رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهاء الدين يكتب: إسرائيل أولا أم قناة السويس؟

أحمد بهاء الدين
أحمد بهاء الدين

في مجلة صباح الخير يوليو عام 1956 كتب الصحفى أحمد بهاء الدين مقالا قال فيه:

هذا سؤال ألقاه الاستعمار في سماء العرب، ظهر هذا السؤال في صحف الاستعمار، وعلى لسان أذنابه عندما أفزعهم الالتفاف العربى حول قضية قناة السويس عندما صوب الاستعمار إليها حرابه.

حكمة إلقاء هذا السؤال هي نفس الحمة في اعتداءات إسرائيل المسلحة على الأردن، والذين يطرحون السؤال يؤدون نفس الدور الذي يؤديه جنود إسرائيل عندما يقتلون العرب ألا وهو زعزعة الصفوف وتفكيك الوحدة.
إن قضية إسرائيل قائمة منذ زمن بعيد وقد شهد الشرق العربى أحداثا كثيرة.. كالثورة في مصر، وسقوط الشيشكلي في سوريا ومؤتمر باندونج وجلاء الإنجليز من مصر ومشروع الوحدة بين سوريا ومصر وتأميم القناة.

كانت هذه أحداث هامة دعمت صفوف العرب وأثارت غضب الاستعمار علينا، فهل كان مطلوبا أن يتجمد تطور البلاد العربية وتحررها في كل الميادين.. لأن مشكلة إسرائيل ما زالت قائمة؟ 

إن كل تطور يقوى البلاد العربية ويدعم استقلالها هو جدار في وجه تمدد إسرائيل وخطوة نحو خنقها وعندما نرجع إلى الأسباب الأساسية لهزيمة فلسطين فإننا نجدها في الاستعمار، في سيطرته على تسليح جيوشنا وتآمره مع القادة والحكام الذين يعيشون على مصالحه، فكل بلد ينزع هذا الشوك من لحمها لاتكون بذلك قد انصرفت إلى معركة داخلية خاصة بها، إنما هي تطهر الجسد العربى كله.

ثم تعالوا ننظر إلى أصل مشكلة قناة السويس، إن حملة الدول الاستعمارية علينا ليس سببها تأميم قناة السويس، لكن الغرض منها تدمير سياسة مصر الاستقلالية الحيادية التي برزت بقوة في رفض حلف بغداد وعقد صفقة الأسلحة.

الدول الاستعمارية تريد تدمير مصر وسياسة مصر فعمدت إلى سحب عرض السد العالى والتشهير بسمعة مصر المالية الأمر الذي أدى إلى تأميم القناة.
فهل يذكر الأذناب لماذا عقدت مصر صفقة الأسلحة؟
لقد عقدتها عندما اعتدت إسرائيل على مصر، عقدتها لكى تقلب ميزان القوى في الشرق العربى إلى صالح العرب بعد أن كان في صالح إسرائيل.
إن مصر لا تتعرض للخطر بسبب قناة السويس أنها تتعرض للخطر بسبب السياسة التحررية وبعث القومية العربية وكسر تفوق إسرائيل العسكري، فليعارض المعارضون هذه السياسة صراحة. فليقولوا إنهم ما زالوا يؤمنون بضرورة التبعية للغرب.. الغرب الذي أوجد إسرائيل.
الجريدة الرسمية