رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عاطف فاروق يكتب: عدم قبول محاكمة الموظفين السابق مجازاتهم بمعرفة لجان التأديب.. بطلان الإحالة للمحاكمة بعد الانتهاء إلى عدم جسامة المخالفة.. لا يجوز استمرار المتهم مسلطا عليه سيف الاتهام (مستندات)

فيتو

فجر حكم قضائي أصدرته المحكمة التأديبية بأسوان أزمة جديدة بسبب أحكام بطلان الجزاءات الصادرة عن لجان تأديب النيابة الإدارية، والكتاب الدوري الصادر عن رئيس هيئة النيابة الإدارية بشأن إحالة القضايا الصادر بشأنها أحكام أو قرارات أو فتاوى بإلغاء قرارات النيابة الإدارية بالجزاء التأديبي لعدم الاختصاص إلى المحكمة التأديبية المختصة.


قالت المحكمة: إن تحقيق الصالح العام لا يتأتى بإحالة العامل إلى محاكمة تأديبية عن مخالفة قدرت جهة التحقيق (النيابة الإدارية) أنها تستحق أحد الجزاءات المقررة للجهة الإدارية، سيما وأنها قامت بالفعل – وعلى غير سند من القانون – من خلال لجان التأديب التابعة لها بتوقيع هذا الجزاء، وبالتالي لا يسوغ قانونا للنيابة الإدارية أن تستند إلى بطلان قرار الجزاء بمقتضى الحكم القضائي لإحالة المتهمين إلى المحكمة التأديبية.

وأضافت المحكمة أن رئيس هيئة النيابة الإدارية أصدر الكتاب الدوري رقم 3 لسنة 2018 في أول أغسطس 2018، ونص في مادته الأولى على إحالة كافة القضايا الصادر بشأنها أحكام تأديبية بإلغاء قرارات النيابة الإدارية الصادرة بالجزاء التأديبي، بحالتها إلى المحكمة التاديبية المختصة، ونص في مادته الثانية "على فرع الدعوى التأديبية تحريك ومباشرة الدعاوى التأديبية بشأن هذه القضايا على أن يشار إلى سبب الإحالة، وهو الإلغاء الشكلي للقرار التأديبي وعدم الفصل في الموضوع".

وتضمن الحكم الصادر في الدعوى التأديبية رقم 29 لسنة 6 قضائية المقامة ضد 3 مسئولين بمديرية الشباب والرياضة بأسوان عدم قبول الدعوى التأديبية بعد ثبوت بطلان قرار الإحالة للمحاكمة لصدوره مفتقدًا لشرائط صحته، استنادًا أن سبب الإحالة إلى المحاكمة التأديبية الإلغاء الشكلي لقرار الجزاء، وأرفقت به حكم المحكمة التأديبية بأسوان في الطعن 27 لسنة 5 المقام من المتهم الثاني طعنًا على قرار مجازاته الصادر من لجان تأديب النيابة الإدارية والمقضي فيه ببطلان القرار المطعون فيه الصادر بمجازاته.

أكدت المحكمة أن النيابة الإدارية سبق وأن انتهت إلى تقدير المخالفة المنسوبة للمتهمين بأنها ليست على قدر من الجسامة وأن الجزاء الملائم لهذه المخالفة لا ينفك عن تلك الجزاءات المقررة قانونًا للجهة الإدارية التي يتبعها المتهم، ثم قامت – على غير سند من القانون – بتوقيع أحد الجزاءات المقررة قانونا للجهة الإدارية، وهو ما يفصح بجلاء بأن النيابة الإدارية ارتأت أن تلك المخالفة لا تستأهل إحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية وأن المجازاة إداريا هو أمرُ كافٍ ورادعٌ للمتهمين، الأمر الذي يتنافى مع أصول وقواعد العدالة اتخاذها لإجراء لاحق بإحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية بعدما أفصحت صراحة وقررت رسميًا بتحقيقاتها أن هذه المخالفة لا تستأهل بأي حال من الأحوال الإحالة للمحاكمة التأديبية وتدخل في إطار الجزاءات المقررة قانونا للجهة الإدارية.

