رئيس التحرير
عصام كامل

الاتفاق التركي.. الأوروبي" وجهًا لوجه أمام موجة لجوء "صغرى"

فيتو

ارتفاع قياسي في أعداد راكبي البحر من تركيا إلى الجزر اليونانية في بحر إيجة. والرئيس التركي يهدد بـ "فتح الأبواب". ما سبق يشكل اختبارًا للاتفاق التركي-الأوروبي، فهل يعني هذا أن الاتفاق بات مهددًا بالانهيار؟

عادت قوارب طالبي اللجوء المطاطية لتحط رحالها في جزيرة ليسبوس وأخواتها خيوس وساموس وليروس وكوس بوتيرة مضطردة أعادت إلى أذهان البعض إرهاصات موجة اللجوء الكبرى عام 2015.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فإن 34 ألف شخص وصلوا إلى جزر بحر إيجة اليونانية منذ بداية العام. وبذلك يتجاوز عدد الواصلين إلى اليونان منذ بداية العام، إجمالي من وصلوا إليها في 2018 والذي بلغ عددهم 32500.

كما تعد أعداد العام الحالي الأعلى منذ ثلاث سنوات عندما أغلقت دول طريق البلقان حدودها أمام المهاجرين. وأثار تزايد الأعداد خلال الأشهر الماضية الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام.

تهديدات أردوغان؟
البعض ربط الزيادة في أعداد طالبي اللجوء الواصلين إلى اليونان بالسلطات التركية، مستشهدًا بتهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن بلاده ستضطر لفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين الساعين للوصول إلى أوروبا، في حال عدم حصول أنقرة على مزيد من الدعم الدولي. وقال أردوغان إنه في حال عدم تحقق المنطقة الآمنة "سنضطر إلى فتح الأبواب".

وتساءل أردوغان "هل نحن فقط من سيتحمل عبء اللاجئين؟". وقال أردوغان إن تركيا أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين. وانتقد الغرب، وخصوصًا الاتحاد الأوروبي، لعدم تنفيذ وعوده. ويقيم أكثر من 3،6 مليون لاجئ سوري في تركيا التي طالبت مؤخرا بإقامة "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، يمكن للاجئين أن يعودوا إليها.

من ضمن ما يقصده الرئيس التركي بالوعود هو الاتفاق التركي-الأوروبي لعام 2016. وبموجب الاتفاق تعهّدت السلطات التركية منع الهجرة السرية من أراضيها إلى أوروبا عن طريق اليونان، الأمر الذي أدى إلى الحد من تدفّق المهاجرين واللاجئين، ولا سيما السوريين منهم، إلى القارة العجوز.

ومقابل التعهّد التركي وقف الهجرة السرية إلى أوروبا، تعهّدت بروكسل تقديم مساعدة مالية لأنقرة (ستة مليارات يورو) وتحرير التأشيرات السياحية للمواطنين الأتراك وتسريع عملية التفاوض على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. لكن إردوغان قال إن ثلاثة مليارات يورو فقط وصلت حتى الآن.

ومن جانبها، نفت ناتاشا، بيرتو المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، ما جاء في تصريح أردوغان، وقالت للصحافيين في بروكسل إن الاتحاد الأوروبي قدم 5،6 مليار يورو لتركيا بموجب الاتفاق، وإن "الرصيد المتبقي المقرر سيرسل قريبًا".

كرة "تتقاذفها" الدول
اليوم الأربعاء طالبت منظمة "برو أزول" بنزع فتيل الأزمة: "يتهدد طالبي اللجوء في جزر بحر إيجة بأن يتحولوا إلى كرة تتقاذفها مصالح تركيا واليونان ودول الاتحاد الأوروبي. ويتم تجاهل حقهم بالحماية بشكل ممنهج"، حسب ما ذكر الرئيس التنفيذي للمنظمة غونتر بوركهارت.

مخيم موريا في جزيرة ليسبوس هو الوجهة الرئيسية الأولى التي ينقل إليها القادمون الجدد. يعاني المخيم من الاكتظاظ الخانق، إذ يسكنه نحو 11 ألف شخص في حين لا تتجاوز قدرته الاستيعابية 3 آلاف شخص.

ومطلع الشهر نقلت السلطات اليونانية أكثر من 600 لاجئ من المخيم إلى الداخل اليوناني في عملية شهدت تدافعًا للإسراع بـ"الخروج من هذا الجحيم" على حد وصف بعض طالبي اللجوء.

تقارير إعلامية ومنظمات حقوقية أشارت إلى تدهور في الوضع الصحي والطبي وحالات عنف وتحرش جنسي بالنساء والأطفال. المفوضية العليا للاجئين لفتت إلى أن بعض الفتيات والفتيان القصر يعيشون بدون حماية وهم عرضة للتجاوزات ولمختلف أنواع الاستغلال، والبعض منهم يقيم مع بالغين لا يعرفهم.

واليوم الأربعاء طالبت "برو أزول" الألمانية على لسان الرئيس التنفيذي للمنظمة غونتر بوركهارت ببت عادل بطلبات اللجوء وبنقل طالبي اللجوء القصر إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.

كما شدد تقرير جديد للقناة الأولى في التليفزيون الألماني (ARD) نشر اليوم الأربعاء على موقعها الإلكتروني إلى تدهور الأوضاع في جزر بحر إيجة، منوهًا إلى تعذر تقديم الرعايا الصحية، حتى للأمراض المزمنة وحالات السرطان، إلا في حالات نادرة. وأشار التقرير أنه في شهر أغسطس الماضي لوحده وصل أكثر من 8000 طالب لجوء إلى جزر بحر إيجة.

هل يصمد الاتفاق التركي-الأوروبي؟
حذر خبير الهجرة، جيرالد كناوس، وهو أحد مهندسي الاتفاق الأوروبي-التركي الخاص باللاجئين، من انهيار الاتفاق بسبب ما يحدث على الجزر اليونانية، داعيًا إلى خطة لمساعدة السلطات في أثينا. وطالب الخبير بسرعة البت بطلبات اللجوء خلال أسابيع وإعادة المرفوضين إلى تركيا بأقرب وقت ممكن.

غير أن رئيس مؤسسة هاينرش بول الألمانية في تركيا، المقربة من حزب الخضر، كريستيان براكل، لا يعتقد أن الاتفاق سينهار، مشيرًا إلى أن الطرفين لهما مصلحة كبرى-كما في السابق- بالتمسك به. وأضاف الخبير الألماني في حديث مع "مهاجر نيوز" إلى أن التمسك بالاتفاق فقط من باب عدم وجود خيارات أخرى.

ويرى أن تهديدات أردوغان تأتي لحث الأوروبيين على مساعدة بلاده ماليًا وإيصال رسالة للناخب التركي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يفعل شيئًا ما في ملف اللاجئين في تركيا.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية