رئيس التحرير
عصام كامل

د. رجائي عبدالعليم يكتب: "تابلت شوقي" بين المستحدثات التكنولوجية.. والتجديد التربوي

رجائي عبدالعليم
رجائي عبدالعليم

تسعى الدولة جاهدة في الوقت الحاضر أن تغير من سياساتها التعليمية، في ظل زيادة أعداد الطلاب، ونقص المعلمين المؤهلين، والإمكانات المادية، وفي ظل التغير في تكوين مجتمع الطلاب وصفاتهم البيئية والاجتماعية، وتغير سوق العمل ومتطلباته الوظيفية.

وفي سبيل ذلك وجد المسئولون عن إدارة وتطوير العملية التعليمية في مصر أنفسهم أمام تحدٍ كبير، لا مفر منه، وهو استخدام المستحدثات التكنولوجية وتطويعها وتوظيفها في خدمة العملية التعليمية، وبما يتناسب وطبيعة وخصائص وإمكانات المجتمع.. وقد تجلى ذلك في محاولة سعي وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، لتغيير منظومة التعليم في مصر، من خلال خطوات جادة كلفت الدولة الكثير، وتم التطرق لها من قبل كثيرًا وأصبحت حديث كل طالب وولي أمر ما بين مؤيد ومعارض وحائر.

في الحقيقة أتطلع في هذه المقالة أن أوضح للقارئ العادي، وبشكل مبسط، مفهوم المستحدثات التكنولوجية، ومتطلبات نشرها وتوظيفها في أي نظام تعليمي ناجح، ومعوقات توظيفها في العملية التعليمية.

فالمستحدثات التكنولوجية يمكن تعريفها بأنها كل ما هو جديد وحديث في مجال توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية من أجهزة وبرامج وتطبيقات وأساليب تدريسية، بهدف زيادة قدرة المعلم والمتعلم على التعامل مع العملية التعليمية ومواكبة التغيرات العصرية المتلاحقة.

وهناك مجموعة من الأساسيات والمتطلبات اللازمة لتوظيف المستحدثات التكنولوجية بشكل إيجابي وفعال في العملية التعليمية، أهمها: التشخيص الدقيق القائم على دراسات واستطلاعات لمشكلات التعليم التي يواجهها الطلاب والمعلمون والتعرف على حجمها وأسبابها، وأن يكون توظيف تلك المستحدثات التكنولوجية متأنيًا وتدريجيًا؛ فالتجريب أحد مكونات إستراتيجية التجديد والتطوير في العالم كله فلا بد من الأخذ في الاعتبار أن كل جديد لا بد وأن يجرب قبل أن يعمم. 

كما يجب أن يتم التجريب أو التوظيف على ثلاث مراحل أساسية، وهي: التجريب المصغر؛ حيث لابد أن نقوم بتجريب المستحدث التكنولوجي على مستوى مصغر قبل أن يعمم، وفي هذه الحالة إذا ما ثبت أن المستحدث له عائد يفوق الكلفة يمكن أن يتم تعميمه.

ثم التجريب المختار؛ وفيه يتم اختيار المستحدثات التكنولوجية التي يمكن أن تسهم في التغلب على مشكلات محددة من مشكلات التعليم.

وأخيرًا التجريب المنظومي؛ ويعني أنه لا بد أن يكون التجريب مبنيًّا على الفكر المنظومي حيث يُمكن المستخدم من الوصول إلى بدائل في ضوء الإمكانيات المتاحة، فلا تكون النظرة مفرطة في التفاؤل، ولا يصاحب عمليات إدخال المستحدثات التكنولوجية مبالغات لما يمكن أن يحدث، ولكن يتم تقدير وتحديد البدائل الممكنة في ظل الظروف المتصلة بالموقف، وفي ضوء عوامل التكلفة والعائد وغيرها من الاعتبارات التي يمكن أن تحقق النجاح.

ولا يفوتنا أن نضع في الاعتبار المتطلبات التي يجب توفيرها لنجاح عمليات نشر المستحدثات وتبنيها وتوظيفها وتثبيتها، ومن هذه المتطلبات: الوعي بالمستحدث ودراسته، دراسة الجدوى للتأكد من العائد الاقتصادي والتعليمي للمستحدث، بالمقارنة بالطرائق التقليدية أو حتى بغيره من المستحدثات المماثلة، تحديد مصادر التمويل، توفير الكفاءات البشرية، وأخيرًا التدريب ويشمل تدريب أفراد فريق التحديث العاملين فيه والقائمين بإدارته.

وسنة الحياة أن كل جديد لا بد أن تكون له معوقات تحول تنفيذه وأحيانًا قد تؤدي إلى فشل التجربة، ومن أهم هذه المعوقات التي يمكن أن نستعرضها، هي: عدم وضوح المستحدث في فكر المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وعدم الاعتماد على منهجية علمية سليمة، وجود بعض الأخطاء التي قد تحدث على المستوى التنظيمي أو على المستوى التطبيقي أو على المستويين معًا في بداية تطبيق المستحدث، والمبالغات الكبيرة من قبل المسئولين فيما يمكن أن يحدثه استخدام هذه المستحدثات من آثار، والعائق الأكبر هو محاولة زرع وتطبيق هذه المستحدثات داخل أطر تقليدية، فكيف يمكن تطبيق هذه المستحدثات في ظل فصول تكتظ بالطلاب، ومعلمين ليس لديهم التدريب الكافي، وبنية تحتية ضعيفة ومتهالكة، ومناهج عقيمة، وثقافة مجتمعية تقوم على مافيا الدروس الخصوصية.... إلخ. 

وفي النهاية، وبعد استعراض مفهوم المستحدثات التكنولوجية وخطوات وأسس توظيفها لأحداث التجديد والتحديث التربوي، ومعوقات توظيفها في العملية التعليمية، أتوجه بسؤالي للقارئ: هل نجح وزير التربية والتعليم في تنفيذ فكره الجديد لتطوير التعليم بمصر كخطوة أولى؟!
-------------------------------------
( * ) أستاذ تقنيات التعليم المساعد
الجريدة الرسمية