رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حكايات التراث الرمضاني.. مهنة المسحراتي بدأت في عهد الرسول.. "بن طولون" أجبر الأثرياء على تجهيز موائد الرحمن.. بلغت تكلفتها في عهد العزيز بالله 3 آلاف دينار.. واختراع مدفع الإفطار والسحور كان صدفة

فيتو

طقوس رمضانية وروحانيات اعتاد المسلمون ممارستها كل عام خلال الشهر الكريم، لها تاريخ حافل وقصص دينية يغفل عنها الكثير، ومع اقتراب حلول الشهر الكريم، نستعرض تاريخ وحكايات هذا التراث الإسلامي.


المسحراتي
منذ أيام الرسول، اعتاد المسلمون أن ينبههم أحد الأشخاص لوقت السحور، وكان بلال بن رباح، يؤذن قبل الفجر بوقت كاف، لينبه الناس لاقتراب الفجر فيكفون عن تناول الطعام، ويستعدون للذهاب للمسجد، يتبعه آذان عبد الله بن أم مكتوم ليعلن ابتداء يوم جديد من الصوم، وذلك حسبما ذكرت مجلة اليمامة السعودية في عددها 2023 الصادر في عام 2008.

وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن بلالًا ينادى بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم"، ومنذ ذلك الحين أصبحت مهنة المسحراتى مهنة رمضانية متعارف عليها، مارسها العديد من المسلمين الاوائل.

الدولة العباسية
في عصر الدولة العباسية، يذكر المؤرخون أن والي مصر "عتبة بن إسحاق" لاحظ عام 238 هـ أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها، حيث كان يطوف على قدميه سيرا من مدينة العسكر إلى مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط مناديا الناس: «عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة».

الدولة الفاطمية
وفي عصر الدولة الفاطمية، أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي جنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الوقت تم تخصيص رجل للقيام بمهمة المسحراتي، ويدق على أبواب المنازل بعصا كان يحملها في يده.

الدولة الطولونية
وفي عصر الدولة الطولونية دخلت المرأة المجال، فكانت تجلس خلف المشربية، وتغني بصوت عذب ليستيقظ أهالي الحي على السحور، وتطورت مهنة المسحراتي بعد ذلك في مصر، حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلا من استخدام العصا.

موائد الرحمن
عرف العالم الإسلامي موائد الرحمن منذ حياة الرسول حين قدم إليه في المدينة المنورة، وفدًا من مدينة الطائف ليعلنوا اعتناقهم الإسلام، واستقروا في المدينة حينا من الزمن، فكان صلي الله عليه وسلم يرسل إليهم بطعام الإفطار والسحور مع الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه، فصارت ضيافة هذا الوفد عادة اقتدي بها الخلفاء الراشدين، وخاصة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي بلغ من تمسكه بإحياء هذه العادة أن أنشئ دارا للضيافة تقوم على إفطار الصائمين.

هارون الرشيد والليث بن سعد
وفي مدينة بغداد كان الخليفة العباسي هارون الرشيد، يقيم مائدة في حديقة قصره لإفطار الصائمين، يجلس حولها كل طبقات المجتمع، بالإضافة إلى عدة موائد كان يقيمها في الشوارع، وكان يتجول متنكرًا بين الموائد يسأل الصائمين عن رأيهم في الطعام، وهل الوجبة المقدمة تكفيهم؟

كما كان إمام أهل السنة «الليث بن سعد»، المولود في قرية قلقشندة بالقليوبية سنة 94 هجرية، يحرص على إقامتها ويقدم فيها للصائمين أشهى وأفخر الأطعمة، وكان من أشهرها أكلة «الهريسة»، التي أعجب مذاقها المصريين.

أحمد بن طولون
حاكم مصر ومؤسس الدولة الطولونية «أحمد بن طولون»، ظل لمدة 3 سنوات بعد توليه الحكم يقيم وليمة كبرى في أول يوم من شهر رمضان لرجال الحكم والتجار.

وفي السنة الرابعة من حرصه على إقامة هذه المائدة شدد على رجاله أن يحضروا كل الأثرياء ورجال الحكم، وأمرهم أن يضعوا على المائدة أطيب وأشهى أنواع الطعام والشراب، ولما فرغ المدعوون من تناول طعامهم، خطب فيهم قائلًا: «إني جمعتكم اليوم، وإني أعلم أنكم لستم في حاجة إلى هذا الطعام والجلوس على هذه الموائد، ولذلك آمركم من الآن أن تفتحوا بيوتكم، وتمدوا موائدكم للسائل والمحروم، ومن يرفض تنفيذ هذا الأمر سيتعرض لأشد العقاب».

وكان الأثرياء في دولة «أحمد بن طولون» يبعثون بخدمهم إلى الطرق، بحثًا عن الصائمين وإحضارهم لتناول طعام الإفطار، ويذكر مؤرخو تلك الحقبة أن الخدم كانوا أحيانًا لا يجدون فقراء في شوارع المحروسة من كثرة الخير.

العزيز بالله
ويعتبر الخليفة الفاطمي «العزيز بالله»، أول من أقام موائد الرحمن لإفطار الصائمين بشكل دائم في عصر الدولة الفاطمية كان يقيمها داخل قصره، وكان يحرص «العزيز بالله» أن يجلس عليها بجوار الفقراء، وكبار رجال الدولة من الأمراء، والوزير، وقاضي القضاة.

وأمر «العزيز بالله» بإقامة مائدة كبيرة «سماطًا» ليفطر عليها الأهالي في منطقة الجامع العتيق «عمرو بن العاص»، ومائدة أخرى في الجامع الأزهر تمتد في أشهر رجب وشعبان ورمضان، وكذا باقى مساجد مصر الكبرى، وقد بلغت نفقات 27 يوما من أيام شهر رمضان في عهد «العزيز بالله» ثلاثة آلاف دينار.

المماليك والعثمانيون
وشهد عصر دولتي المماليك والعثمانيين، تراجعًا لدور التكافل ومساندة الفقراء الذي كانت تقدمه موائد الرحمن، وذلك بسبب كثرة الحروب التي خاضتها الدولتان، وعندما وقعت مصر فريسة للاستعمار الفرنسي والإنجليزي، أعادت الجمعيات الخيرية إحياء دور موائد الرحمن، ومنذ مطلع السبعينيات عادت تلك الموائد مرة أخرى، ومن ثم انتشرت في غالبية الدول العربية والإسلامية.

مدفع الإفطار
ما يجهله الكثيرون أن فكرة مدفع الإفطار والسحور جاءت صدفة، حيث اختلف الرواة في تأريخ حكاية مدفع رمضان، وتقول إحدى القصص إن «خو شقدم» والي مصر في العصر الإخشيدي كان يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة عام 825 هـ، وتصادف إطلاقه وقت المغرب، وظن الناس أنه تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين فخرجوا شاكرين، ولما رأى السلطان سرورهم تابع الأمر،وأضاف مدفع السحور والإمساك.

وهناك رواية تقول بأن ظهور المدفع، كان في عهد الخديو إسماعيل، حيث كان الجنود يقومون بتنظيف مدافع، فانطلقت منه قذيفة تصادفت وقت الإفطار، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدا جديدا للإعلان عن موعد الإفطار، وعلمت "الحاجة فاطمة" -الأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل- بما حدث فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.

اختلفت الروايات التاريخية، في تحديد من هم أول مستخدمي هذا المدفع، لتحديد لحظة إفطار الصائمين، لكن غالبيتها تجمع على أن الأمر تم بمحض الصدفة.
Advertisements
الجريدة الرسمية