رئيس التحرير
عصام كامل

تربص سياسي!


من يتابع عن كثب النقاش السياسي الدائر على مواقع التواصل الاجتماعى سوف يكتشف بسهولة أن التربص هو الطابع الأساسى لهذا النقاش.. ولذلك لا يهتم المنخرطون في هذا النقاش بصحة ما يرددونه من معلومات أو أرقام، بل يتداولون أحيانا معلومات غير صحيحة بجرأة غريبة.. ويلوون عنق الكلام والمواقف ليستخرجوا منها ما يروق لهم من الاستنتاجات، حتى ولو كان خاطئا.


وهذا التربص السياسي بالخصوم أو المخالفين في الرأى صار هو السمة الغالبة للجميع للأسف.. الموالاة والمعارضة.. لا أحد يمنح نفسه فرصة لتبيان الحقيقة واستجلائها وتحديد مواقفه على أساسها، سواء بالرفض أو القبول أو بالامتناع عن اتخاذ موقف.. وإنما المهم لدى الجميع صار هو إثبات أن الآخر السياسي دوما مخطئ، وأن الصواب فقط ما يقوله ويفعله هو.. كل يريد أن يثبت أنه يحتكر الصواب، وغيره غارق في الخطأ.

ولذلك سوف يستحيل التوصل إلى توافق أو اتفاق على شيء.. والأخطر سوف ننظر إلى الآخرين المختلفين عنا سياسيا باعتبارهم أعداء يجب القضاء عليهم والتخلص منهم، وليسوا خصوما سياسيين أو مختلفين في الرأى قد يكونون على صواب أحيانا.. وسوف يكون التصلب وليس المرونة هو طابع الحوارات السياسية.. وسوف يتخندق الجميع وراء مواقفهم المتصلبة هذه.

نعم التنافس السياسي، بل حتى الصراع السياسي، ضرورى ومفيد، حتى لا يتكلس المجتمع سياسيا ويفقد حيويته ويصيبه الضعف والخمول.. لكننا يجب أن ندرك أن ذلك يتم بين أبناء وطن واحد اختلفت رؤاهم السياسية والفكرية وليس بين أعداء كل منهم يستهدف النَيل من الآخر والقضاء عليه.
الجريدة الرسمية