رئيس التحرير
عصام كامل

القصص المدرسية.. بين شجر الدر وإبراهيم رفاعي


أتفهم أسباب اختيار السيرة الذاتية للدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، رحمه الله، والتي ضمَّنها كتابَه الشهير "الأيام"، ليدرسها طلاب الثانوية في المدارس والمعاهد المصرية؛ نظرًا لما تضيفه لهم من معاني الصبر، والكفاح، واحتمال الصعاب، والقدرة على الصمود، وأيضًا تصوير صعوبة الحياة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما المكفوفين.


لكن ما لم أفهمه، وعجزتُ عن تصور مبرراته، هو اختيار قصص، مثل: "أبو الفوارس- فارس بني حمدان- غادة رشيد-عقبة بن نافع- عمرو بن العاص- أسماء بنت أبي بكر- شجر الدر".. لفرضها على تلاميذ المدارس في مصر، في سنوات متفاوتة، بين الإعدادي والثانوي!

ما الذي تضيفه مثل تلك القصص والروايات المكتظة بالأخطاء التاريخية، والمغالطات السياسية، إلى عقولهم وأفكارهم التي لا تزال في مرحلة التكوين، والتشكيل؟!

 لماذا يقرأ الصغار تفاصيل الخلافات التاريخية، وتتفتح أذهانهم على ذكريات أليمة، ما زالت عقول الكبار تحار بشأنها وتعجز عن تفسيرها، ونعتبرها من المحرمات التي لا يجوز الاقتراب منها، بعد أن شقت صفوف الأمتين العربية والإسلامية إلى فرق وفصائل متناحرة ومتصارعة، بل وسالت بسببها دماء الملايين من الأبرياء، والمذنبين، على مر التاريخ؟!

إذا كان لا بد، فهناك كتب التاريخ، والدين الإسلامي، فيها متسع وزيادة لبسط المعلومات التي يريد واضعو المناهج أن يتحفوا أطفالنا، وشبابنا بها، كما أن عليهم إفساح المجال لسرد قصص النابهين، والعباقرة، والأبطال من المصريين في العصر الحديث، وإلقاء الأضواء على بطولات المصريين في كافة المجالات..

 لماذا لا يدرس أبناؤنا قصص: أحمد زويل- مجدي يعقوب- جمال عبد الناصر- محمد نسيم (أسطورة المخابرات)- يوسف السباعي- الشيخ محمد رفعت- أم كلثوم- محمد العباسي (أول جندي رفع العلم على أرض سيناء)- عبد المنعم رياض- أحمد بدوي- أحمد المنسي(شهيد الإرهاب) محمد رشوان (بطل الجودو)... وغيرهم ألوف..

المصريون بارعون في كل المجالات، فقط نحتاج لمن يميط اللثام عنهم، ويكتب التاريخ بصورة حقيقية وصحيحة، وكفانا خداعًا وتزويرًا؛ فقد نجح الإرهابيون، وجماعات الدم، وفي المقدمة منها الإخوان.. في تزييف الحقائق والوقائع، لدرجة أن الأجيال الحالية لا تكاد تعرف ماذا قدم عبد الناصر، مثلا، لمصر والأمة العربية، والعالم أجمع!

هم لا يعرفون بطولات الجيش المصري في مختلف الحروب: 1948-1956- 1967- حرب الاستنزاف- 1973، وهذه مهمة القيادات الحالية في المواقع السياسية والتنفيذية.. مهمة الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، والدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة.

هناك مثلًا، كتبٌ للصديق العزيز، الكاتب والمؤرخ المعروف محمد الشافعي، عن إنجازات وتضحيات الكثيرين من الأبطال العظام، مثل: الشهيد إبراهيم الرفاعي(بطل الصاعقة) وأسطورة الكفاح ضد الإسرائيليين، والذي أذَلَّ أعناق المحتلين في حروب 67، والاستنزاف، واستُشهد في حرب أكتوبر 73.. في الأيام الأولى منها، وكان لاستشهاده قصةٌ تشبه حكايات الأولياء الصالحين، وسيكون من المفيد جدًّا لأبنائنا أن يتعلموها، ويدرسوها، مما سيعمق قيم الانتماء وحب الوطن، والفداء والتضحية والشرف، وبذل العرق والدم والجهد في سبيل رفعة مصر، وتطهير أرضها الطاهرة من أي محاولة لتدنيسها.

أدعو وزير التربية والتعليم لتبني فكرة تغيير القصص المدرسية لتكون معبرة عن واقع مصر، وتميزها، وعبقرية أبنائها، وعلو شأنهم، وإنجازات علمائها، وطموحات شعبها، وبطولات رجالها، وتضحيات شبابها في جميع المجالات: عسكريًّا.. علميًّا.. ثقافيًّا.. اقتصاديًّا.. رياضيًّا.. فنيًّا... إلخ.

لا شك أن ذلك سيؤدي إلى دحض ادعاءات الإرهابيين، وتفنيد دعاوى كارهي الوطن، وفضح أكاذيب أعداء الكنانة، وكشف مؤامرات تزوير التاريخ، وإلصاق الاتهامات المغرضة بالقادة الشرفاء والمخلصين.
الجريدة الرسمية