رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إحسان عبد القدوس يكتب: ريفنا الجميل

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

في مجلة روز اليوسف عام 1958 كتب إحسان مقالا عن الريف المصرى بعنوان (ريفنا المنضبط) قال فيه:

إذا غادرت القاهرة من أي اتجاه ستجد نفسك بعد عشر دقائق في عالم آخر.. عالم ليس له مما في القاهرة نصيب.


وقد غادرت القاهرة لأقضى يوما في الريف القريب.. في العالم الذي نجهله، أن كل شيء هناك هادئ.. السماء هادئة، والأرض هادئة، والزرع هادئ، والناس قد اختفت سيقانهم تحت الجلاليب فلا تدرى أن كانوا واقفين أو سائرين.

وستجد حمار ينهق بحرية دون أن يغطى على نهيقه نفير سيارة، ورجل ينام على جانب الشارع دون أن يخاف الأقدام.

كل شيء منضبط.. ترفع رأسك إلى السماء فلا تصطدم عيناك بعمارة، أو بأسلاك الترام.. ليس فوقك إلا الله، وتجرى هنا أو هناك فلا تصطدم بعامود نور أو كشك لبيع السجائر لا يحد حريتك إلا الأفق.

الوجوه هادئة، تبتسم للفقر وتواسى البلهارسيا، وتصادق الجهل، وفأس يرتفع ثم يهوى كأنه يتبادل مع الأرض الأحضان.

وثور يدور في ساقية كأنه يلعب لعبة (دوخينى ياليمونة) ويغطى عينيه حتى لا يدوخ.. أن الذين يغطون أعينهم هم الذين يدوخون.

وفتاة تحمل على رأسها جرة ماء كأنها تتباهى بقبعة جديدة، والقمح أخضر، والفول أخضر، والبرسيم أخضر، وشيخ يجلس بجوار ضريح وفوق رأسه عمامة خضراء.

وعدت من الريف إلى القاهرة.. القاهرة المدللة.. التي تكسو وجهها بالاصباغ كأنها مدينة اشترك في بنائها "ماكس فاكتور" وإليزابيث أردن والشبراويشى.
Advertisements
الجريدة الرسمية