رئيس التحرير
عصام كامل

مكاسب مصر وأفريقيا من مشاركة السيسي في قمة الحزام والطريق ببكين

 قمة الحزام والطريق
قمة الحزام والطريق ببكين

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر مبادرة الحزام والطريق أن أهداف المبادرة تتسق مع جهود مصر لإطلاق عدد من المشروعات العملاقة ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية المتنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، القائم على إنشاء مركز صناعي وتجاري ولوجستي.

ويوفر فرصًا واعدة للشركات الصينية، والدول أطراف المبادرة، وغيرها من مختلف دول العالم الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الإستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، وخاصة لتلك الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارة حرة، لا سيما في المنطقة العربية وأفريقيا وأوروبا.

ونرصد فوائد مصر وأفريقيا من مبادرة الحزام والطريق:

مبادرة "الحزام والطريق" قائمة على التعددية والعدالة مع الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول تتماشى مع أجندة أفريقيا 2063 وجلبت فوائد كبيرة لدفع النمو الأفريقي في شتى المجالات.

المبادرة تستهدف المساهمة في دعم إنشاء الموانئ والطرق والمطارات وباقي المنشآت والخدمات اللازمة لتسهيل حركة التجارة نحو أي مكان في العالم بغض النظر عن كون الدولة المشاركة في المبادرة صغيرة أو كبيرة، فقيرة أو غنية.

المبادرة تلبي مطلب دول كثيرة عانت من التهميش خلال عقود طويلة سابقة دون أن تستطيع اللحاق بركب النهضة الصناعية السابقة أو المساهمة في حركة التجارة العالمية.

استفادة القارة الأفريقية من مبادرة "الحزام والطريق" كثيرا ولا سيما في مجال البنية التحتية حيث تعد الصين أكبر مستثمر في البنية التحتية في القارة السمراء التي تحتاج ما بين 120 مليار و140 مليار دولار أمريكي سنويا في هذا المجال.

أهمية الإنجازات التي حققتها الصين بالفعل من خلال إنشاء العديد من خطوط السكك الحديدية في أفريقيا حيث قامت الصين بتمويل وبناء خط سكة حديد مومباسا - نيروبي الذي يربط بين ميناء مومباسا والعاصمة الكينية نيروبي.

العديد من الدول الأفريقية لطالما عانت من عدم وجود موانئ خاصة بها ما انعكس سلبا عليها وأسهم برفع تكلفة وصول البضائع إليها بشكل كبير إلا أن إنشاء خطوط القطارات أتاح إمكانية الوصول للموانى القريبة من هذه الدول ونقل البضائع من الموانئ إليها ما خفض بالتالي الوقت المستهلك وقلل من تكلفة النقل بصورة كبيرة الأمر الذي سينعكس إيجابيًا وبشكل جيد مستقبلًا على حركة التجارة والنمو.

مشاركة الصين الفعالة في إنشاء وتجديد العديد من الموانئ الأفريقية بما في ذلك ميناء مومباسا والتي تدعم التجارة المحلية والتجارة بين البلدان الأفريقية والعالم حيث أن العديد من الدول تلك كانت تعاني من قلة الموانىء أو عدم تطورها بشكل مناسب، ما أعاق إمكانية وصول البضائع بسهولة ورفع تكلفة الشحن من خلالها ولذلك كان لابد من الاتجاه إلى إنشاء العديد من الموانىء الجديدة لخدمة الزيادة المتوقعة في حجم التجارة في دول القارة الأفريقية.

المساهمات الأخرى التي قدّمتها الصين للقارة السمراء من خلال مشاركتها في العديد من المشاريع الأخرى في مجالات الإنترنت والاتصالات حيث قامت الصين بتمويل وبناء شبكة أساسية للإرسال تعمل بتكنولوجيا الألياف البصرية في تنزانيا، تغطي المقاطعات والمدن الرئيسية في البلاد، وتربطها بست دول مجاورة.

عززت مبادرة "الحزام والطريق" من زخم الاستثمار في أفريقيا من خلال مشاركة العديد من المؤسسات المالية الصينية والعالمية في دعم المبادرة مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق طريق الحرير وبنك التنمية الجديد لدول "بريكس" والمصرف الزراعي الصيني وغيره من المصارف الصينية.

دور المؤسسات المالية الصينية في توفير تمويلات ضخمة لمشروعات معنية توزعت على عدد كبير من دول القارة الأفريقية وتتنوع بين مجالات الطاقة الكهربائية وخطوط نقل الغاز والنفط والسدود وغيرها.

الصين بادرت استنادا إلى الدعم المالي المعزز لأفريقيا إلى تدشين عدد من المناطق الصناعية في البلدان الأفريقية لنقل خبرتها الواسعة وتعزيز التنمية الصناعية المحلية وقد أثمرت هذه المناطق الصناعية وحققت نجاحات كبيرة في جذب الاستثمارات لهذه الدول.

نجاح منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري في مصر بجذب العديد من الشركات في المرحلة الأولى منها ما شجع مصر على البدء في المرحلة الثانية حيث نجحت شركة "تيدا" الصينية في جذب العديد من الاستثمارات لها أيضا ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ شجعت الاستثمارات الصينية في منطقة السويس الدول الأخرى على الاستثمار فيها.


في مجال التجارة؛ أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا منذ 2009، فيما أشارت الإحصاءات الرسمية الواردة من مصلحة الجمارك الصينية العامة في العام 2018 إلى أن إجمالي حجم واردات وصادرات الصين مع أفريقيا قد سجل 204.19 مليار دولار أمريكي وهذا يمثل زيادة بنسبة 19.7 في المائة على أساس سنوي متجاوزا معدل النمو الإجمالي للتجارة الخارجية الصينية في الفترة نفسها بـ 7.1 نقطة مئوية وخلال الفترة الزمنية نفسها، بلغت صادرات الصين إلى أفريقيا 104.91 مليار دولار أمريكي بنسبة زيادة 10.8 %، وبلغت واردات الصين من أفريقيا 99.28 مليار دولار أمريكي بنسبة زيادة 30.8%، بفائض تجاري بلغ 5.63 مليار دولار أمريكي، بانخفاض 70% على أساس سنوي.

من المتوقع أن يرتفع التحسن المستمر في التجارة بين الصين والدول الأفريقية هذا العام بعد المعرض الصيني الدولي الأول للواردات الذي أقيم في شانغهاي في نوفمبر الماضي والذي شهد إقبالا أفريقيا وعالميا تمخض عن عقد صفقات ضخمة لاستيراد البضائع الأفريقية خلال هذا المعرض.

العلاقات الصينية- الأفريقية تشهد أزهى عصورها وخصوصا مع انطلاق مبادرة "الحزام والطريق" التي حفزت الدول الأفريقية على الالتحام مع الصين بشكل أعمق لتحقيق الهدف المنشود المتمثل في التنمية للجميع والرفاهية للجميع والمستقبل المشترك.

من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة قفزات جديدة غير مسبوقة في التعاون بين الصين والدول الأفريقية ولا سيما في مجالات التصنيع والتكنولوجيا وتحسين الخدمات، حيث تزخر الصين بالكثير من الشركات الراغبة في الاستثمار في أفريقيا التي تنتظر توفير البنية التحتية والمناخ المناسب للاستثمار قبل أن تنطلق لتؤسس استثماراتها في القارة السمراء وهو ما يتماشى مع التوقعات الدولية بأن تحقق أفريقيا قفزات كبيرة في معدلات نموها.
الجريدة الرسمية