رئيس التحرير
عصام كامل

ونشتكى من ضيق الرزق!


أمس ذهبت إلى أحد بائعى الفاكهة وسألت البائع عن أخباره وأخبار السوق، وإذ به يشتكى من ضيق الرزق، وأن الزبائن تقل ولا يعرف ماذا يفعل، واحتمال أن يغلق أبوابه قريبا، سألته عن الأسباب قال لا أعلم، قلت له استمر واصبر والله الرزاق الكريم.


سألته عن سعر الخوخ وإذ به يقول إن هناك خوخا محليا وسعره ١٥ جنيها وخوخا مستوردا وسعره ٣٠ جنيها. طلبت منه ٣ كيلو وأعطيته الثمن ٤٥ جنيها، وإذ به يقول إن المطلوب ٦٠ جنيها لأن الكيلو سعره ٢٠ جنيها. اندهشت وقلت له: "أنت قلت إن سعر الكيلو ١٥ جنيها من دقيقة فاتت"، قال إن ذلك لم يحدث أبدا وأنه قال إن السعر ٢٠ جنيها، وسارع بالنداء على زميله ليقول له ما هو سعر الخوخ.. قال زميله ٢٥ جنيها للكيلو!

قلت له لقد ارتفع سعر الكيلو من ١٥ جنيها إلى ٢٠ جنيها إلى ٢٥ جنيها قبل أن أحاسب على ما اشتريت.. أين الأمانة؟

قال أحد المساعدين له إن السعر هو ٢٥ جنيها ونظرًا لاننا عاملين تخفيضات فالسعر ١٥ جنيها.. يسارع البائع ويقول السعر هو ٢٠ جنيها وليس ١٥ جنيها! ويدخل في الحديث مساعد له آخر ليقول إنه افتكر أننى أتكلم على المشمش واختلط عليه الأمر.

وعاود البائع بالحديث ليقول إن الأسعار زادت وكل حاجة زادت لازم الأسعار عندنا كمان تزيد وهى لن تفرق مع معاليك.

كنت في هذا الموقف لا أدرى ماذا أقول لتاجر لم يراع الأمانة مع الناس، ويساعده الآخرون على السير في طريق المكسب الحرام، بل ويبررون الأمر بكل إيمان وصوت عالٍ، وكل منهم بطريقته المختلفة وأنا اتفرج عليهم وأعلم أنهم كاذبون.

سألته لو أنت مكانى مشتريا وأنا البائع وهؤلاء مساعدينى هل ستعود إلى هذا المكان مرة أخرى.. قال لا.. قلت له حقيقة إنها آخر مرة سأقوم بالشراء منك، وهذا هو سبب ضيق الرزق الذي حدثتنى عنه في البداية.

إنها الأمانة التي ضيعناها ونريد أن يرزقنا الله، البعض منا يسرق في الميزان ويغش في المعاملات، ويعتقد أنه بذلك قد يحقق ربحا إلا أن الواقع مخالف تماما لتوقعات هؤلاء، فمن يشترى لمرة واحدة لا يعود أبدا، بل يستطيع أن يمنع نفسه من الشراء أو يذهب للتاجر الأمين ولو كان بعيدا، بدلا من الذهاب للتاجر غير الأمين ولو كان قريبا.

ليتنا نتعلم أننا يمكننا أن نحقق مكسبا من الزبائن سنوات طويلة بدلا من أن نغشهم لمرة واحدة لن تتكرر مرة أخرى، والخاسر هو التاجر الذي يشكو من ضيق الرزق وهو السبب في ذلك دون أن يدرى.

إننا أمام حالات متكررة من الأمانة الضائعة، ولا بد من إعلان السعر على المنتجات، ولا بد أن يقوم المسئولون بمراقبة الأسعار، ووضع عقوبات رادعة تحول دون استغفال المشترين وحتى لا يتم تضليل الناس والبيع بأكثر من سعر، وللاسف كان ذلك لمشترٍ واحد.. كنت أنا.
الجريدة الرسمية