رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عمر "فنان السرطان".. تجربة المرض اللعين فجرت موهبته في الفن التشكيلي.. وقفازات الأطباء وحقن الدواء عنوان معرضه الجديد.. أسرته المشجع الأول للموهبة.. ودعم فنانين تشكيليين كلمة السر في النجاح

فيتو

من رحم الألم والمرض كثيرا ما يخرج الإبداع والفن، فكما يصفى الذهب بالنار، تسمو النفوس بالشدائد، فتفيض على من حولها بألوان من الجمال الأخاذ، الذي يجد طريقه بسهولة إلى القلوب لصدق وصفاء مصدره.


«عمر جبر» واحد من أصغر الفنانين التشكيليين المصريين، لم يتم عامه العشرين بعد، إلا أنه قطع خطوات كبيرة في عالم الفن التشكيلي، معتمدا كليا على موهبة حرة وخيال خصب وإحساس متدفق، يصبه في قالب خاص به، لم تشكله دراسة أكاديمية، ولم تقلم أظافره قواعد ثابتة.

البداية
في سن صغيرة أصيب «عمر» بمرض السرطان، فقضى ما يقرب من عام بين جنبات مستشفى معهد الأورام، محجوزا في قسم الأطفال، في تجربة صعبة ومؤلمة «وجميلة على نحو ما» على حد وصفه، وتابع: «خالي وأخويا أول ناس شجعونى وأنا صغير على الرسم، وكنت برسم في المستشفى حاجات بسيطة، لحد ما اتعرفت على مجموعة اسمها (لقطة) بيرسموا في الشارع، فاتعلمت منهم الرسم باحتراف».

الرحلة
رحلة عمر في عالم الفن بدأت فعليا عقب تماثله للشفاء، فقد خرج من المشفى وحصل على شهادة الثانوية إلا أن مجموع درجاته لم يؤهله لدخول كلية فنون جميلة، كما كان يتمنى، فأبى أن يلتحق بغيرها.

وحرص عمر على تنمية موهبته على يد أساتذة الفن التشكيلي في مصر، منهم الفنان محمد خضر، الذي فتح أمامه الباب لتحصيل بعض العلوم الأكاديمية، والاشتراك في المعارض الجامعية، حيث فاز بجائزة صالون الشباب التابع لوزارة الثقافة، ليصبح بعد ذلك ضيفا دائما مرحبا به في محاضرات وساحات كلية الفنون، بعد أن أثبت موهبته الحقيقية وإرادته للتعلم.

معرض جديد
«سيئة سعيدة ذات أثر» عنوان معرضه الجديد بالتعاون مع الفنانة خشوع الجوهري، حيث ضم المعرض لوحات تجسد ذكريات الطفولة بما تحتويها من مواقف حزينة وسعيدة، غامضة وجلية على السواء، ولكنها في النهاية تركت بصمات لا تمحى على جدران الروح.

اللوحات تصوير لمشاهد وخيالات احتفظت بها داخل ذاكرتى وأنا بعمر الـ15 عاما، خلال علاجي من مرض السرطان، كنت مولعا وقتها بالأطباء وقفازاتهم الخضراء المميزة، ووجوه الأطفال أصحاب الملامح الأفريقية البريئة، فقد عكست لوحات «عمر» فيضا من المشاعر المتباينة بداخله، ظهرت بجلاء في أعين أبطال لوحاته، فبعضها باكٍ ينطق بالألم أسفل قفازات الأطباء التي تحمل حقن الدواء، وعيون أخرى مستكينة راضية تنعم بغفوة بين أحضان أب، أو تربيته حانية على الكتف من أم.

واستطاع «عمر» بعد أعوام من التدريب والدراسة الحرة للفن التشكيلي من تفريغ تلك المرحلة الصعبة التي مر بها في طفولته بصدق وحرية، بعيدا عن القوالب الفنية المعروفة، فحاز معرضه ترحيبا وإشادة واسعة بين الفنانين التشكيليين في مصر، وكذلك تمكن من أن ينفذ إلى قلوب فئات عادية من الناس، فقد توافد العشرات من الشباب والكبار، فور افتتاح المعرض، لمشاهدة اللوحات عن قرب بل اقتنائها أيضا، والتقاط الصور التذكارية معه.

وتتنوع أسعار اللوحات بالمعرض ما بين الألف جنيه والبضعة آلاف، وقد بيع 3 منها في الأيام الأولى للمعرض، ويقول عمر: «لم أعول كثيرا على بيع اللوحات، فأنا أدرك أن ما باللوحات من مشاهد تعكس الكثير من الألم قد لا تجد لها مشتريا، إلا أنه شعور جيد أن أتمكن من بيع بعضها».

امتنان بالغ عبر عنه «عمر» لأسرته، ليس فقط لمساندته خلال رحلة علاجه، بل أيضا في دعم موهبته، وإيمانهم وثقتهم في اختياره الفن طريقا لمستقبله، رغم أن الفن التشكيلي ليس من الفنون المحبوبة والمقدرة بالشكل الكافي في مصر، وقال: «أتمنى أن يحظى الفنان التشكيلي في مصر بقدر من الحفاوة والتقدير الذي يتمتع به الممثلون والرياضيون، فالفنان في مصر محصور في دور رسام البورتريهات، رغم أن لدينا فنانين مصريين عظماء إن سنحت لهم الفرصة يمكنهم تحقيق شهرة عالمية كبيرة كمحمد صلاح.

"نقلا عن العدد الورقي..."
Advertisements
الجريدة الرسمية