رئيس التحرير
عصام كامل

الخائفون من الديمقراطية (2)


يحذرنا البعض من المصير المؤسف الذي يواجه دولا عديدة من حولنا مثل سوريا وليبيا، انهارت لأنها لم تحافظ على وحدة شعوبها، مما منح الآخرين فرص نادرة للتدخل واقتسام الغنائم، ويطالبنا هؤلاء بأن نكف عن الدعوة إلى إطلاق الأحزاب السياسية للعمل بحرية كاملة، وأن يطرح كل منها أيديولوجيته ليختار المواطنون -كل حسب موقفه السياسي- الحزب الذي يعبر بحق عن طموحاته.


يرى الخائفون من الديمقراطية أن تلك المطالب ستشعل الفتن بين أبناء الوطن، مما يؤثر على وحدة الشعب، ويسهل للأعداء في الداخل والخارج اختراق الصف الوطنى الذي انتهت إليه الدول الأخرى، ويتجاهل هؤلاء أن الدول التي انهارت ومنها سوريا وليبيا مارست الديكتاتورية في أبشع صورها، وأن انهيارها لا يرجع إلى الصراع الحزبى والخلافات الأيديولوجية بل العكس هو الصحيح.

وفى سوريا حارب حزب البعث كل الأحزاب الأخرى التي إرادةا مجرد ديكور، وعندما لمس تأثيرها في الشارع ظهر الحاكم الفرد على حقيقته، سجن وقتل وشرد كل من يخالف توجهاته، وانقلب حتى على أقرب من أيدوه، ووجه إليهم الاتهامات بالخيانة العظمى، ويتحمل هذا الحزب المسئولية الكاملة عن انهيار الدولة، وتحويل الملايين من الشعب السورى إلى لاجئين.

وفى ليبيا اعتبر القذافى الحزبية خيانة عظمى، ومارس كل أنواع القمع ضد شعبه المسالم، وتخيل أنه صاحب نظرية ثورية، تهدف إلى تخليص العالم من الظلم، وأنفق المليارات لنشر نظرته العالمية، والتدخل في الشئون الداخلية للدول، ودعم الإرهاب، ويتحمل نظامه ما يجرى للشعب الليبي الآن من اقتتال بين قواه الوطنية، تغذيه دول خارجية لا يهمها سوى ثروات الدولة الليبية، وأن يستمر الاقتتال بين أبناء الشعب إلى ما لا نهاية، وإفشال كل المحاولات التي تبذل للتوصل إلى حلول سياسية.

وأخيرا، وحدة الشعب لا تعنى الانقياد للرأى الواحد ما يدفع الحاكم إلى التسلط على شعبه.. إنما تتحقق الوحدة أن ينظر أبناء الشعب بمختلف توجهاتهم إلى اتجاه واحد يحقق مصالحهم، من خلال تعدد الطرق التي تحقق الهدف ما يثرى التجربة السياسية، ويقدم للشعب فرصة اختيار أفضل الاجتهادات.. الديمقراطية هي الحل.
الجريدة الرسمية