رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

BBC والمخابرات البريطانية


هل تتدخل أجهزة المخابرات في توجيه دفة الإعلام؟ نعم، تتدخل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تذهب بعض وسائل الإعلام بنفسها إلى الأجهزة المخابراتية للحصول على معلومات أو العكس.


هل هناك استثناء؟، لا استثناء في ذلك حتى لو jدعى البعض، ففي الدول الأكثر ديمقراطية وحرية تحمل كل وسيلة إعلامية أجندتها الخاصة التي لا تخلو من تعليمات أمنية، ربما يعلمها قلة، لكن الجميع ينفذها.

وهل يعيب الإعلام هذا التدخل؟ لا يعيبه إذا كان يتعلق بأمن الأوطان وأمانها.

وما حجم هذا التدخل؟، يتوقف ذلك على الوسيلة الإعلامية، فإما أن يتلقى القائمون عليها الفكرة ويقدمونها بعد بلورتها ووضعها في قالب مشوق.. أو ينلوها كما جاءتهم، وهذا هو الفرق بين إعلامي محترف وآخر هاو، وما رأيناه وأثنينا عليه من خبطات إعلامية مع تنظيمات إرهابية ومنها (القاعدة) لم يكن بمنأى من الأجهزة المخابراتية.

قبل عامين.. كتبت في هذا المكان عن جلسة جمعتني بصديقي الإعلامي الأردني "على الطراونة"، وهو إعلامي بارز عمل في محطات كثيرة منها (بي بي سي) وأجدني مضطرا لإعادة نشر بعض مما قاله.

تحدث صديقي عن اجتماع الساعة العاشرة إلا ربع، وهو اجتماع يومي لأبرز العناصر في (بي بي سي) حيث يستهلون به يومهم لمعرفة القضايا محل نقاشاتهم طوال اليوم، والتي يمليها رجل المخابرات البريطانية الذي يتصدر مائدة النقاش، حيث يأتي بورقة عمل يومية، حيث يحضر قبل الاجتماع بفترة للنقاش مع عناصر محدودة، وبعد الاجتماع يعكف قلة على بلورة القضايا المطروحة، لتقديمها في قالب إعلامي مشوق.

وهنا يبرز الفرق بين إعلامي ينقل حرفيا عن رجل المخابرات المعني بالاتصال به.. وآخر يتدخل بإبداعه في الفكرة قبل طرحها، ثم ينتهي الاجتماع بتوزيع المهام على الجميع دون أن يعلم العديد من المذيعين ماذا حدث في غرفة عمليات المحطة، لذلك قد تجد من يقسم أنه لم يتلق تعليمات من أجهزة أمنية، وهو صادق في قسمه لأنه لم يتعامل بشكل مباشر مع رجل المخابرات الحريص على حضور اجتماع العاشرة إلا ربع.

صديقي "على الطروانة" حدثني أيضا عن زميل له من المغرب، هاتفه في شهر أكتوبر عام 2010 وأكد له أنه وبعض زملائه في (بي بي سي) سوف ينتقلون للعمل في مصر وتونس وليبيا وسوريا مع مطلع عام 2011، وعندما سأله "الطراونة" عن السبب، أكد له أن هذه الدول سوف تشهد أحداثا ساخنة مع مطلع العام الجديد، فمن أين علم الصحفي المغربي بما سيحدث في المنطقة؟ لابد أنها أجهزة مخابراتية كانت تعلم أن المنطقة مقبلة على ما أطلقوا عليه ربيعا عربيا.

(بي بي سي) شأنها شأن كل المحطات، لا تعمل بمعزل عن أجهزة المخابرات، حتى لو كانت تنعم بحرية مكنتها على مدار الأيام الماضية من فتح نيرانها على رئيسة الوزراء البريطانية ومطالبتها بالاستقالة، فهناك مساحات لأي محطة تمارس فيها حرية طرح القضايا، ومساحات أخرى تطرح فيها قضايا مملاة عليها ولكن على طريقتها الخاصة، وهذا هو الفرق بين إعلام يبدع فيما يملى عليه، وآخر ينقل دون إبداع.
basher_hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية