رئيس التحرير
عصام كامل

كيف خسر "طارق شوقي" قضية "محمد سعد"؟


يُقاس تقدم الأمم وتحضرها في العصر الحديث بمؤشرات عديدة، ولكن أهمها المقياس الدال على الرقي، وهو احترام ميزان العدالة المتمثل في احترام القوانين وأحكام القضاء واجبة النفاذ.


وغني عن البيان أن الأمم المتقدمة تنحني حكوماتها إجلالً لتلك الأحكام، أما الدول التي تأتى في آخر الركب فهي التي تعصف بالأحكام والقوانين، ولعل الناظر إلى بلادنا الحبيبة يجد احترامًا للقوانين وحجية الأحكام عدا الوزير العاق "طارق شوقي"، الذي عصف بفكرة الأحكام وحجيتها وجعل الحكومة في مأزق قد ينال من سمعتها.

بتاريخ 9 سبتمبر 2018 أقام "طارق شوقي" بصفته وزيرًا للتربية والتعليم إشكالًا ضد "محمد سعد" مدير تعليم البحيرة تم إيداعه سكرتارية محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طلب في ختامه وقف الحكم الصادر في الدعوى رقم 46260 لسنة 71 قضائية بشأن عودته لرئاسة الإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص والرسمي لغات بديوان الوزارة، لحين الفصل في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا.

وقال "طارق شوقي" شرحًا للإشكال أن المستشكل ضده "محمد سعد" أقام الدعوى رقم 46260 لسنة 71 قضائية وطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء القرار رقم 97 لسنة 2017 فيما تضمنه من ندبه إلى وظيفة مدير مديرية التربية والتعليم بالبحيرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودته إلى وظيفته الأصلية المعين عليها بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 2432 لسنة 2016، لاستكمال مدة وظيفته مع إلزام وزارة التربية والتعليم بتعويض مقداره مليون جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار.

وتداولت الدعوى بجلسات المحكمة لنظر الشق العاجل منها، وبجلسة 29 أغسطس 2017 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بقبول الدعوى شكلًا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 97 لسنة 2017 فيما تضمنه من ندب "محمد سعد" لشغل وظيفة مدير مديرية التربية والتعليم بالبحيرة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المحكمة وزارة التربية والتعليم بسداد مصروفات الدعوى.

وأضاف "طارق شوقي" أن الحكم المستشكل فيه صدر مشوبًا بعيب مخالفة القانون والفساد في الإستدلال، لأسباب حاصلها أن القرار موضوع الحكم المستشكل فيه تم إلغاؤه بموجب القرار رقم 307 لسنة 2017، وأن من شأن تنفيذ الحكم المستشكل فيه على النحو الذي يريده الحكم المستشكل ضده "محمد سعد" فيه مساس بالمراكز القانونية لآخرين وامتداد أثر الحكم لغير أطراف الخصومة، وأنه تم الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا.

وقالت محكمة القضاء الإداري بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا إن المستشكل "طارق شوقي" يطالب بالحكم بقبول الإشكال شكلًا، وبوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 29 أغسطس 2017 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4626 لسنة 71 وإلزام المستشكل ضده "محمد سعد" المصروفات.

وشددت المحكمة أن قضاء المحكمة الإدارية العليا استقر على أن الأصل في قبول الإشكال في التنفيذ، سواء كان يطلب وقف تنفيذ للحكم من حجية لا يتأتى المساس بها على أي وجه إلا من خلال طريق من طرق الطعن المقررة قانونًا، وفقًا لما جاء في حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1265 قضائية عليا جلسة 24 يونيو 1990.

وأوضحت محكمة القضاء الإداري أن المستشكل "طارق شوقي" يؤسس إشكاله الماثل على أسباب حاصلها أن القرار موضوع الحكم المستشكل فيه تم إلغاؤه بموجب القرار رقم 307 لسنة 2017، وأن من شأن تنفيذ الحكم المساس بالمراكز القانونية لآخرين، وأن مدة الندب قد انتهت والحكم المستشكل فيه تم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا.

انتهت المحكمة إلى أن ما ذكره المستشكل "طارق شوقي" كأسباب للإشكال في الحكم المستشكل فيه لا تمثل أسبابًا لاحقة عليه جدت بعد صدوره وتشكل عقبة في تنفيذه، وإنما هي في حقيقتها أسباب للطعن على الحكم المستشكل فيه بغير الطريق الذي رسمه القانون، أراد به المستشكل إعادة طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم المستشكل فيه، فضلًا عن المساس بما له من حجية لا يتأتى المساس بها على أي وجه من الوجوه، إلا من خلال ولوج طريق من طرق الطعن المقررة قانونًا، ولذلك يكون الإشكال الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون جديرًا القضاء برفضه، وقضت المحكمة برفض الإشكال وألزمت المستشكل "طارق شوقي" بصفته وزيرًا للتربية والتعليم بالمصروفات.. وللـحـديـث بـقـيـة.

الجريدة الرسمية