رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"أطباء" لا "مطلقات" يا هانم


يبدو أن كثيرا من المسئولين في بلادنا لم يستوعبوا بعد خطورة وحساسية المواقع التي وضعتهم الدولة على قمة قياداتها، من أجل التسهيل والتخفيف عن المواطن، بعيدا عن التعقيد "والكلكعة" والروتين، وإجبار المواطن على الدخول في معارك قضائية مع الدولة، من أجل الحصول على حقوقه التي كفلها له القانون.


فعندما تنبهت القيادة السياسية في مصر لتضخم عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وبحثت عن وسيلة لتقليصه دون الإضرار بحقوق العاملين، وضعت ضمن قانون الخدمة المدنية لعام 2016 مادة تحمل رقم 70، منحت الحق لكل لمن تخطي سن الخمسين من العاملين بالدولة، الحق في طلب الخروج للمعاش المبكر، ما لم يكن قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية.

وهو ما قام به العشرات من الأطباء "البشريين" و"البيطريين" بعد أن قضى أغلبهم بالخدمة مددا تزيد على الثلاثين عاما، قطع خلالها من رواتبهم مبالغ ضخمة لصالح هيئة التأمينات والمعاشات، إلا أن خروجهم للمعاش لم يأت على هوى الدكتورة "غادة والي" وزيرة التضامن، التي رأت أنه "لا حقوق لهم في مكافأة نهاية الخدمة أو المعاش" وأنهم لا يستحقون سوى معاش "التضامن الاجتماعي مثل "الأرامل" و"المطلقات" لأنهم يمتلكون عيادات لا بد من إغلاقها، ويعملون في مستشفيات خاصة لا بد من الاستقالة منها للحصول على المعاش.

وأمام تعنت الوزارة، لم تجد نقابة الأطباء حلا، سوى عقد لقاء مباشر مع المسئولين بوزارة التضامن وقيادات هيئة التأمينات، لتوضيح حقوق الأطباء، وما سيترتب على عدم صرف معاشاتهم من تفريع لقانون الخدمة المدنية من مضمونه.

وبالفعل عقد اجتماع في فبراير الماضي، ضم عددا من قيادات نقابة الأطباء، والمستشار القانونى لوزارة التضامن، ورئيس هيئة التأمينات، إلا أن مسئولى التضامن أكدوا "علنا" أن الوزارة لا ترغب في تحمل تكاليف التأمينات الإضافية التي أقرها قانون الخدمة المدنية، لأن القانون لم يحدد الجهة التي ستتحمل المبالغ المترتبة عن خروج الموظف للمعاش المبكر، وهل هي "خزينة الدولة" أم "وزارة التضامن".

الكارثة، أن القضية مشتعلة منذ فترة، وما زالت وزيرة التضامن تصر على موقفها، وتخير الأطباء للحصول المعاش المبكر بين تحويلهم إلى"عاطلين" والانتقال إلى جداول "غير المشتغلين" بالنقابة وإغلاق عياداتهم، أو تحويل ملفهم إلى صندوق أصحاب المهن الحرة، ليستمروا في دفع التأمينات بصفتهم أصحاب عمل حتى بلوغ سن الـ ٦٥ عاما، ليتثنى لهم صرف المعاش، وإلا فلا حقوق لهم سوى في معاش "الأرامل" و"المطلقات".

ولعل ما يدعو للعجب هنا، أن الوزيرة اختارت الطريق الأسهل منذ عام 2016 وحتى اليوم، دون أن تكلف نفسها تحمل المسئولية التي وضعتها الدولة على قمة هرم الوزارة من أجلها للتسهيل على المواطن، بالسعي لتحديد الجهة التي ستتحمل المبالغ ستترتب على حق خروج الموظف للمعاش المبكر، الذي أقره قانون الخدمة المدنية الذي صدر منذ 3 أعوام، وكافحت القيادة السياسية مع أعضاء البرلمان من أجل إقراره لتخفيف العبء عن الجهاز الإداري للدولة.

للأسف إن "غادة والي" ما زالت تصر على موقفها المتعنت من قانون الخدمة المدنية والأطباء، وكأنهم يطالبون بالحصول على مساعدات مالية، وليست حقوقا مترتبة على سنوات طويلة عملوا خلالها في خدمة البلاد، وأموال تم خصمها من رواتبهم طوال هذه السنوات، ومنطقها يقول: إنهم إما يتحولون إلى "عاطلين" ويحصلون على المعاش المبكر، وإما فلا حق لهم سوى في معاش التضامن الاجتماعي مثل "الأرامل" و"المطلقات"، وليذهب القانون إلى الجحيم.
Advertisements
الجريدة الرسمية