رئيس التحرير
عصام كامل

الأيدي لم تعد ناعمة.. قصة 6 أمهات شقيانة احترفن مهن الرجال (فيديو وصور)

فيتو

خاضت المرأة المصرية معارك كثيرة، لترسم مستقبلا جديدًا يليق بطموحاتها، وبذلت أيضًا جهدا مضنيًا، بداية بشحذ الهمم، وحشد الطاقات، ونهاية بجني العديد من المكتسبات نحو تمكينها في كافة المجالات.


وخطت مصر خطوات إيجابية تجاه تمكين المرأة، وهو ما تُرجم على أرض الواقع بإعلان عام 2017 عام المرأة المصرية، وإعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، بحيث يتضمن ولأول مرة في تشكيله قيادات نسائية شابة، وتمثيل للمرأة ذات الإعاقة والمرأة الريفية، و8 وزيرات في الحكومة، و90 نائبة برلمانية، كذلك تعيين أول محافظة في تاريخ مصر، وتعيين أول امرأة مصرية في منصب مستشارة للأمن القومي لرئيس الجمهورية، وتعيين أول امرأة كنائب لمحافظ البنك المركزي المصري.

ومع ذلك، لم تعد الأيادي ناعمة، فمجالات عمل المرأة شملت كل المجالات والمهن حتى أصبحت سائق ميكروباص، وميكانيكي، وعاملة تحميل.

وفي كل منزل ستجد سيدة ناضلت لتحجز لأسرتها مكانًا في هذه الحياة، تستحق تكريمها في يوم "عيد الأم".. فهي الأم والزوجة والأخت التي تتحمل أعباء أسرتها والإنفاق على منزلها، والتي انخرطت بين صفوف الرجال في المهن الصعبة.

ومؤخرا، اعتاد المجتمع على رؤية سيدات كادحات في مهن شاقة، حتى أصبح هذا المشهد مألوفا، وأصبح هؤلاء السيدات هن الرموز الإيجابية، ما استدعى حضورا رئاسيا لافتا، حيث كرّم الرئيس عبد الفتاح السيسي بعضهن واستقبلهن في القصر الرئاسي، وما زالت أخريات يعملن من أجل "لقمة العيش".

ويعتبر يوم الواحد والعشرين من مارس كل عام يوما مهما، حيث تحتفل مصر والدول العربية بعيد الأم الذي يعتبر حدثًا جللًا ويتم تكريم الأمهات، ويأتي هذا بهدية وآخر يفاجئها وغيره يقبلها ويعتبر يوم عيد حقيقي على المصريين، ولكن هناك فئة من هذا الوطن لا تشعر بهذا العيد، حيث يمر كغيره من الأيام.

قصص كفاح توضح لحظيًا كيف تقهر المرأة الظروف الصعبة؟، ولسان حالهن: «مسيرها تُفرج»:

الأسطى أسماء (النجارة)

"أسماء"، جميلة الخلقة والخُلق، تبلغ من العمر 32 عاما، في ريعان شبابها، لكنها اختارت بجانب أنوثتها وحياتها كأم لطفلين اختراق عالم الرجال بقوة، واختارت مهنة النجارة، لتكون مجال عملها برفقة زوجها، وتشعر بحالة من الفرح الشديد عندما ينادى عليها أحد بلقب "الأسطى"، وتزداد سعادتها عندما يخرج من تحت يدها تحفة فنية يشهد لها الجميع بمنطقتها الشعبية "السيدة زينب".


عن أول مرة تعمل بالنجارة، تتذكر أسماء قائلة: "كان زوجي في يده شغل، لكنه كان مرهقًا فدخل إلى المنزل لينام، وحينما استيقظ وجدني أنهيت المطلوب منه كله، وبالطبع لم يكن مُصدقًا للأمر لكنه كان فرحًا جدًا بما أنجزته".


وتقول أسماء: "أعجبتني الحرفة وقمت بمساعدة زوجي، الذي أعطاني كل الدعم وشجعني وأثنى على مهاراتي، وبعد ذلك بدأنا في تطوير الورشة، وقمنا بإحضار المعدات الحديثة لتصنيع الأثاث من جديد بكافة أنواعه من غرف نوم إلى أنتريهات وغيرها".


