رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: غاوي شغل

احسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس

في مجلة روز اليوسف عام 1960 وبعد صدور قرارات تأميم الصحافة في مايو 1960 وطالت دار روز اليوسف التي كان يمتلكها إحسان عبد القدوس وأسستها والدته السيدة فاطمة اليوسف كتب مقالا، يقول فيه:

"يربطنى إلى مكتبى ثماني عشرة ساعة يوميا.. لكني تعبت، تعبت من عنادي، إنى أحس بعمري ينزف مني، أشعر بأعصابي تحترق، وأكاد أشم رائحة الشياط تنبعث من تحت جلدي.. أريد أن ألعب، أريد أن انطلق بلا مسئوليات، وبلا هموم، لكن مصيبتى أنى كلما أغمضت عينى يظل عقلى يقظا تنعكس عليه المرايا وتزغلله".

قال لى الدكتور زكي سويدان في التليفون: فوت على أحسن لك بعدين سوف تضطر تفوت على دكتور مجانين.

هل أجن؟ يا ريت، إني على الأقل أستطيع ساعتها أن أترك مكتبى هذا وأستريح.

"إنى لم أكن أبدا هكذا، لم أكن أبدا غاوى شغل، لقد كانت والدتى تقول عنى دائما إنى لعبي، وقد أقفز من سور المدرسة كل يوم، وكنت أزوغ من الحصص وأجلس أدخن السجائر في ملعب التنس".

"كنت مشهورا في العباسية بأنى ثورجى ورغم ذلك كنت أنجح في الامتحانات.. لا لأنى غاوى مذاكرة ولكن لأنى عنيد، لما كبرت بدأت أشعر بثقل في عينى، أشعر بزغللة المرايا، ولم أذهب إلى طبيب لأني أعلم أن الزغللة التي أشعر بها ليست في عينى ولكنها في رأسي".

"إن هناك مجموعة من المرايا مسلطة على رأسى كلها في وقت واحد، وكلها تتحرك في وقت واحد وبسرعة، وتعكس على ذهنى أضواء حمراء وخضراء وصفراء.. أضواء تحرك دمى.. كتابة، مقابلات وشئون المجلة واحوالى العائلية.. ثماني عشرة ساعة في اليوم لا تنقطع خلالها الزغللة.. فلماذا أتحمل كل ذلك؟".

إن حالتى الآن أحسن، وآسف إذا كنت قد تحدثت عن نفسى، ولكنى كنت محتاجا لأن أشكو إليكم أحبائى.
الجريدة الرسمية