رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عباس محمود العقاد يكتب: ميدان التسعيرة

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

في جريدة الأخبار عام 1956 كتب الأديب عباس محمود العقاد مقالا تحت عنوان (ميدان التسعيرة) قال فيه:

لاحظ بعض النقاد الرياضيين أن لاعب الكرة المصرية يفوق غيره في براعة اللعب، ولكن الفرق المصرية تنهزم أحيانا أمام الفرق التي لا تساويها في براعتها.


ذلك لأن اللاعب المصرى يحب الانفراد بالإصابة ولفت الأنظار ولا يلعب متعاونا مع زملائه في الملعب حيث يسود لعبه روح الأنانية وحب الانفراد.. وآه لو اعتمد على لعب الجماعة ما كنا نخسر أبدا.

وما يقال على لاعب الكرة المصرى يمكن أن يقال عن كل ميدان في ميادين الحياة المصرية ولا يقصرها الناقد على ميادين الألعاب.. وأولها ميدان البيع والشراء، أو ميدان التسعيرة الذي يكثر عليه الكلام هذه الأيام، فكل شار يحسب أنه هو الشارى الوحيد ليقول لنفسه ماذا تجدى المحافظة على التسعيرة من فرد واحد إذا كان الآخرين يخالفونها ولا يحافظون عليها؟ اعتقادا منه أنه لن يكون للفرد الواحد تأثير.

سيفشل بيننا كل عمل اجتماعى ما دام كل منا يقول لنفسه هذه الكلمة، وسينجح بيننا كل عمل اجتماعى إذا نسيناها كل النسيان وتذكرنا شيئا واحدا وهو أن نعمل ما يجب عمله ولا نسأل أنفسنا عن عمل الآخرين.

منذ سنوات كنت مع صديقى الجيلاوى نشترى فاكهة من مكان بجوار ديوان البريد فزاد البائع عن سعر الأقة قرشا وأصر على هذه الزيادة وكان الجو قائظا والسير صعب في الشارع، قلت لصديقى نركب عربة إلى شارع سليمان باشا فهذا الصنف يباع هناك بالتسعيرة، قال وأجرة العربة إلا تساوى أضعاف الفرق المطلوب؟

قلت ولكن أجرة العربة ثمن المحافظة على السعر وليست ثمنا للفاكهة يدخل جيب المخالفين المغالين للأسعار.

ومن هنا أعتبر نفسى واعتبر كل مصرى مسئولا عن التسعيرة قبل الشرطى وقبل الحكومة وقبل مفتش التموين.. إنهما يؤديان وظيفة ولا يصابان بالخسارة إلا إذا دخلا في عداد الشراة، وأما الشارى فهو الذي يصاب بيديه من كل مخالفة يشترك فيها وليس أيسر عليه من اجتناب هذه المخالفة ولو استغنى عن السلعة المطلوبة يوما أو بضعة أيام.

أن ضرر الاستغناء عن السلعة أهون من ضرر الاستغلال الذي ينطلق من عقاله غير مكبوح بيد القانون ولا بيد المجنى عليه الخاسر في النهاية.
Advertisements
الجريدة الرسمية