ورغم مشقة تلك المهنة، إلا أن أسماء تجد في عملها متعة خاصة، خصوصًا أن ممارستها لرياضة الكاراتيه في الصغر ، جعلتها لا تشعر بأنها تقوم بمجهود كبير في عملها الجديد، فهي اعتادت على حمل الأخشاب الثقيلة والتعامل مع الآلات الحادة، ولا تعبأ بشكل يديها اللتين تتلونان بلون دهان الأخشاب.


وتعرضت الأسطى أسماء للكثير من المضايقات فور ظهورها بورشة النجارة، خاصة أنها تقيم بمنطقة السيدة زينب وهي إحدى المناطق الشعبية، وأيضا رفض أسرتها فهي الابنة الوحيدة ولديها 3 أشقاء رجال يخشون عليها من مخاطر التواجد في الشارع والتعرض للزبائن، إلا أنهم بعدما شاهدوا براعتها قرروا دعمها والاستعانة بها في أي شيء يخص النجارة، فأصبحت خبيرة ومرجعا أساسيا لهم.


"فاطمة" ابنة أسماء، تهوي هي الأخرى أعمال النجارة، وتنوي أمها تعليمها أعمال النحت على الخشب، لأنها تعشق الرسم، وتوجه فاطمة رسالة إلى الفتيات قائلة: "عليكن عدم الانتباه لمن يعلق سلبا على اقتحامكن أعمال الرجال، فالأنثى تستطيع أن تمارس أي عمل مهما كانت صعوبته، خصوصًا أن التكنولوجيا سهلت الكثير من الأعمال الشاقة بدنيًا بالماكينات الحديثة".

واختتمت حديثها بأنها تأمل أن تجد جهة تتبنى المواهب، ويكون هناك معرض دائم لعرض المنتجات.

الأسطى نرمين (النقاشة) 

"نرمين" الزوجة والأم الأصيلة، التي وقفت بجوار زوجها في مرضه عقب إصابته بمرض أدى إلى تآكل مفاصله، وصعوبة التحرك والوقوف على قدميه لفترة طويلة، تعلمت مهنة زوجها "النقاشة"؛ لمساعدته على المعيشة وتربية أبنائها التي نجحت في إلحاقهم بمراحل التعليم المختلفة، فضلا عن أن تفوقهم الدراسي، ونجاح ابنتها الكبرى "ساندي"، 12 سنة، التي كافأها محافظ بورسعيد بعد تقديم مشروع تحلية المياه المالحة.


"نرمين"، 31 سنة، ربة منزل من الفيوم، وأشطر أسطى موبيليا ونقاشة، وينقسم يومها بين رعاية زوجها وأبنائها الأربعة، بالإضافة إلى عملها الذي اختارته لتسجل اسمها من ذهب في صفحات السيدات الفضليات.

مرض زوجها دفعها لاقتحام عالم النقاشة التي احترفتها، فأصبحت أكبر أسطى في مجال أعمال النقاشة، وفي فترة وجيزة نجحت في عملها، وتزيين الأطقم المُذّهبة وقلما نجد "صنايعي" يعمل جيدا، وتقول "نرمين" إنها بدأت عملها منذ 12 عامًا، ما بين الورشة التي تقع في منطقة عين شمس والذهاب إلى المنازل لعمل الديكورات.


وتعلق "نرمين" على عملها بالنقاشة وهي تشعر بالفخر: "أمي علمتنى أن أقف بجانب زوجي في السراء والضراء، ولما تعب افتكرت كلامها، وتعلمت مهنته في النقاشة".


وأضافت نرمين: "نجحنا أنا وزوجي في تربية أبنائنا وإلحاقهم بمراحل التعليم المختلفة، وحصلت ابنتنا الكبرى "ساندي" 12 سنة، على شهادة تقدير من محافظ بورسعيد؛ لنجاحها في تقديم مشروع تحلية المياه المالحة، وأبنائي فخورون بي لأني عملت النقاشة لمدرستهم ونفذت لوحة الشرف والتي تعد من الأعمال الفنية للمدرسة أيضا".

