رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ: يوسف إدريس «مسح» أعمالي بكلمة واحدة

نجيب محفوظ و يوسف
نجيب محفوظ و يوسف إدريس

في مجلة صباح الخير عام 1966 وفي لقاء مع الأديب نجيب محفوظ للرد على ما أثاره الأديب يوسف إدريس في مقالة له أن كل أعمال نجيب محفوظ حتى ما قبل "ثرثرة فوق النيل" هي مجرد "مسح".


وقال نجيب محفوظ: لا أدرى حتى الآن ماذا يقصد زميلنا يوسف إدريس بكلمة "مسح".. كلمة غامضة، سريعة، قالها ومشى ولم يفسرها.

تصور بكلمة واحدة يأتى كاتب ويلغى كل أعمالك بل يمسحها، أهذه هي الصراحة؟ طبعا لأ، إنها عدم مسئولية وليست صراحة، ثم لنفترض أنها مسح فما مفهومه عن المسح.

لنفترض أنه يقصد الطابع التسجيلي والوقوف عند كل التفصيلات بلا داعى.. برضه مسح ياسيد يوسف إلى هذه الدرجة.. تلقى الاتهام بدلا من أن تناقش؟

عموما الكاتب لا يكون مهتما بشيء قبل أن يكون مهتما بذاته، المصور الفوتوغرافى مثلا يصور ويبدع ويحتفظ بلحظة من الواقع ليبثها في لحظة لتصبح ذكرى.. أما الكاتب فيصور فكرته عن الواقع، ولو لم يكن لديه فكرة خاصة به عن هذا الواقع لما كتب ولما تحرك للكتابة.

والكتابة فكر مهما بدا من دخول الكاتب في العمل الفني أو خروجه منه، ومن غير هذا يصبح مجرد حواديت لا مبرر لها ولا معنى.

امسك مثلا الثلاثية بعد ما ظهرت روايات عن نفس الفترة للشوباشى وأحمد حسين.. هل الأعمال الثلاثة صورة واحدة؟ طبعا لأ، إنما هي 3 أفكار عن واقع واحد، فكر يا سيد يوسف تكتب أنت عن زقاق المدق حاليا.. ماذا ستكتب؟ ولنأخذ مثلا يعرفه الكثيرون "اللص والكلاب" إنه العمل الوحيد الذي يعرف أصله معظم القراء.. أين التسجيلية فيه؟ في النهاية هي مسألة تحتاج إلى كثير من التروي قبل الحكم.

مثلا لو شجرة رسمها عشرة رسامين، ماذا ستكون النتيجة؟ قطعا كل واحد سيخرج في النهاية بشجرته الخاصة.

عموما هناك أدب يصور الواقع، فالأديب يصور فكرته عن الواقع، وفكر الفنان هو الذي يعطى للحادثة الواقعية معنى، وعموما الواقع ملك الجميع، أما الفن فهو الذي ينقل ملكية هذا الواقع الفنان بذاته بالصورة التي استلهمها منه وتصبح خاصة به.
الجريدة الرسمية