رئيس التحرير
عصام كامل

هل يذهب الإخوان إلى طى النسيان؟

18 حجم الخط

بعد أن أزاح شباب مصر، النظام العتيق فى ثورة سلمية مباركة، شهد لها العالم، لم يصدق الشعب المصرى نفسه، وبات الجميع يحلم بمصر "بكرة"، وكيف سيكون شكلها، والمليارات المنهوبة ستعود وتمتلئ الجيوب، والبعض راح يقضى معظم وقته، أمام شاشات التلفاز، ممسكًا آلة حاسبة ليعرف نصيبه من هذه التركة، لدرجة أن البعض راح يفكر جديًّا فى العزوف عن العمل "طالما سيتقاضى الأجر كاملا، فَلِمَ العمل إذًا؟.


 وسرعان ما تعاقبت الأحداث، وجاءت انتخابات مجلسى الشعب والشورى، عقب الاستفتاء على الدستور المكمل، وحصل الإسلام السياسى على نصيب الأسد، وتخيل الجميع أننا فى عصر الصحابة، رضى الله عنهم وأرضاهم جميعا، ولكن سرعان ما استفاق الشعب المصرى، وراح البعض ينبش فى قبور الجماعة، ومع الاصطدام بالأمر الواقع، بات الكذب جليًّا، فلا شىء يتحقق سوى الوعود فى الهواء تتبخر، وفقد الإسلام السياسى رونقه، واستفاق رجل الشارع من غفوته، وعلم أن العمل هو السبيل الوحيد للحياة الكريمة، ولكن أين العمل؟ بعدما باتت الأبواب مغلقة فى وجه الجميع، وأصبح الكل يلهث وراء قوت يومه، تاركا الساحة للسياسيين والفلول والصفوة والإنقاذ، وكثرت المسميات لدرجة لا يمكن حصرها، باحثين عن المناصب وتقسيم التركة، وراح الجميع يهبش فى جسد مصر المنهك من الشقاء والظلم والاستعباد على أيدى الأبناء والأحفاد، وانكشف صراع المصالح المتبادلة،  وهنا حضرنى تشبيه للرئيس الدكتور محمد مرسى وجماعته بالصبى "التبّاع" الذى يريد أن يتعلم القيادة، فى البداية لا يعرف أبعاد السيارة ومخاطر الطريق، ولكن حب القيادة جعله يقول: أنا "سواق"، وأمامه طريق ضيق، فإما ينجو بنفسه وبالسيارة ويصبح سائقا بارعا، وإما يصطدم بها فى أخرى، وتنتهى حياته، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: هل يصبر الشعب المصرى على الرئيس وجماعته حتى يتعلم القيادة، أم تذهب جماعة الإخوان إلى طى النسيان؟.

الوزير والتغيير

إذا كان الرئيس يبحث عن الاستقرار، فمن الطبيعى أن يحسن الاختيار، وليس من المنطقى أن كل من يخطئ يصبح من أهل النار، فالنظام السابق كان يبقى على الوزير لسنوات عدة، ولا يتأثر بالأهواء، وحبيب العادلى خير دليل، فمنذ رحيله أوشكنا على استقبال الوزير الرابع لوزارة الداخلية، وما زال الوضع يزداد سوءًا يوما بعد يوم، وبتنا نحلم للأسف بيوم من أيام الحبيب العادلى ليعود الأمن والانضباط للشارع المصرى، فهل يكون هذا هو التغيير الأخير؟.


بلدك منين يا جحا؟

ما زلنا نتداول مثلا قديما.. عندما سأل أحد الأشخاص جحا عن بلده، فقال له: اللى فيها مراتى، والآن ظهر هذا المثل جليًّا بعد التحالفات بين القوى السياسية المختلفة من أجل حصد مقاعد مجلس النواب الجديد، فالصفوة وضعت يدها فى يد اللاصفوة، والإخوان وضعوا أيديهم فى أيدى الفلول، المهم البرلمان، وقل على الشعب المصرى السلام، فعلا بلد مصالح.. وسلم لى على جحا.

محافظ الشرقية يعتزل السياسة

لقد ذهلت عندما تحدثت مع العشرات من أبناء محافظة الشرقية، وسألتهم عن حال البلد للاطمئنان، وكيف يقوم المستشار حسن النجار على خدمتهم ليل نهار، فعلمت أن سيادته انشغل بالسياسة ومناصرة الإخوان، وقبلهم الرئيس، خاطبًا الود، وراجيا البقاء فى الكرسى، وبعدما أغلق الباب فى وجه الشباب الذى بات مدمَّرًا بسبب البطالة والجلوس على المقاهى والتسكع فى الطرقات، لأن سيادة المحافظ مشغول بالدستور، ومن بعده البرلمان، ولا عزاء لشعب الشرقية الكادح الذى يستحق كل خير، فهل يعتزل النجار السياسة، ويتفرغ لخدمة المواطنين والقيام بعمله كمحافظ للإقليم؟  وأنا أهمس فى أذنه: التاريخ لا يرحم، والمناصب لا تدوم. 

إذا كنت مبسوطا فلا تعطِ وعودًا، وإذا كنت منفعلا فلا تأخذ قرارات

عندما قرأت هذه الحكمة الجميلة تذكرت فرحة الرئيس محمد مرسى، باعتلاء سدة الحكم فى مصر، عندما أعلن خطة المائة يوم، وما جلبته عليه وعلى جماعته من هجوم، وما أسرع الأيام، فقلت: ليته قرأ هذه الحكمة قبل أن يعطى وعودا، أما الانفعال فلن أتحدث عنه، عملا بقول الحبيب، صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب". 
الجريدة الرسمية