رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا تسعى إيران لحرب في الخليج؟


عندما تعرضت ناقلات النفط الإماراتية لأعمال تخريبية ظننت في البداية أن إسرائيل من قامت بهذا العمل، لأن إسرائيل ترغب بشدة في تتعرض إيران لضربة لدعمها للحوثيين في اليمن ولحزب الله في لبنان. لكني أدركت أن إسرائيل كانت ستسعى لعمل يدفع الإمارات إلى الحرب ضد من ترغب إسرائيل الزج بها.


أمس أعلنت جماعة "أنصار الله" اليمنية المدعومة من إيران مسؤوليتها عن استهداف محطتي ضخ بترول تابعتين لشركة أرامكو بمحافظة الدوامي ومحافظة عفيف بمنطقة الرياض، وهو الأمر الذي أكد أن الجماعة نفسها أو أن إيران هي من تقف وراء استهداف ناقلات النفط الإماراتية.

الخليج العربي أصبح يتحضر بشكل لم يحدث من قبل لحرب وشيكة، ما لم يحدث يغيير مسار الأحداث. لكن حتى هذه اللحظات، الحرب أصبحت قريبة وأصبح الأمر واضحًا وتحدثت "النيويورك تايمز" عن خطط الحرب التي يراجعها البيت الأبيض ضد إيران، وقالت إن "ترامب" اجتمع بمستشارييه الأمنيين يوم الخميس والقائم بأعمال وزير الدفاع "باتريك شانهان"، وتضمن الاجتماع – وفقًا للنيويورك تايمز– خطط نشر 120 ألفا من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط في حالة ما قامت إيران بمهاجمة القوات الأمريكية.

كنت أعلم أن إيران سعت للاتفاق النووي مع الدول الخمس الأوروبية والولايات المتحدة حتى تتجنب ضربة أمريكية، وكتبت عدة مقالات وقتها. الآن إيران لا تخشى الحرب بل وتستخدم الحوثيون لإشعال حرب في المنطقة، وهي تعرف أن الرئيس الأمريكي يتلهف لهذه الحرب ليس فقط لأنه يرى أن إيران تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية ولأمن الإمارات والسعودية، ولكن تهديدا مباشرًا لأمن إسرائيل.

هناك حقيقة أخرى واضحة، وهي أن الحوثيين أو جماعة أنصار الله لا يمكن أن تقوم بمثل هذا الأعمال التخريبية إلا بموافقة وربما برغبة من إيران.

ما هي أهداف إيران من تلك الأفعال؟ ولماذا تسعى للحرب بعد أن كانت تتجنبها؟

الواضح أن إيران أدركت أن "ترامب" لن يغادر منصبه قبل أن يشن حربا ضدها، وأنه قد يعيد السيناريو الأمني نفسه الذي استخدمه "جورج بوش" بعد ما كذب على جميع الأمريكيين وادعى أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، رغم نفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقاد "بوش" الاقتصاد الأمريكي للحضيض، ومع ذلك أُعيد انتخابه لأنه لوح بورقة واحدة فقط: ورقة الأمن.

الحرب ضد إيران ستساعد "ترامب" لدعم موقفه الانتخابي، وسيكون انتخابه سهلا، ولا سيما وهو يخوض حروبا اقتصادية أبرزها ضد الصين، لما يظنه دعمًا للاقتصاد الأمريكي.

إذا كانت إيران قد أدركت أن الحرب قادمة لامحالة ضدها فالوقت الحالي هو الأفضل بالنسبة لها. ولكنها كانت تحتاج للأعمال التخريبية لسببين كلاهما يحمل فرضية مختلة. السبب الأول، والفرضية الأولى، هو تحييد الإمارات والسعودية. قد يبدو ذلك غريبًا، كيف تقوم إيران بأعمال تخريبية ضد دولتين تسعى لتحييدهما. الحرب في اليمن ليست سبباُ مباشراُ.

فالحرب في اليمن ليس وليدة شهور قليلة، ومع ذلك لم تقم إيران أو وكلاؤها بإعمال تخريبية ضد الأهداف الاقتصادية أو اللوجيستية السعودية والإماراتية. الإعمال التخريبية هي رسالة للدولتين مفادها إظهار هشاشة أمن الخليج، وأنه إذا كانت إيران قادرة على مثل هذه العمليات التخريبية التي صدمت الجميع، فما بالك بما يمكن أن تفعله حال استخدمت الولايات المتحدة الأراضي السعودية والإماراتية لشن الحرب ضد إيران أو حال اشتركت السعودية والإمارات في الحرب.

السبب الثاني، يقوم على فرضية مختلفة، هو أن الإعمال التخريبية ضد السعودية والإمارات هدفها استفزاز الدولتين ودفعهما لاقتناع الولايات المتحدة بالإسراع في الحرب.

الظروف الزمانية مناسبة لإيران، فهي تعاني من عقوبات وحصار اقتصادي. وهناك دول أخرى تقف مع إيران في نفس الخندق. الصين الآن تبحث عن رد مناسب على قيام "دونالد ترامب" بزيادة التعريفة الجمركية ضد المنتجات الصينية من 10% إلى 25%. كوريا الشمالية أدركت أن "دونالد ترامب" لن يرفع العقوبات الاقتصادية قبل أن تتخلص كوريا الشمالية من الأسلحة النووية تماما، وهي لذلك قامت بتجربتين لإطلاق صواريخ باليستية في أسبوع واحد.

روسيا على الجانب الآخر لن تقف مكتوفة الأيدي لتشاهد حليفتها إيران تتعرض لحرب شاملة. إيران تعول على تحالف صيني، كوري شمالي، روسي في حالة ما شنت الولايات المتحدة حربًا ضدها.

الخلاصة أن الخليج العربي يتحضر لحرب وشيكة وأظنها طويلة وستحصد أرواحا كثيرة، فالأبرياء هم من يدفعون ثمن الحروب.
Advertisements
الجريدة الرسمية