صانعة الفخار
وقالت "أم هارون"، من مركز أطفيح، إنها أم لـ4 أبناء، وتعمل بمهنة صناعة الفخار منذ 43 عامًا، وجعلتها هذه المهنة أكبر، مما هي عليه بعشرات المرات.

"أم هارون" تقوم برص الفخار وجمع الرماد وتصفيته، ولهذا وجهها دائمًا مختبئ خلف طبقة من الرماد التي لا تُظهر الكثير من ملامحها، وتزوجت منذ كان عمرها 11 عامًا، وأصبحت أما، ومن وقتها وهي تعمل لمساعدة أسرتها.

ونجحت "أم هارون" في تعليم أولادها حتى أصبحوا في مراحل تعليم مختلفة، محمد طالب بكلية الهندسة، وزينب بالفرقة الأولى بكلية الطب، وسيد بكلية الحاسبات والمعلومات، وهنا بالصف الأول الثانوي وضمن العشر الأوائل من طلبة الصف الإعدادي.

الأسطى عايدة (الميكانيكي) 
في حي الجمالية كانت "عايدة" تستقبل أصحاب السيارات لإصلاح أي أعطال أو أعمال صيانة تتعلق بـ"ميكانيكا" السيارات.

وتبدأ "عايدة" عملها في تمام الساعة 8 صباحًا وحتى السادسة مساءً، وربما يمتد عملها حتى منتصف الليل، و"عايدة" التي لا يتجاوز عمرها 40 عامًا، توفى زوجها قبل سنوات وترك لها 4 أطفال.

وقبل رحيل زوجها، ترك لها أيضا كنزًا ثمينًا، حيث كان قد علّمها حرفة صيانة السيارات، وظلت تتردد على الورشة لمدة تتجاوز عام في وجود زوجها، حتى شربت المهنة تماما وتعملت إصلاح جميع أنواع أعطال السيارات، وبعد وفاة زوجها لم تجد أي بديل سوى أن تُدير الورشة، وتواصل استقبال الزبائن حتى تستطيع تربية أطفالها الأربعة، ونجحت في إلحاقهم بمراحل التعليم المختلفة، وهم متفوقون دراسيا.

  أم باسم (السباكة)


بدأت "سهام مغازي" أو الحاجة "أم باسم" العمل في السباكة، بحي الدرب الأحمر، وأصبحت تنافس الرجال بعدما كانت هذه المهنة محصورة في الذكور فقط، ولم يكن يتخيل أحد أن تمتهن سيدة هذه المهنة الشاقة، لكن الظروف الصعبة دفعت "أم باسم" إلى تعلم هذه المهنة بعد وفاة زوجها.

والتحقت "سهام" بإحدى الدورات التدريبية لتعلم مهنة السباكة، وخلال فترة بسيطة تحولت إلى واحدة من أشهر السباكين من المنطقة والتي يبحث الكثيرون عنها بسبب اتقانها ودقتها في العمل.

 "الحاجة فريـال" سواقة النقل

تعد مهنة قيادة سيارات النقل الثقيل من المهن الشاقة التي يصعب على السيدات العمل بها، لكن "الحاجة فريـال" 44 سنة، التي تزوجت وعمرها 12 سنة، ولم يستمر هذا الزواج سوى 4 أعوام فقط، لتحمل بعد ذلك لقب "مطلقة" وتبدأ رحلة البحث عن عمل يكفيها شر الحاجة ويسد حاجتها وحاجة رضيعها خالد.

تدرجت"الحاجة فريـال" في مراحل ترخيص القيادة المهنية، من درجة ثالثة إلى ثانية ثم درجة أولى، حتى تمكنت من قيادة جميع أنواع المركبات المختلفة، من النقل الثقيل، و"الونش" و"الرافعات".

نظرة المجتمع لها كانت غريبة بعض الشيء، لعدم الاعتياد على ذلك، لكنها استطاعت تجاوزها وغيرتها وأصبح يُعتمد عليها كسائقة نقل ثقيل بين كبار السائقين بميناء الإسكندرية.

كما نجحت "فريـال" في تعليم ابنها الذي أصبح أستاذا جامعيا، ورغم رفعة منصبه إلا أنه ما زال يفتخر بوالدته التي مازالت تعمل بالمهنة.


الجريدة الرسمية