وعدم احباطهم، ولا أعلم ماذا يقصد سيادته بتشجيعنا إياهم.

 

هل يريدنا أن نعلم أبنائنا كيف يفقدون هويتهم وانتمائهم للوطن الذي ولدوا وتربوا فيه ويحملون جنسيته؟ ألا يعلم هؤلاء جميعا أننا نتعلم لغات أخري بجانب لغتنا الأم فقط لنفتح بها أفاقا علي العالم، ومعرفة ثقافات مختلفة وليس لفقد شرفنا الوطني؟

 

واقرأ ايضا : "ثلاثون عاما حرية".. مبادرة تستحق التكريم

 

إن كانوا لا يعلمون وهذا واضح فيما اقترفت أياديهم فهم يحتاجون أن يتعلموا، ولا يجدر بنا أن نترك عقول أبنائنا لهم يعبثوا فيها.فكيف سيكون تفكير زميلاتها بعد أن يروا ثناء المسؤولين عن العملية التعليمية عليها؟ بالتأكيد سيبدأون بتقليدها وستصبح مثال يحتذي به وعلي المدي القريب سينشأ جيلا فاقد لشرفه الوطني وانتمائه لبلاده.

 

وهنا لا أعفي الوالدان من الأشتراك في الجريمة بل هما أصل الجريمة فهي نتاج تربيتهم لها، لذا أنتظر من الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم اتخاذ الإجراءات المناسبة لردع كل من تسول له نفسه العبث بهوية أبنائنا داخل المدارس، وإلا فانتظروا جيلا كاملا بلا هوية أو انتماء للوطن.

ahmed.mkan@yahoo.com

الجريدة الرسمية