رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رحلة سد النهضة والحقائق الغائبة (1)


في وقت كنا نأمل فيه أن تنتهي أزمة سد النهضة الأثيوبي بحل مُرضٍ لجميع الأطراف، أطلت أزمة ملء السد مرة ثانية بقوّةٍ في ظِل التّراجع الإثيوبي عن الاتّفاقات التي جرى التوصّل إليها أثناء زيارة السيد "آبي أحمد"، رئيس وزراء إثيوبيا، للقاهرة العام الماضي، وتضمّنت تعهّدًا إثيوبيا بعدم المَساس بحصّة مِصر من المياه..


ولكنّ الجانب الإثيوبي تراجُع عن هذه التعهّدات، ورفض مُقترحات مِصريّة تدعو إلى مِلء بُحيرة سد النهضة في غُضون سبع سنوات وليس ثلاث، مثلما يُطالب الجانب الإثيوبي، باعتبار أنّ هذا القرار سِياديٌّ ومن اختصاصِ الدولة الإثيوبيّة وحدها.

وذكر الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، إنه سيلتقي رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" في روسيا قريبا لبحث الخلاف بشأن سد «النهضة»، وهذا اللقاء يحمل بارقة أمل في الحل السلمي الدبلوماسي أن لم تصر إسرائيل على موقفها من دعم السد والوقوف خلفه.

وتبلغ حصة مِصر من مِياه النيل حواليّ 55.5 مليار متر مكعّب سنويًّا، في مُقابل 18 مِليار متر مكعّب للسودان، دولة المصب الأُخرى، من مجموع 84 مليار متر مكعّب هي مجموع حجم تدفّق مياه نهر النيل سنويًّا (150 مليار متر مكعّب أخرى تتبخّر بفِعل الحرارة سنويًّا)، وتُريد بطبيعة الحال أن لا تتأثّر حصّتها هذه مُطلقًا من جرّاء مِلء خزّان سد النهضة تجنّيًا لأيّ أضرار أو حتى مجاعات وانخفاض إنتاج الكهرباء في السّد العالي.

وقد زاد عدد سكان مصر عن 100 مليون نسمة تحتاج إلى حصصٍ مياه أكبر، وليس تقليصها، بسبب الزيادة السكانيّة الهائلة، و95 بالمائة من أراضيها صحراء قاحلة، ومياه النيل مسألة حياة أو موت.

ولن ينسى المصريون أن السبب الرئيس في بناء السد هي الجماعة الإرهابية – التي تتبجح الآن بأن مصر ستعطش بسبب عدم الحسم مع إثيوبيا- وقت حكمهم البغيض لمصر، فبعدما زار مرسي إثيوبيا في مايو 2013 وعقد لقاء مع رئيس وزراء إثيوبيا وقتها "هايلي ماريام ديسالن"، ظهر من خلاله عدم ممانعته لبناء السد، وبعد أن غادر إثيوبيا بيوم واحد أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستبدأ في تحويل مجرى أحد روافد نهر النيل، وهو النيل الأزرق، إيذانا ببداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة!!

ومما يؤكد هذا الأمر أن "مرسي" تحدث عن سد النهضة بعد ذلك قائلا: "حصة مصر من المياه مش هتنقص بل هتزيد وهندعى ربنا يحل الأزمة وينزل المطر"!

وفي مفاجأة من العيار الثقيل ذكرت صحيفة "نازرت" الإثيوبية أن الرئيس المعزول "محمد مرسي" وافق على بناء سد النهضة وبدون تصعيد من جانبه ومن جانب حكومته في مقابل صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار، كثمن الموافقة على بناء السد، وقد نشر هذا الخبر في وقت حكم "محمد مرسي" بتاريخ 21 من يوليو 2013، وليس الآن حتى لا يخرج علينا أحدهم قائلا " هذه أخبار تنشر بعد خروج الجماعة من الحكم ووفاة محمد مرسي"..

وتحدت الصحيفة الإثيوبية وقتها المعزول بأن يقوم بنفي الخبر فلم يقم "مرسي" أو جماعته بذلك. وقام "مرسي" وجماعته بترتيب الأوضاع في مصر بحيث لا تستطيع أن تقاوم بناء السد، وذلك بأن يقيم مؤتمرا حول آثار سد النهضة، وخلال مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه "مرسي" في قصر الاتحادية قيادات سياسية موالية لجماعته، قال "مجدي حسين" رئيس حزب العمل الجديد وقتها: "علينا أن نقسم على ألا يجري الإفصاح عما يدور في هذا الاجتماع لوسائل الإعلام"، وذلك قبل أن ينبهه أحد الجالسين بجواره إلى أن الاجتماع يبث على الهواء مباشرة فتضج القاعة بالضحك.

أما "أيمن نور" رئيس حزب غد الثورة والعميل الإخواني الذي كان متخفيا في ثوب المعارض، فقال خلال اللقاء: "موقف السودان أقل بكثير جدا مما كان ينبغي"، وأردف: "لا بد أن نسرب معلومات أن مصر تسعى لشراء نوع معين من الطائرات. هذا الضغط حتى لو لم يكن واقعيا سيوصل إلى حل على المسار الدبلوماسي".

وتلا "يونس مخيون" رئيس حزب النور ملخصا لموقف الحزب من هذه الأزمة، والذي تضمن مقترحات: "بدعم جبهة تحرير أورومو وجبهة تحرير أوغادين" كورقة ضغط على الحكومة الإثيوبية. وكذلك: "هدم أي سد يقام إذا كان فيه خطورة محققة على مصر". وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
Advertisements
الجريدة الرسمية