رئيس التحرير
عصام كامل

أوراق من ذاكرة مصور اغتيال السادات.. قناص اللحظات الصعبة

فيتو

«استطعت تصوير كل ما حدث بالمنصة، ذهلت من الموقف وبكيت كثيرا، وحاولت تمالك أعصابي، حتى تمكنت من التقاط كافة الصور، وبدأت الحكاية عندما كان يقف جميع المصورين فوق أحد الأبراج الخشبية المتواجدة بالقرب من منصة الاحتفال بمنطقة النصب التذكاري للجندي المجهول بشارع النصر».. في جعبة الراحل المصور الكبير مكرم جاد الكريم كبير مصوري جريدة الأخبار، والذي وافته المنية أمس الخميس، عن عمر يناهز 80 عامًا، في دار الرعاية الملحقة بكنيسة السيدة العذراء في منطقة الزيتون، الكثير من الذكريات والشواهد التي لم يفصح عنها عن حادث اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، في احتفالات أكتوبر 1981، والمعروف إعلاميًا بحادث «المنصة».


المصور الفذ
مشاعر متضاربة بين المواطن المصري المعاصر للأحداث، وبين المصور الذي عليه أن يوثق لحظة تاريخية حرجة من عمر الوطن، تبقى في ذاكرة الأمة وتتناقلها الأجيال.. تفاصيل ظلت محفورة في ذاكرة المصورة الفذ، يرويها مع كل مناسبة عن اليوم المشهود.

وقال مكرم في حوار سابق مع "فيتو" : «بقيت في مكاني، وفجأة تعطل موتوسيكل أمام المنصة، وبعد قليل جاءت دبابة ووقفت أمام المنصة ووجه قائدها ماسورة إطلاق النار في اتجاه الأرض وهذا يعني تحية للرئيس ثم سارت في طريقها، وبعد قليل جاءت دبابة أخرى وتعطلت أمام المنصة أيضًا».

وأضاف:«ثم جاءت سيارة نقل جنود من قوات العرض تجر مدفعا خلفها وتحمل 4 جنود والضابط والسائق في المقدمة، ووقفت فجأة أمام المنصة ولم يلتفت إليها أحد لأن الجميع كانوا رافعين رؤوسهم إلى أعلى يتابعون إسقاط المظلات في نفس التوقيت، وإذ بأحد الجنود داخل السيارة يوجه سلاحه ويطلق النار على الرئيس فيرديه قتيلا.وتوجه آخر وألقى قنبلة على المنصة ولكنها لم تنفجر، وأصيب الجميع بشلل مؤقت»

45 صورة للحدث
لحظة الاغتيال السادات كان «جاد كريم» وقتها على المنصة الخشبية المخصصة للمصورين وترتفع مسافة متر ونصف المتر إلى الجانب الأيمن للمنصة والتقط الصور المتلاحقة لهذا الحدث الهائل من خلال 4 كاميرات، فلم يكن هناك وقت لتغيير أفلام التصوير، وتمكن من التقاط 45 صورة للحدث لحظة بلحظة.

واقعة الشراب
وتابع: « رأيت رجال الأمن يلقون القبض على بعض المصورين ويأخذون منهم الكاميرات ويصادرون الأفلام، وبسرعة البرق أخرجت الأفلام من الكاميرات بعد تصويرها وأخفيتها في «الشراب» وأعطيت أفراد الأمن أفلاما فارغة وانطلقت بكل سرعة إلى جريدة «الأخبار» التي انفردت في اليوم التالي بصور صادمة للحظات اغتيال الرئيس السادات، ونقلت كل صحف ووكالات أنباء العالم صور «الأخبار» التاريخية.. وظلت هذه الصور حتى الآن المرجع الأول لجميع الوكالات ودور النشر التي تتناول الحدث التاريخي إلى يومنا هذا".

جندي العلم
مكرم جاد الكريم، المعروف بقناص اللحظات الصعبة، حيث لم يقف تاريخه عند حادث المنصة، بل عمل مراسلا حربيا ومصورا عسكريا بـ"أخبار اليوم"، وغطى حرب اليمن، وحرب الاستنزاف، وحرب تشاد، وحرب الخليج، وحرب أكتوبر، وكان أول صحفي يدخل الجبهة في سيناء ويسجل لمصر لحظات الانتظار، وتكون صورة الجندي الرافع أصابعه بعلامة النصر من أشهر صور الحرب المجيدة من على شط قناة السويس وتسجل العبور.

حاصد الجوائز
جاد الكريم حاصد الجوائز، فهو الحاصل على ما يقرب من 30 جائزة محلية ودولية ومنها: جائزة "وورلد برس فوتو" عن صوره لاغتيال السادات وهو المصري الأول الذي يحصدها، وجائزتين من نقابة الصحفيين 1987 و1988، وجائزة التفوق الصحفي من نقابة الصحفيين 1981، وجائزة أحسن صور صحفية في حرب البوسنة 1986 من القوات المسلحة، وجائزة القوات المسلحة لأفضل صور صحفية عام 1993، كما فاز بـ4 جوائز عالمية من هولندا، وجائزة من النادي الصحفي الأمريكي فيما وراء البحار.
الجريدة الرسمية