صلاح جاهين يكتب: إيه يا دنيا

في مجلة صباح الخير عام 1966 كتب الشاعر الرسام صلاح جاهين (رحل في مثل هذا اليوم عام 1986) يقول:
أعرف مخلوقا متعبا ومشاكسا ومرعبا، طول النهار رايح جاى، يشرب في سكر بالشاى وقهوة من النوع السادة، وكذلك المضبوط والزيادة، وسلطة بالدقة والكمون، وعسل نحل يشفى النفوس، وعسل أسود من سرياقوس، ولحوم محفوظة في العلب، أو مذبوحة حسب الطلب.
وطيور مثلجة من أمريكا، وبامية من نوع الويكة، وكوسة محشية صغنططة، وأخرى كبيرة مخرطة، وملوخية خضرا بالأرانب تحيطها الدمعة من الجوانب.
ومكرونة اسمها اسباكيتى ومكرونة بالفرن، وعدس أصفر كهرمان، وعدس بجبة وقفطان، ويخمس أصابعه ويغمس في بحر من الفول المدمس، الفول أبو زيت وليمون، والفول أبو زبدة عايمة على الصحون..إلى آخر ما يستطيع أن يستوعب كل يوم قبل أن يكبس عليه النوم.
كما أنه يظل طول النهار يكتب عرائض وأشعار ثم يمزقها واحدة بعد واحدة، ويبحث مزيدا من الورق يدفع عن نفسه الأرق، حتى يفيض به الغيظ فيضرب رأسه في الحيط.. ويجرى على الأجزخانة يجيب قطن وشاش.
ثم يبحث لنفسه عن صبية نقاوة لكى تبوس له الواوة، وهكذا ينضرب في اثنين، وفى أربعة بعد سنتين، ويظل يتضاعف في العدد البنت بعد الولد، ويتضاعف السكر والشاى والجبنة والزيتون، والدقة والكمون، والجلد والقماش والقطن والشاش، والفول والطعمية والحلاوة الطحينية.. وكل هذا على دماغ مين؟
السيد وزير التموين..
فيا أيها الدنيا ما أكثر أهلك.. أليس الإنسان بحيوان مستهلك.