رئيس التحرير
عصام كامل

أنت سفير لوطنك


لا شك أننا نمثل المكان الذي نشأنا فيه، وهذا معناه أن كل من يرانا هو في الواقع يرى نفس قيم أهلنا، وهو ما يطلق عليه "التعميم"، أي إطلاق الصفة العامة للمجتمع بملاحظة سلوك فرد واحد منه، ومع أن ذلك غير منطقي إلا أنه يحدث دائما في المعاملات بيننا.


فلنتفق معا أننا لا نحمل نفس الصفات، إنما نختلف كاختلاف أصابع اليد الواحدة، ولكن التعميم هو الصورة المدركة التي لا يمكننا التخلص منها، فقد نتذكر شخصا بآخر كان من نفس ظروف النشأة، لتشابه البعض في قيم معينة وقد تصل الأعراف بينهم إلى قوة الإلزام الذي يقيد الناس قبل التزامهم بقيد القانون.

إذا كل تصرفاتنا هي وليدة البيئة المحيطة بنا، ورد فعل منطقي لها، ولذلك يمكننا أن نغير أنفسنا للأفضل حين نعمل على تغيير البيئة من أجل خلق إنسان أفضل بسمعة طيبة وذكرى حسنة.

المعاملات لا بد أن ترجع أولا للقيم التي تربينا عليها، والتي اشتهرت مصر بها من قيم الشهامة والأخلاق واحترام الصغير للكبير وكرم الضيافة، فكان المواطن المصري معروفا بـ"الجدعنة"، حتى وإن صادفنا حولنا ما يخالف ذلك، فلا بد أن نحافظ على إيجابيتنا نحو المواقف ونتذكر تراثنا الحضاري والفني، والتاريخ الذي يعبر عن قيم أصيلة، فإذا عدنا إلى الوراء قليلا سنعرف كم كانت بلادنا راقية في المعاملات بين الناس، ولكن للأسف تدهور الحال حتى وصلنا إلى ما نراه الآن من مستوى وهو لا يخفى على أحد.

لا شك أن الأمور تغيرت، وإرادتنا الجماعية لتغيير الوضع هي العنصر الحاكم.

على كل مغترب أن يعلم أنه سفير لبلده يعبر عما تمثله القيم في هذا الوطن، فليعطِ الصورة الطيبة عن أهل بلده، فإذا كان عمله خيرا سيترك الأثر الطيب على كل من يعامله، وستبقى تلك الذكرى لأهلنا وأولادنا من بعدنا، ولذلك يجب أن نحافظ على أفعالنا ونراعي سلوكياتنا بيننا وبين بعضنا أولا ثم بيننا وبين مواطني الدول الأخرى ثانيا، فإن تلك ذكرانا التي تدوم للأبد.

إن إدراك الفرد لذاته واحترامه لها ينعكس على إدراك الفرد للآخرين واحترامه لهم، وعلى القدر التي نرى فيها صورتنا طيبة على قدر الصورة الطيبة التي نراها كرد فعل من الآخرين، فحقيقة الشخص ما هي إلا مرآة تعكس الإدراك فما نراه في أنفسنا يراه الآخرون.

وعلى الجانب الآخر فإن مخاطبتنا للجانب الخير من الناس أثره إيجابي دائما، لذا سنقرر معا كمجتمع واع أن نسعى لتغيير مستوى المعاملات بيننا للأفضل. وأعتقد أننا قادرون على عمل أكثر من ذلك، وسنترك عند الناس ذكرى طيبة.
الجريدة الرسمية