رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أفريقيا.. نمور بلا موارد (7)


المغرب..
تعتبر المملكة المغربية من الاقتصاديات الناهضة، وقد بدأت في الثمانينيات من القرن الماضي، بالتوجه نحو تطبيق الخصخصة (ملكية الأفراد لوسائل الإنتاج). ففي 1990 شرعت في تنفيذ برنامج "التخاصية"، بهدف نقل عدد كبير من المنشآت العامة (المملوكة من الدولة) للقطاع الخاص.


وحاليًا تمثل حصة القطاع العام أقل من ثلث الناتج القومي، فيما تصل حصة القطاع الخاص لأكثر من ثلثي هذا الناتج، علما بأن القطاع العام يمتلك النصيب الأكبر من المشروعات الكبرى (كالإعمار والإسكان).

ويتكون الاقتصاد المغربي من ثلاثة قطاعات رئيسية: الزراعة والصناعة والخدمات. فيشكل القطاع الزراعي نحو 17%. ويساهم الصيد الساحلي بنسبة 82% من الناتج المحلي.

وتعتبر الزراعة مصدرًا رئيسيًّا من مصادر الدخل لعدد كبير من السكان؛ إذ يعتمد نحو 40% منهم بشكل أساسي على هذا القطاع. 

أما الأنشطة الصناعية فتتوزع على عدة محاور، منها الصناعة الاستخراجية، التي تعنى باستخراج المعادن والمياه والطاقة والصناعة الاستهلاكية (كالمنتجات الغذائية والصناعات السمكية والمشروبات والتبغ)، والتحويلية، (كالصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية والبتروكيماوية والمعدنية والتعليبية والنسيج والجلود والورق والورق المقوى ومعدات النقل)، والبناء والأشغال العامة.

وتساهم الصناعة بنحو 35% من الناتج الإجمالي. ومن المنتظر أن يتضاعف الإنتاج الصناعي بفضل الاستثمار الأجنبي، وارتفاع الطلب على الصناعات المحلية. ويشكل قطاع الخدمات ما يعادل 52% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتمثل السياحة أحد أهم مصادر الدخل القومي في المغرب، إضافة إلى عائدات الجاليات المقيمة والعاملة في الخارج، وكذلك يعتمد الاقتصاد على مجموعة متنوعة من الصادرات المحلية (كالفوسفات ومشتقاته والملابس الجاهزة والأجزاء الإلكترونية والجوارب والمنتجات المعدنية والزراعية والبحرية).

وتمكنت المغرب من خفض المستوى العام للأسعار، مع التحكم في معدلات التضخم من خلال سن التشريعات والقوانين المحفزة على دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة والتصدير)، وزيادة فرص العمل ورفع دخول المواطنين والحد من الفقر وخفض معدلات البطالة.

كما يتمتع المغرب بقدرة عالية على امتصاص الصدمات الخارجية ومواجهة الظروف الدولية الصعبة التي اتسمت بالارتفاع التاريخي لأسعار الغذاء والمواد الأولية الخام، مما أدى إلى تسجيل نمو اقتصادي بلغت نسبته 5،8%، ومن المتوقع له أن يصل إلى 6،7%، والفضل الأكبر في تحقيق مثل هذا النمو كان لقطاع الزراعة.

ويعتبر المغرب من البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، مثل: الفحم والملح والمعادن المختلفة كالحديد والباريتين والرصاص والمنغنيز والكوبالت والنحاس والزنك والفليورين والانتيموان والفضة والذهب. كما يعتبر من أغنى الدول بالفوسفات، إذ يقدر مخزونه الإستراتيجي بما يعادل 75% من مجمل الاحتياطيات العالمية.

وعلى صعيد الإنتاج يعتبر المغرب ثالث أكبر دولة منتجة للفوسفات على مستوى العالم، وأول مُصَدِّر له، وأول المصدرين للنسيج لدول الاتحاد الأوروبي، وأول منتج للحامض الفوسفوري بنسبة تصل إلى 46% من مجمل الإنتاج العالمي الكلي. كما يعتبر المغرب من كبار مصدري الأسماك.

وأفادت توقعات، أجراها مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني، على مدى الخمس عشرة سنة المقبلة، بأن اقتصاد المغرب سيحافظ على مرتبته الـ60 عالميًّا في أفق 2033.

