رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"ثابت إقلاديوس".. ضابط مسيحي انتقم لـ"عبد المنعم رياض"


من أهم رجال القوات المسلحة المصرية، الذين لعبوا أدوارًا بارزة، وأصلوا العدو نيرانًا حامية، انتقامًا لما حدث في نكسة 1967، وأسهموا في استرداد الكرامة؛ البطل "ثابت إقلاديوس" الذي نجح في الأخذ بثأر الشهيد "عبد المنعم رياض"، رئيس أركان القوات المسلحة.


ولد اللواء "ثابت إقلاديوس عجايبي"، رئيس عمليات مدفعية الفرقة الثانية بالجيش الثاني الميداني، بمدينة نجع حمادي، بمحافظة قنا في 17 سبتمبر 1930، تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة تخصص كيمياء (نبات) عام 1953 ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا في التربية العامة من جامعة عين شمس عام 1954، وبعدها تخرج في الكلية الحربية قسم الجامعيين عام 1955 م.

يحكي بنفسه عن قصة الثأر للفريق "عبد المنعم رياض"، رئيس أركان القوات المسلحة، قائلًا: "في سنة 1969 شن العدو هجوما بالمدفعية أدى إلى استشهاد الفريق.. فصعدت على شاطئ القتال، ورصدت موقع الدبابات المعتدية، وكان موقعي خلف المكان الذي استُشهد فيه، فقلت لقائدي: لا بد أن نضرب هذه الدبابات، وكان رده بأنه ليست لدينا الأوامر بضربها، فقلت له: بعد استشهاد رئيس الأركان هل يوجد أوامر؟!

فلابد أن أصعد لمركز الملاحظة، وأعطيهم قصفة نيران، فرد القائد: يمكنك تكليف أحد للقيام بهذه المهمة.. فقلت له: لن يأخذ أحد بثأر الشهيد "عبد المنعم رياض" غيري".

"كان الجميع بالملاجئ للاحتماء من شدة القصف طبقا للأوامر، وبالفعل توجهتُ إلى قائد الكتيبة الرائد "مصطفى رءوف"، وكنتُ وقتها برتبة مقدم، فأمرته بإخراج المدافع من الدشم، وإخراج كتيبة كاملة قوتها 12 مدفعا 122 مللي.. وأمرتُ بوضع صندوقي ذخيرة أربع طلقات أمام كل مدفع حتى لا تنفجر الذخيرة، ويحدث تأثير عكسي إذا ما ضربتنا مدفعية العدو.. وطلبتُ استخراج البيانات التي يتم توجيه القصف على أساسها..

درست النواحي الفنية، وضبط الاتجاهات من خلال أجهزة الرؤية، ثم صعدت إلى مركز الملاحظة، وتم رصد الاتجاه لضرب الهدف من خلال الاتجاهات المغناطيسية والخرائط، وأبلغنا القيادة بأننا مستعدون، وصدرت الأوامر بالرد بالقصف المحدود، وبعدها تختفي المدافع فورا".

"قمت بمراجعة الاتجاهات مرة أخرى، وفي ثانية كانت 48 طلقة مدفعية فوق الهدف، فأصبت جميع المدرعات والدبابات، وشلت حركتها ما عدا دبابة واحدة استطاعت الفرار"..

وقال معلقًا على هذا النصر: "لقد استرددنا كرامتنا.. فلا تتخيل ماهية المشاعر القاسية التي كانت تتملكنا ونحن ضباط في الفترة ما بين 1967 إلى 1973 فكان الناس ينظرون لنا على أننا سبب النكسة".

تم تكريم "إقلاديوس" بخطاب شكر من القيادة، وتلقى قائد اللواء وسام نوط الواجب العسكري.

ويقول البطل عن تضحياته: "كانت مهمتي إدارة نيران المدافع في اتجاه أهداف العدو بالضفة الشرقية للقتال، فأمكننا تدمير النقاط الحصينة للعدو على الضفة الشرقية، على طول خط المواجهة بالقطاع الأوسط من الجبهة، وكذلك مراكز القيادة للعدو وإسكات مدفعيته؛ مما سمح لقواتنا بعبور القناة تحت ساتر من النيران، كما قمنا بتأمين تقدم قواتنا المسلحة في عمق سيناء حتى وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر 1973".