وثبت في وجدان المحكمة أن قرار النيابة الإدارية بإحالة المتهمين إلى المحكمة التأديبية عن ذات المخالفات التي انتهت في ختام تحقيقاتها إلى مجازاتهم إداريًا قد خالف ضوابط الحق المخول لها قانونا، فجاء هذا القرار فيما تضمنه من توجيه بإحالة جميع القضايا الصادر بحقها أحكام قضائية ببطلان قرارات الجزاء مصطدمًا بوجه المصلحة العامة التي يتغياها قرار الإحالة إلى المحكمة التأديبية مناهضًا لصحيح حكم القانون، وما نص عليه صراحة في المادتين 12 و14 من قانون النيابة الإدارية، إذ حدد المشرع فيهما صراحة شروط إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية وهو ارتكابه لمخالفة تستوجب توقيع جزاء أشد مما تملكه الجهة الإدارية، وبالتالي فإن إحالة جميع القضايا على اختلاف المخالفات المرتكبة في كل منها دون تحديد للضوابط التي تحكم هذه الإحالة ومدي ملائمة المخالفة للإحالة من عدمه خرج بها عما تغياه المشرع من تمكين الجهة الإدارية بتوقيع بعض الجزاءات التي تتناسب مع المخالفات المرتكبة من العاملين بقصد سرعة البت في هذه المخالفات وما يترتب عليه من استقرار وضع العامل الوظيفي والجهة الإدارية وعدم تعليق الأمر لفترة من الزمن بإحالته إلى المحاكمة عن مخالفة قدرت من قبل جهة التحقيق بأنها ليست بالجسيمة.

ونوهت المحكمة بأن ذلك يساهم في وضع المتهم في موضع المسئولية مسلطا عليه سيف الاتهام لسنوات لأسباب خارجة عن إرادته، على خلاف الأصل العام بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فتارة يجازي بقرارات من لجان تأديب يقضي ببطلانها وما يترتب على هذا القرار الباطل من آثار مالية ووظيفية، ثم يسحب هذا القرار تنفيذا للحكم القضائي فيجد نفسه في موضع الاتهام من جديد محالا للمحاكمة التاديبية لمعاقبته مرة أخرى عن ذات المخالفة دونما سند من القانون، وما يلحق ذلك من تأثير سلبي على المركز القانوني للموظف، وهو ما يؤدي إلى عدم تحقيق الأمان الوظيفي بعدم استقرار الوضع القانوني للموظف العام والتشتت بين المجازاة والإحالة وهو الأمر الذي تراه المحكمة – عظيما – لأن الاستقرار الوظيفي أمر يعد بلا ريب أحد روافد الحق في العمل ذاته المصون دستوريا والذي ينعكس بأثره الإيجابي في أداء الموظف مهام وظيفته.

وانتهت المحكمة إلى أن قرار النيابة الإدارية بإحالة المتهمين للمحاكمة التأديبية بعد انتهائها إلى عدم جسامة المخالفة المرتكبة منه أضحى يشكل استفاذًا لولايتها القانونية في الإحالة ولا يجوز لها بعد ذلك الرجوع فيه أو العدول عنه وفقا لما استقر عليه مجلس الدولة قضاءً وإفتاءً بحكم المحكمة الإدارية العليا رقم 1798 لسنة 34 ق.ع، وفتوى الجمعية العمومية ملف 86/3/981.

وجاء بأسباب الحكم أن النيابة الإدارية في القضية محل الدعوى الماثلة انتهت إلى مجازاة المتهمين إداريًا، الأمر الذي رأت معه المحكمة أن النيابة الإدارية استنفذت سلطتها بتقريرها بمجازاة المتهمين إداريًا، الأمر الذي يكون معه طلبها بإحالتهم للمحاكمة التأديبية جاء مفتقدًا لشرائط صحته فأصبح هشيمّا تذروه الرياح وبات القضاء ببطلانه في يقين المحكمة حتما مقضيا، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم بعدم قبول الدعوى التأديبية لبطلان قرار الإحالة.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد أبو العيون، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين، محمد حسني وأحمد السعدي وحضور المستشار سامي سعد، ممثل النيابة الإدارية وسكرتارية محمد رجب.
Advertisements
الجريدة الرسمية