رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى رحيل شادي عبد السلام.. فنان مصر الفصيح

شادى عبد السلام
شادى عبد السلام

في مثل هذا اليوم عام 1986 رحل الفنان الذي أراد أن يحيى حضارة الجدود ويرسم حاضرا جديدا، إنه المخرج شادى عبد السلام مواليد مدينة الإسكندرية لأب محام صعيدى من المنيا عام 1930.


ولد شادي عاشقا لمصر القديمة التي تأسره روحها وتفاصيلها، تلقى تعليمه في فيكتوريا كوليدج، وتأكدت موهبته حين التحق بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة وتخرج عام 1954 وسافر بعدها إلى إنجلترا لدراسة الدراما.

كما كتب الدكتور خالد منتصر في مجلة نص الدنيا عام 2000: "اختلط شادى عبد السلام بأحلام البسطاء ووجد فيهم حسا وصدقا وروحا خالية من الزيف والتصنع، فقرر أن يصوغ الهم فنا، وفى نفس الوقت كره أن تتحول الحضارة الفرعونية إلى مجرد سبوبة واكل عيش للمرشدين السياحيين والترجمانات والأرزقية والنصابين وقرر أن يحول تلك الاحجار الصامتة إلى شريط سينمائى ينطق ويحكى ويعبر فكانت افلامه التي رصدت التاريخ".

وقبل أن نخوض في أفلامه سنفتح أبواب قلعته السرية التي لا يعرفها إلا محبو فنه وهى تصميم الديكور والملابس والإكسسوارات حتى التقى لقاءه الأول بالمخرج صلاح أبو سيف.

في تلك الفترة صمم مناظر أفلام في أمريكا وإيطاليا وبولندا مثل كليوباترا وفرعون الحضارة، وعمل مع المخرج العالمى روسيللينى الذي كان له الفضل في ظهور فيلمه المومياء اذ توسط عند الوزير ثروت عكاشة وزكى له سيناريو المومياء.

وصمم شادى عبد السلام أيضا الديكور والملابس لأفلام "الناصر صلاح الدين "،"وإسلاماه " و"حكاية حب " و"رابعة العدوية، والخطايا، بين القصرين، المظ وعبده الحامولى وامير الدهاء.وجميعها تنم عن عبقرية شادى عبد السلام.

وقد يندهش القارئ حين يعرف أن ذلك العبقرى بدأ حياته الفنية بتصميم بدلة رقص لتحية كاريوكا، بعدها قرر أن يستجيب لنداهة الفن بداخله ليعمل كمخرج ومؤلف، وكان المومياء تلك التحفة الفنية الفريدة التي اختارها الناقد جورج سادول كأحسن فيلم أجنبي على مستوى العالم سنة 1970.

واستغرق كتابة المومياء وتنفيذه 6 سنوات من العمل الفنى المتواصل، حتى أن شادى أعاد كتابة السيناريو اربع مرات ورغم ذلك لم يعرض في مصر الا بعد خمس سنوات من تصويره بسينما رمسيس، وبعد أن شاهدته الدنيا وطاف العالم.

وجابهت الفيلم مشكلات بدأت برفض الرقابة عرضه بدعوى مهجمته للقومية العربية، وبعد الموافقة عليه تم ركنه في المخازن بدعوى أن فيلم غير جماهيرى.

وابتعد شادى عن السينما الروائية إلى السينما التسجيلية فقدم شكاوى المصرى الفصيح إلى العالم ثم فيلم آفاق عام 1972 الذي أراد به أن يقول إنه برغم ظروف الحرب إلا أن القاهرة تتنفس فن وثقافة.

وانتصرت إرادة الأمة المصرية في حرب 1973 وسارع شادى بتسجيل هذا الانتصار في فيلم "جيوش الشمس " الذي منع التليفزيون عرضه منذ ربع قرن.

وفى عام 1982 أخرج شادى فيلم "كرسى توت عنخ آمون "، ثم فيلم "الأهرامات وما قبلها "عام 1986 وانتهى من تصويره قبل وفاته بأربعة أشهر.
الجريدة الرسمية