رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

غموض حادث "وسط البلد"


أكاد أجزم أن 90 % من المصريين يتحدثون في هواتفهم المحمولة أثناء قيادتهم لسياراتهم في شوارع مصر، بل أكاد أجزم أن نسبة 50% منهم تمارس الشات على الهاتف وتكتب رسائل أثناء القيادة، وهذه كبرى المصائب التي يمكن أن تسبب حوادث بل هي تسبب حوادث خطيرة بالفعل.


النسبة التي أذكرها ليست إحصائيات أو معلومات رسمية، وإنما استنتاج وخلاصة مشاهداتى وملاحظاتى للسيارات التي تسير من حولى أثناء وجودى في الشارع أو أثناء قيادة سيارتى أو ركوبى المواصلات العامة. أقول هذا الكلام بمناسبة الحادث الغريب الذي وقع في وسط القاهرة وتحديدا بشارع "طلعت حرب" مساء يوم الجمعة الماضية، بسبب انحراف سيارة فجأة، مما أودى بحياة 3 أشخاص أبرياء وهم يسيرون على الرصيف.

سيناريو الحادث قد لا يتكرر لو حدث مائة مرة، تماما مثل لاعب الكرة الذي يضيع فرصة إذا تكررت مائة مرة سيحرز في 99 مرة منها، وغرابة الحادث تكمن في أن السرعة في هذا الشارع لا تزيد بأى حال على 20 كيلو مترا في الساعة، لكن ما حدث وأظهرته كاميرا أحد المحال أن السيارة انتقلت فجأة من السير في أقصى يسار الشارع إلى السير على الرصيف في خط مستقيم بسرعة كبيرة، كالبرق ليخطف أرواح اثنين من المواطنين وطفل ثالث ويصيب 8 أشخاص آخرين.

حتى هذه اللحظة ورغم مرور 4 أيام، لم يتم نشر أي معلومات تفصيلية حول ظروف الحادث وهوية الجانى، عمره ومهنته وحالته أثناء وقوع الحادث الشنيع المؤلم وسبب ارتكابه له، لأن كاميرا المحل المذكور رصدت الحادث من زاوية واحدة ولم تظهر أي فيديوهات من زاوية أخرى، موقع واحد ذكر أنه كان ضمن موكب زفة عروسين، وموقع آخر ذكر الصيغة البروتوكولية المعتادة دائما في مثل هذه النوعية من الحوادث وهى اختلال عجلة القيادة في يد السائق فوقع الحادث.

في أغلب الظن يحدث مثل هذا النوع الغريب من الحوادث عندما تداهم السائق إغماءة مفاجئة أو نوبة قلبية أو نوبة صرع أو غيرها – عافانى الله وعافاكم جميعا من المرض– فيفقد السيطرة على عجلة القيادة، وقد يكون وقع بسبب الانشغال في الهاتف لأن الحادث يقع في ثانية ويفقد السائق السيطرة في لحظة أيضا..

أنا شخصيا تعرضت لحادث مروع ونجانى الله منه بأعجوبة بسبب انشغالى بالحديث في الهاتف، وبعيدا عن القوانين غير المفعلة، أتمنى من الناس أن تعتبر الحديث في الهاتف المحمول أثناء القيادة من المحرمات، حتى لو تلقيت مكالمة مهمة أو غير مهمة وأنت تقود سيارتك لا ترد عليها، ثم عاود الاتصال بعد أن تركن أو تنزل منها، فالغفوة وعدم التركيز لثانية واحدة قد تكلفك حياتك.

في اختبارات تعلم قيادة السيارات بدول الخليج يعتبرون التركيز والانتباه عنصرا مهما في حصول المتدرب على رخصة القيادة، وبالطبع فإن الحديث في الهاتف المحمول جريمة يعاقب عليها القانون، ليس بالكلام الإنشائى كما نقول في مصر، وإنما هناك كاميرات في كل الشوارع ترصد وتسجل وتتعقب الفاعل وتعاقب، فما بالنا بمن يتصفحون الفيس ويكتبون على الشات والواتس وهم يقودون سياراتهم في شوارع مصر، وللأسف يفعلون ذلك وهم في مأمن من العقاب وفى ظل قانون ليس له وجود إلا على الورق.

قلبى مع أسر الضحايا وذويهم وأهلهم، ودعواتنا بالشفاء لكل المصابين وبالرحمة للضحايا الأبرياء الذين كانوا يسيرون على أرصفة شارع بوسط البلد واختطفهم الموت بدون مقدمات، فقد كان من الممكن أن أكون أنا أو أنت أحد هؤلاء الضحايا بحكم أننا نسير في نفس المكان كثيرا.

أتمنى من الفضائيات أن تسلط الضوء على محاكمة الجانى لكى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاستهانة بأرواح الأبرياء، فهذه الجريمة -حتى لو لم تكن متعمدة وليست مع سبق الإصرار– لا تقل خطورة عن حادث مقتل 3 طالبات بكلية الطب من مدينة تلا بالمنوفية وهم يسيرون على الرصيف أيضا منذ نحو 3 سنوات بسبب استعراض شاب مستهتر بسيارته في موكب زفاف، ولا تقل أهمية عن محاكمة "راجح" في قضية مقتل "البنا".

Advertisements
الجريدة الرسمية