"بعد أن قمت بمهمتي كنت على الطريق الأوسط المعدية رقم 6، وأثناء تفقد العميد أ.ح. "محمد عبد الحليم أبو غزالة"، قائد مدفعية الجيش الثاني الميداني وقتئذ، لمتابعة مدى تقدم قواتنا، وطلب مني أن أنقل له الموقف الحالي على الخريطة الخاصة به، وكان معي المرحوم المقدم "فتحي عبد الرازق"، وعرض عليَّ المساعدة فدخلنا دبابة القيادة لنتمكن من إتمام المهمة، حيث كانت هناك عواصف ترابية شديدة..

فقلت لهم: لا تغلقوا البرج علينا حتى إذا ما حدث شيء نجد من يخرجنا، ولم يمر على عبارتي خمس دقائق، ونتيجة لتأثير نيراننا الشديدة على العدو تم ضرب مركز هذه النيران، وأصابوني بصاروخ مدفعية بالدبابة التي كنا بداخلها ونتج عنها استشهاد المقدم "فتحي" وإصابة آخرين، وكان ذلك يوم 16 أكتوبر..

أما عن إصابتي فكانت كسرًا بالجمجمة، وفقد عظام الجزء الأيمن منها، بالإضافة إلى العديد من الشظايا في أنحاء متفرقة من جسمي".

"بعدما خدمت في سلك التشكيلات عملت مدرسا بجناح المدفعية بالمعهد المتخصص الذي يحمل اسمها إبان نكسة 1967، وكنت من الأوائل في جميع الدورات الدراسية التحقت بها، وكان لي مؤلفات كثيرة في المدفعية معظمها فنية لضباط المدفعية مثل إدارة نيران المدفعية، وكيفية توجيه النيران على العدو، وإرشادات لقائد السرية".

تقلد البطل منصب قائد جناح مدفعية بعد هذه المرحلة، ونظرا لتفوقه في الرياضيات، تقلد قائد جناح الدراسات العليا الذي يمنح درجة الماجستير، فيقوم الضابط بالدراسة في هذا الجناح، الذي يتولى تأهيله واختباره، وإذا نجح يقدم رسالته، وعندما يتم إجازتها يحصل على شهادة الماجستير، وبناء على ذلك يُسمى أركان حرب تخصص مدفعية، وكان اللواء "إقلاديوس" أول من أنشأ هذا الجناح، وتركه بعدما قام بتخريج ثلاث دفعات ليتقلد منصب كبير معلمي المعهد، ثم مديرا..

وبعد أن ترقى لرتبة اللواء طلبه رئيس هيئة البحوث العسكرية من مدير المدفعية لعمل مهم في البحوث، وكان هذا سنة 1984 وتقلد منصب رئيس فرع المراجع والمكتبات لمدة سنتين في هيئة البحوث العسكرية، وكانت مهمته مراجعة المراجع نفسها، وكانت مهمة شاقة أن تراجع المراجع البحرية والقوات الجوية والمدرعات، وذلك لتوحيد المفاهيم والمصطلحات التي تدرس.

ويول اللواء "ثابت": "كان وجودي بالجيش يمنعني من أن أقوم بأي عمل اجتماعي لأني مكلف بعمل، ولابد من أن يؤدى على الوجه الأكمل، فبعد أداء واجبي بالجيش قررت أن أكرس هذا الوقت للخدمة في جمعية التوفيق القبطية، وهي أقدم جمعية قبطية أهلية في مصر تشكلت سنة 1860 تم انتخابي عضوا بمجلس الإدارة لمدة 15 سنة، وخلال هذه الفترة تم القضاء على العديد من السلبيات مثل عدم انضباط النواحي الإدارية والدروس الخصوصية، ولأول مرة في تاريخ مدارس "التوفيق" تكون نتائج المرحلة الثانوية بنسبة 84%".

اللواء "ثابت إقلاديوس" كرمته الدولة بالأنواط والأوسمة والميداليات، ومنها: ميدالية جرحى الحرب عام 1974، وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الطبقة الأولى 1976، ونوط الخدمة الممتازة عام 1985، ونوط التدريب عام 1985، ونوط الواجب العسكري، ونوط الجمهورية العسكري بعد نصر 1973، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية بعد الخدمة في رتبة لواء عامين متتاليين عام 1986. انتقل إلى جوار ربه في 9 أغسطس عام 2004، عن عمر يناهز 74 عاما، بعد حياة عريضة حفلت بالبطولات والإنجازات الرائعة.
Advertisements
الجريدة الرسمية