رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ سلامة الريدي: القارئ والمبتهل المصري ما زال متربعًا على العرش في الوطن العربي


  • تقدمت للإذاعة ـكـ«قارئ» وتم اختيارى مبتهلا بعدها بـ 30 عامًا
  • إعاقتي حجمت طموحي.. والمُبتهل المصري الأفضل عربيا
  • ـ«البهتيمي ومصطفى إسماعيل وشعيشع» أعظم من سمعتهم يقرأون القرآن

أكد الشيخ سلامة الريدي، المبتهل بالإذاعة والتليفزيون، أن «الكتاتيب» هي أفضل مكان لتحفيظ القرآن بأحكامه الصحيحة، مناشدًا وزارة الأوقاف بتفعيلها بالمساجد مضيفًا:«أن جميع قراء الوطن العربى حفظوا القرآن في الكتاتيب»، وأشار «الريدي» المعروف بـ«صاحب الحنجرة الذهبية» إلى أن ظروف إعاقته البصرية، كونه «كفيف» منعته من السفر لإحياء ليالي رمضان خارج مصر، رغم تفوقه في الاختبارات على زملائه.. وإلى نص الحوار

ـ ما ظروف نشأتك وفقدانك لنعمة البصر؟
ولدت بعد وفاة والدي بأشهر قليلة، في أسرة بسيطة بقرية الشيخ حرب، بمركز إهناسيا، بمحافظة بني سويف، مكونة من 7 أبناء، بينهم ثلاثة على قيد الحياة، وفقدت نعمة البصر، وأنا في الرابعة من عمري، إثر واقعة تفسر بـ«الحسد» حيث كنت طفلًا جميل الوجه، ذا شعر أصفر وعينان خضراويين، وفي أحد الأيام ذهبت مع أمي للسوق، وقابلتنا إحدي السيدات، وإذ بها تتغزل في جمال عيناي وشعري، وأرحت رأسي على كتف أمي، لأرفعها فاقدًا للبصر بعد أن «تصفيت» عيناي قبل وصولي لمنزلنا بالقرية.

ـ وكيف اتجهت للقرآن الكريم؟ ومن صاحب الفضل عليك في حفظه؟
أصحاب الفضل على الشيخان تمام على سعيد، صاحب الكتاب وكان يأتي لي المنزل، وكذلك الشيخ أبوالمجد مصطفى، قارئ القراءات العشرة، الذي علمني الأحكام، فبعد أن فقدت بصري، اتفقت مع والدتي على أن أأخذ القرآن الكريم طريقًا لي، والتحقت بكتاب الشيخ تمام على، رحمه الله، وأنا في السادسة من عمري، وبدأت معه حفظ القرآن، إلى أن وصلت لسن الثانية عشرة فذهبت للشيخ أبو المجد، بقرية العواونة، واستمررت معه لمدة عام، أقيم معه وأذهب معه للغيط ولعمله في «صناعة الطعمية»، وخلال هذا العام أتممت على يديه تعلم أصول القراءة والتجويد والأحكام الصحيحة.

وما الأصوات التي كنت تواظب على سماعها؟
كنت أسمع القرآن الكريم، في الإذاعة، وكنت أفضل أن أسمع تلاوة الشيخ كامل يوسف البهتيمي، لخشوعه في قرأة القرأن «كنت بحس أنه يبكي وهو يقرأ» ومصطفى إسماعيل، قراءته كان توصل الآية إلى قلبك مباشرة، وكذلك الدكتور أحمد نعينع، أحد القراء العظماء، فكنت أعشقهم وأعشق تلاوتهم.

ما حكاية دخولك الإذاعة واعتمادك مبتهلا؟
قدمت للإذاعة أول مرة كقارئ للقرآن، عام 1967 بعد أن اكتشفني الشيخ محمود الحصري، عندما جاء للعزاء، وأخذ اسمي، وقال لي «تحب تدخل الإذاعة» فأجبته «مين يطولها؟» وبعدها بأيام جاءني خطاب بطلب الحضور للاختبار، وعندما توجهت للإذاعة كان الشيخ الحصري مسافرًا لباكستان، لم أنجح في الاختبار، أمام لجنة مكونة من الشيوخ «رزق خليل والدكتور كامل البوهي» وأعطوني مهلة سنة للأداء والتطبيق، وبعد عام عاودت الاختبار مرة أخرى، وكنت قد اتفقت مع الشيخ عبدالفتاح أبوالخير لمساندتي، وعندما توجهت للإذاعة فوجئت بسفره للصومال، فأحسست بالإحباط ولم أتقدم للاختبار أمام اللجنة، لإحساسي بصعوبة الاختبار، رغم علمي بعدها من شيوخ كبار أنهم دخلوا الاختبارات 11 مرة، منهم عبد العزيز على فرج والشيخ الطبلاوي.

