رئيس التحرير
عصام كامل

كنتاكي والعزبي!!


الكولونيل "ساندرز"، مواطن أمريكي بسيط بدأ حياته يبيع الدجاج المقلي من مطعمه الصغير الذي أنشأه على جانب الطريق بمقاطعة كنتاكي، وأطلق عليه اسم الولاية، وبعد أن اشتهر فكر في التوسع ومنح حق امتياز لمطعمه (Franchise)، وكان افتتاح أول فرع "كنتاكي" بهذا النظام في 1952.


ثم توسع حتى أصبح دجاج "كنتاكي" الدجاج المقلي أكثر شعبية في مطاعم الوجبات السريعة، وأصبح "كولونيل ساندرز" وجهًا بارزًا في تاريخ الثقافة الأمريكية، ولا تزال صورته تستخدم بشكل واسع في إعلانات المطعم. وقد توسعت الشركة بصورة هائلة مما جعل من الصعب على "ساندرز" إدارتها، لذلك قام ببيعها عام 1964 لمجموعة من المستثمرين، وأصبح لدى كنتاكي عشرات الآلاف من الفروع في كل الدول وفرت فرص عمل بالملايين ويأكل فيها أكثر من مليار مواطن حول العالم.

وفي عام 2013 وصل حجم أرباح كنتاكي، 23 مليار دولار أمريكي، وهذا رقم يتجاوز عائدات مصر من قناة السويس والسياحة والزراعة وتحويلات المصريين في الخارج.

في عام 1947 مواطن مصري افتتح مطعما شهيرا للمشويات على ضفاف النيل بمنطقة وسط البلد بالقاهرة، وكانت تسمى وقتها قصر النيل لإطلالها على النيل مباشرة، وهذه المنطقة كانت تشتهر بأنها أرقى مناطق القاهرة لموقعها السياحى وقربها من الفنادق العالمية.

المواطن المصري كتب على مطعمه بافتخار "ليس لدينا فروع أخرى"، ولذلك بعد نحو 70 عاما من افتتاحه لم تتجاوز فروعه أصابع اليد الواحدة، وكان المفترض أن يكون لديه فروع حول العالم أضعاف "كنتاكي" ولكن هذا هو الاختلاف بين أفكار صناعة الغنى والفقر.

هذه الحكاية الطويلة ذكرتها بمناسبة قرار وزارة الصحة بإغلاق سلاسل صيدليات" العزبي" و"رشدي" والذي ربما يطال نحو 100 سلسلة صيدليات في مصر وكأننا نستكثر على أنفسنا النجاح، وبدلا من تشجيع المستثمر المصري للتوسع داخل مصر وخارجها لمزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وجلب عملة صعبة تدعم الاقتصاد الوطني، نقوم باتخاذ قرارات يكون لها آثار سلبية ليس على أصحابها فقط ولكن على الاستثمار والبلد بشكل عام.

رغم أنه تربطني علاقة طيبة بالدكتور أحمد العزبي وهذا شرف لا أنكره ولكن أنا هنا أتكلم في قضية عامة، وهي تشجيع المستثمر المصري سواء في مجال الدواء أو غيره، تعالوا نتخيل أنه لو لدينا نفس فكر "الكولونيل ساندرز" صاحب سلسلة كنتاكي فكان المفروض أن يكون لدينا عشرات الآلاف من مطاعم "أبو شقرة" حول العالم، وأن يكون لدينا ساندوتش فول وطعمية مصري دولي، وأيضا ماركة ملابس من القطن المصري الأولى عالميا، وكذلك الأيس كريم والجبن والألبان وكل الصناعات في كل المجالات.

كل مشكلة لها مائة حل سواء في مجال الصيدليات أو غيرها، ولكن أحيانا تكون المشكلة في عدم وجود إرادة حقيقية للحل أو تطبيق القانون عند اللزوم، كما أنه في حدود علمي أن السلاسل ليست ملكا لشخص واحد فقط بل هو يقوم ببيع اسمه التجاري لكل من يريد، وهذا لا يأتي إلا بعد مجهود كبير وشاق من العمل والنجاح.

نحن لا يمكن أن نطالب بمخالفة القانون أو نشجع الاحتكار أو التساهل في حقوق المواطن والدولة، ولكن نطالب بعلاج المشكلات بعقلانية حتى لا تؤثر سلبا على بلدنا التي تتعرض للمؤامرات الخارجية والداخلية.

وحسب ما علمت من الدكتور العزبي أن هناك جهودا مخلصة تبذل من الحكومة ووزارة الصحة لوضع حلول عادلة للأزمة تحقق مصالح الجميع، الدولة والمواطنين والمستثمرين، والله الموفق والمستعان لما فيه خير البلاد والعباد
egypt1967@Yahoo.com
الجريدة الرسمية