وقال المركز البريطاني: إن المغرب يتوفر على قاعدة صادرات متنوعة تضم النسيج والسيارات والمكونات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن الموقع الجغرافي والاستقرار السياسي النسبي وانخفاض تكاليف اليد العاملة أسهم في توسيع التجارة مع شركائه الأوروبيين خصوصًا إسبانيا وفرنسا.

ويعتمد اقتصاد المغرب في توقعات نموه على شراكاته العالمية القوية، فالمغرب مستمر في تنمية علاقاته القوية مع الدول الأوروبية التي تعتمد على المملكة لدورها الحاسم في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب، كما يتمتع بالغنى في ثروة الفوسفات، وهي المورد الطبيعي الذي تعتمد عليه أوروبا بشكل كبير في قطاعها الفلاحي.

من أجل ذلك، تلقى المغرب منحة 160 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي أكتوبر الماضي للحد من موجة الهجرة التي اجتاحت أوروبا عبر سبتة ومليلية المحتلتين على الساحل الشمالي للمغرب، بنسبة زيادة عن السنة الماضية قدرت بـ20 مليون دولار.

وفي الوقت الذي يعتمد فيه المغرب بشكل كبير على التمويل والاستثمار الأوروبيين، فقد عمد خلال السنوات الأخيرة إلى تخفيف الاعتماد بشكل كلي على السوق الأوروبية، لحماية نفسه من الصدمات الناتجة عن تغيرات هذا السوق، عبر الاعتماد على تبني أجندة أفريقية للهجرة، مما أعاد تنشيط وجود المملكة في القارة السمراء، وأصبح معها المغرب ثاني أكبر مستثمر أفريقي في القارة.

وأشار تقرير المركز البريطاني إلى الاتفاقيات الموقعة في هذا الصدد بين المغرب وشركائه الأفارقة في مارس من عام 2017، إذ وقع الملك محمد السادس 80 اتفاقية ثنائية في مجال التجارة والاستثمار مع دول أفريقية كمالي وغينيا والجابون وساحل العاج.

كما سعى المغرب خلال الفترة الأخيرة إلى توسيع علاقاته التجارية بعيدًا عن شركائه الاقتصاديين من خلال الانفتاح على الصين، وأصبح المستثمرون الصينيون يتدفقون على المغرب للاستفادة من اتفاقيات المملكة التجارية الحرة مع أوروبا والولايات المتحدة، نظرا للاستقرار الذي يتمتع به المغرب، وهو ما يشجع الشركات الصينية للاستثمار فيه.

كما زادت السياحة الصينية بسبب رفع القيود على التأشيرة، وتوج التعاون بين البلدين بعقد اتفاقية مع المجموعة الصينية "هايتي" لإنشاء مدينة صناعية لنحو 300 ألف مغربي، إلا أن الاتفاقية لم تؤت ثمارها، وهو ما ينذر بعقبات هيكلية تحول دون تحقيق النمو الاقتصادي السريع.

ورغم احتلاله لرتب متقدمة كوجهة للاستثمار في أفريقيا خلال الأعوام السابقة، يواجه المغرب تحديات كبيرة خلال السنوات المقبلة قد تحول دون جعله قوة إقليمية رئيسية. وفي هذا الصدد، أوصى البنك الدولي بضرورة إعطاء الأولوية للنمو الشامل وخفض معدلات الضريبة على الشركات، وتحسين إدارة الاستثمارات العامة، ودعم الضرائب المدفوعة عن طريق المهن الحرة.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج: "على مر سنوات، كانت هنالك جهود جادة فيما يتعلق بالإصلاحات والبنيات التحتية، لهذا أرى أن المغرب له الكثير من الإمكانات، لكن هناك مغرب آخر يواجه صعوبات هائلة، وهي إعادة توزيع الموارد والتماسك الاجتماعي، هناك شيء مزعج بعض الشيء: توجد الكثير من الإمكانيات والإنجازات التي تجعل من المغرب استثناء إقليميا، ولكن هناك أيضا بعض الهفوات".

أيضًا يواجه المغرب تحديات على مستوى تغير المناخ، بارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدلات هطول الأمطار، ومع ذلك فإن الطلب على المياه سيستمر في الارتفاع بشكل كبير. وسيكون لهذا تأثير هائل على قطاع الزراعة؛ مما يستدعي الحاجة إلى تنويع الاقتصاد المغربي وتحديثه باستمرار.
Advertisements
الجريدة الرسمية