رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"الغزوات والفتوحات" والافتراء على الرسول (ص)!


طرح مفكرنا وكاتبنا الكبير "ثروت الخرباوي" عبر صفحته على فيس بوك قبل يومين سؤالا عن الغزوات والفتوحات، وعلاقتها بالإسلام وأيهما أدق في وصفها.. الغزو أم الفتح.. وقلنا سنرد في مقال كامل ومستقل.. حيث نقف أمام اتهامات لا تنتهي عن عنف الإسلام وعن وصف معارك الإسلام الأولى بالغزوات، وعن اتهامات للرسول عليه الصلاة والسلام بالقسوة والدعوة للعنف!


وبينها كلها نقف في منتهى الدهشة! إذ إن السياق التاريخي يقول إن نفرا في مكة آمنوا برسالة الإسلام التي نقلها إليهم نبي الإسلام، هؤلاء أصبحوا جماعة كبيرة تعرض أغلبهم لأشد أنواع العذاب والبلاء بلغ حد القتل!، لم ترد هذه الجماعة على القتل بالقتل ولا حتى بعمليات فردية انتقامية، بل طلب منهم دينهم الصبر على الابتلاء وعندما اشتد الأخير أذن لهم نبيهم بالهجرة، فكانت الأولى في دار حاكم عادل على دين سماوي آخر في الحبشة غير دين الإسلام! وهي إشارة رائعة أن هذا معسكر واحد ضد معسكر آخر لا يؤمن برب السماء ولا أديانها ولا رسلها!

أهل قريش الذين أخرجوا هؤلاء من ديارهم لم يعجبهم لجوئهم إلى النجاشي فأرسلوا يسعون لإعادتهم إلى مكة، فخاب مسعاهم إلا أن الهجرة بعد اتفاق ما تتجه إلى يثرب أو المدينة المنورة، وهناك يذهب إليهم أهل قريش للعدوان عليهم في موقعة "بدر"، ثم يذهبون إليهم في معركة "أحد"، وتدور أغلب المعارك الكبرى على حدود "يثرب"، وما حولها من الأحزاب إلى الخندق حتى أن المرة الوحيدة التي ذهب المسلمون إلى القرشيين كان في فتح مكة! وعملية فتح مكة كانت صيحتها الأساسية هي "اذهبوا فأنتم الطلقاء"!

الآن ونحن أمام دولة يريدها من هاجروا وفروا بأرواحهم وأموالهم إلى المدينة، وهذه الدولة تتسع وتكبر كل يوم ولها أعداء وخصوم بداخلها ومن خارجها ماذا ننتظر من أصحابها والقائمين عليها؟ تأمين حدود هذه الدولة بمفاهيم الأمن القومي التي تجلت اليوم علما كبيرا يدفع أمريكا للذهاب إلى حدود الصين وإلى منطقتنا العربية دفاعا عن أمنها.. ويدفع روسيا لأن تصل إلى سوريا دفاعا عن أمنها وتدفع فرنسا للذهاب إلى مالي وإيران إلى اليمن ولبنان، وهكذا كل دول العالم دفاعا عن مصالحهم، وهنا أي قوانين يمكن أن تسود؟ قوانين الأمن والقتال والمعارك أم قوانين الصلاة والصوم؟!

ومع ذلك وضع الإسلام شروطا للأمر كله منها قوله تعالى "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، ولذلك كان القتال في الإسلام دفاعا عن النفس.. لكن ليس العدوان بالضرورة أن يصل العدو إلى ويقتل من جنودي حتى أتأكد من عدوانه.. التآمر والمكائد والتحريض والتحالف مع الخصوم وشراء الأسلحة بما يغير من موازين القوى كلها أمور عدوانية بمفاهيم وقتها وبمفاهيم اليوم!

الخلاصة: مصطلح غزوات غير دقيق بل غير صحيح ورسولنا العظيم لم يكن غازيا والمعارك والقتال والسياسة تدار وفق قواعد المعارك والقتال والسياسة، وإلا كانت انتحارا وانهيارا ويبقي إطارها العام منها ما أشرنا إليه وغيره من آيات قرآنية، ومنها وصايا الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام، مثل "لا تقتلوا شيخا ولا طفلا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا حجرا.. إلى آخره"!

ولذلك نرى أنه في المقابل لا علاقة للمسيحية على الإطلاق بضرب اليابان بالقنابل النووية، ولا بعدوان "هتلر" على أوروبا ولا بالحربين العالميتين، ولا بقتل الهنود الحمر ولا بالعدوان على فيتنام والعراق وغيره وغيره.. تعاليم المسيح عليه السلام السمحاء لا علاقة لها بما جري كله، والمسيحية بريئة منه كله.. إنما هي السياسة والقتال والحرب!
Advertisements
الجريدة الرسمية