رئيس التحرير
عصام كامل

"وردة" وعقوبته!


أنا مندهش لرد فعل البعض على القرار الذي اتخذه رئيس اتحاد الكرة المصري باستبعاد اللاعب "عمرو وردة" من المنتخب للأبد، وليس من معسكره الحالى فقط.. فهؤلاء لم يقبلوا هذا القرار، واعتبروه قاسيا ومبالغا فيه، ولا يَصب في مصلحة المنتخب الذي يخوض بطولة أفريقيا ويتطلع إلى أن يحرزها وينالها!.. ويرون أنه لا يهمنا سلوك اللاعب ما دام لا يؤثر على أداء منتخبنا في هذه البطولة.. فليفعل ما يشاء ويروق له كإنسان!


فهذا يعكس خللا في منظومة القيم، ويتبنى نهجا ميكيفيليا.. كأن الأخلاق تتجزأ.. وكأن المصلحة تبرر التغاضي عن الكبائر من الأخطاء!.. وكأن الخطأ الذي ارتكبه اللاعب كان بسيطا، ولم يحدث داخل معسكر الفريق المصرى، والذي تحكمه ضوابط وقواعد سلوكية، وفيه يلتزم اللاعبون بتوجيهات وتعليمات إدارة المعسكر، حتى يحظون بأكبر قدر من التركيز في المهمة التي قبلوا عن رضا وطيب خاطر أن يقوموا بها، خاصة وأن ملايين المصريين يتطلعون إلى نجاحهم في هذه المهمة..

ولعلنا ما زلنا نتذكر كيف أدت الفوضى وعدم الانضباط في معسكر منتخبنا الوطنى في روسيا أثناء مسابقة كأس العالم إلى خسارتنا كل المباريات التي خضناها، وإحرازنا المركز الأخير في مجموعتنا وتسجيل أسوأ نتيجة في مشاركاتنا الثلاث في كأس العالم.

ربما تصلح تبريرات من قبيل أن كل إنسان حر في سلوكه ما دام يؤدى عمله.. لكن في حالة اللاعب "عمرو وردة" تحديدا لا يصلح هذا التبرير، لأن هناك ثلاثة لاعبين آخرين كانوا على وشك تقليده ومجاراته.. أي أن الخطأ الشخصى كما يراه هؤلاء كاد أن يتسع ليتحول إلى خطأ غير فردى مما كان سيضر بالقطع المنتخب.. وهكذا حتى المصلحة اقتضت عقاب اللاعب ردعا له وزجرها لغيره، والاهم لحماية المنتخب من خطر تشتيت انتباه لاعبيه عن مهمتهم الأساسية، وهى إحراز كأس أفريقيا.

وأنا هنا لن أتحدث مثلما فعل آخرون على مواقع التواصل الاجتماعى عن والد اللاعب الذي اخترع لنا الشورت الإسلامى في ملاعبنا.. كما لن أتحدث أيضا عن أخطاء مشابهة ارتكبها اللاعب "عمرو وردة" سواء في منتخب الناشئين أو مع أحد الأندية التي احترف فيها وكلفه ذلك فقدان الكثير.. وإنما سوف أنبه فقط هؤلاء الذين رأوا أن عقوبة اللاعب قاسية ومبالغ فيها، إلى أنه لولا هذه العقوبة لتعرض المنتخب لأزمة كبيرة كان يمكن أن تعصف باستقراره وتركيز اللاعبين، وتفتح الباب لمزيد من الفضائح السلوكية. 

ويجب ألا ننسى أن هؤلاء اللاعبين، مثلهم كالفنانين، هم لدى قطاع واسع من الشباب مثل عليا تحتذى في السلوك، ويقلدون حتى الملابس التي يرتدونها وقصات الشعر، ولكنة الصوت وطريقة الضحكات، وسكوتنا على خطأ اللاعب هو تشجيع لنا للتحرش مجتمعيا مادام يتم بعيدا عن مجال العمل!

أما القول بأنه كان الأفضل الاحتفاظ بسرية عقوبة اللاعب، فإنها فضلا عن استحالة ذلك في عصرنا هذا، فالإعلان عنها جزء من العقوبة التي نتمنى أن تطال كل من يشارك في العمل العام وبرتكب أخطاء أخلاقية وسلوكية.

الجريدة الرسمية