وماذا حدث بعد ذلك؟
في عام 1998 وأثناء قراءتي في عزاء بقرية «المسيد» قابلني والد مدير البرامج الدينية بالقناة الثانية، حين ذاك، وطلب مني التقدم كمبتهل بالإذاعة، وبالفعل تقدمت وتم اختباري، وقبل خروجي من الاستوديو، قال لي مهندس الصوت «مبروك» مشيدًا بصوتي وأدائي، مستغربًا تأخر قبولي بالإذاعة، وعلمت منه أن تدخل مدير البرامج الدينية، كان بتسهيل تقديم الملف، ولكن ليس له أي دور في قبول،ي لأن اللجنة لا تجامل في الصوت والأداء.

ما أول أجر حصلت عليه من الإذاعة؟
ما حصلت وما أحصل عليه سواء من الإذاعة أو التليفزيون مبالغ رمزية «أحرج أن أذكرها» فأنا لا أسعى للإذاعة أو التليفزيون بغرض جمع الأموال، فالأجر الحالي 135 جنيها لأداء الابتهالات في صلاة الفجر، منها 85 أجرا والـ50 جنيها بدل سفر، رغم أن المشوار يكلفني 600 جنيه، أجرة السيارة والمصاريف الشخصية، فالإذاعة لم تضف لي سواء على المستوى المادي أو الشهرة، فأنا معروف بين أهل المحافظة، وزبائني كما هم منذ سنوات.

ـ وما علاقتك بزملائك، ومن ترى أنه تلميذك؟
علاقتي بهم طيبة، وخاصة القدامي، فأنا من عشاق الشيخين محمد عمران، ونصر الدين طوبار، أما الجدد فأنا لا اعترف إلا بالشيخ عبد التواب البساتيني، رحمه الله.

هل هناك فرق بين الابتهال والإنشاد الديني؟
نعم هناك.. فالابتهال هو مدح في الذات الإلهية والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، بينما الإنشاد الدينى يكون مصحوبا بآلات موسيقية، ودفوف.

وكيف ترى اقتحام قراء الدول الخليجية لمصر وهل لاتزال التلاوة المصرية باقية؟
القراء المصريون ما زالوا هم الأفضل في العالم العربي الإسلامي، والمستمع المصري والعربي ما زال يفضل القارئ المصري على الخليجي.

هل سافرت لإحياء ليالي رمضان خارج مصر؟
اختبرت أكثر من مرة، واجتزت الاختبارات بتفوق، ومع ذلك كانوا يستبعدونني من السفر للخارج، ويفضلون عني بعض زملائي الأقل في درجات الاختبار، بمبرر أنهم لا يوافقون على سفري كوني فاقدًا للبصر «كفيف» على الرغم من أن تفوقي بظروفي هذه من المفترض أنه يضاف لي كإنجاز وتفوق عن الأصحاء، ولا يكون سببًا في حرماني من حقي في السفر للخارج، بقرار من وزير الأوقاف الأسبق، ولم أسافر إلا إلى السعودية بدعوة من أحد أفراد الأسرة.

ـ وهل ترى أن بعض القراء الحاليين يسيئون للقرآن بطريقتهم؟
لظروف إعاقتي البصرية، لا أِشاهد من تتحدث عنهم، ولكن الحركات التي تساعد على خروج الصوت مباح استخدامها ولا ضرر منها.

ـ وما يومياتك للمحافظة على القرآن؟
أنا دائمًا مستعد لقرأة القرآن، فأنا أعيد عليه يوميًا، ولكن لا يوجد طقوس محددة، ولا أستعد بشرب شيء محدد سوى شرب كوب «ماء دافئ بسكر» وهذا ما توصلت له من خبرتي فهو يساعدني على الأداء بنفس القوة.

ـ وماذا عن نشاطك المتبع خلال شهر رمضان؟
أقدم الابتهالات في بعض الاحتفالات الدينية بنطاق قرى ومراكز المحافظة، فضلًا عن تقديم الابتهالات الدينية قبل صلاة الفجر، في ليلتين خلال العشر الأواخر من رمضان بإذن الله من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وينقلها التليفزيون المصري على الهواء مباشرة، لكنها توقفت منذ عامين، إضافة إلى مرافقة القارئ الطبيب الدكتور صلاح الجمل، في صلاة العشاء والتراويح وأمسية دينية بمسجد عمر بن الخطاب بإهناسيا، وهذه مناسبة أحرص عليها في شهر رمضان من كل عام.

ـماذا تعرف عن نقابة القراء وما علاقتك بها؟
كنت من ضمن مؤسسي النقابة، وسدد اشتراكاتها لمدة 10 عامًا، حيث كنت أرسل قيمة الاشتراك السنوي 12 جنيها، مع أحد زملائنا، وبعد توقفه عن ذلك لم أسدد الاشتراك، وخرجت على المعاش ولم أتقاض من النقابة أي شيء حتى الآن.

ـ لماذا اكتفيت بالابتهال؟
ظروف إعاقتي البصرية حجمت طموحي، فالتقدم وإجراءات الإختبار أكثر من مرة تحتاج لظروف تتوافق معها، وأنا لست قادرًا عليها بسبب ظروفي هذه.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية