رئيس التحرير
عصام كامل

عضو هيئة كبار علماء الأزهر: الزواج العرفي "زنا" ويفرز أطفالا مجهولي النسب

فيتو


  • بعض البرلمانيين يريدون تحطيم الأزهر
  • لو فصلنا السنّة عن القرآن سيضيع الإسلام نهائيا
  • من ينادي بفصل الكليات العملية عن جامعة الأزهر يريد تدمير مؤسستنا الدينية
  • لا يجوز شرعا تدخل الأمهات في شئون الزوجين
  • المجتمع المصري يعاني من أزمة أخلاق
  • 99 % من الإرهابيين من غير خريجي الأزهر
  • قانون الأحوال الشخصية الجديد يقدم إجابة على كل ما يهم المجتمع المصري
  • ما يحدث بين الشباب والفتيات بالجامعات بكتابة ورقة عرفية ليس مقبولا
  • البعض يفهم "القوامة" بشكل خاطئ.. والرجل مطلوب منه التكفل بكافة شئون البيت
  • لسنا جهة تشريع ونقوم بدورنا بمراجعة القوانين
  • الأزهر قام بتغيير كافة مناهجه الدراسية.. ونحتاج إلى تجديد كافة أنواع الخطاب
  • يجب إبعاد الجاهلين عن قضية تجديد الخطاب الدينى لأنهم يريدون ضرب أصول الإسلام
  • >> هذه بعض الصفات الخفية في شخصية شيخ الأزهر وهذا الموقف نقطة تحول في علاقتى به


حالة من الجدل أثارها قانون الأحوال الشخصية وأحكام الأسرة الجديد الذي أعلن الأزهر الشريف مؤخرًا أن هيئة كبار العلماء التي تعكف على دراسته ومراجعته قاربت على الانتهاء منه، حيث هاجم بعض أعضاء مجلس النواب المشيخة على خلفية أن الأزهر نحى القوانين التي أرسلت إليه منذ فترة لإبداء الرأى الشرعي فيها وبدأ في سن قانون جديد خاص به، ليرد الأخير بأنه ليس جهة تشريع وإنما يقوم بدوره في مراجعة القوانين والتي ترد إليه لإبداء الرأي الشرعي فيها.

"فيتو" بدورها التقت الدكتور محمود مهنى عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الذي أكد أن الهيئة ليست جهة تشريع وإنما هي تقوم بدورها في مراجعة القوانين التي تأتي إليها، مشيرا إلى أن الهيئة استعانت خلال مراجعتها للقانون بمجموعة كبيرة من العلماء المتخصصين في المجالات المختلفة سواء علم الاجتماع أو الاقتصاد أو حتى كبار الأطباء حتى تخرج بقوانين تجيب على كافة الأسئلة التي تهم الشارع المصرى.

بداية ما الجديد الذي سيقدمه قانون "الأحوال الشخصية" للمجتمع المصري؟
هذه القانون قطعنا شوطا طويلا في مناقشته وأوشكنا على الانتهاء منه بالفعل، وعكفنا على دراسة مواده بما يتوافق مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، والقانون تناول كافة البنود والقضايا التي تهم كل بيت مصرى، سواء في مسألة الحضانة أو القوامة أو الزواج أو الطلاق أو غيرها من الأمور التي يبحث عنها كل بيت مسلم، فعلى سبيل المثال بينّا أن هناك شروطا لعلاج نشوز الزوجة، أي عدم طاعتها لزوجها، وأوضحنا أن الطريقة الأولى هي العظة وإذا لم تجدِ يكون هناك هجر في المضاجع، وإذا لم يجد يكون هناك ضرب، والضرب هنا لا يكون ضربا مبرحا يكون بالسواك أو القلم الرصاص، وشددنا على أن المرأة لا تُشتم ولا تُسب، وذلك لأن البعض يفهم القوامة بشكل خاطئ، ويعتبر أن القوامة تعطى له الحق في الاعتداء على زوجته، والأمر على غير ذلك إطلاقًا، فينبغى على الزوج تكريم زوجته، والنبى صلى الله عليه وسلم كان يكرم السيدة عائشة ويعاملها برفق.

كما أننا أكدنا على أن الرجل مطلوب منه التكفل بكافة المستلزمات والطلبات التي تحتاجها المرأة من مأكل ومشرب وغيرها من ضروريات الحياة حتى "الشراب" الذي ترتديه المرأة في قدمها ملزم أن يوفره لها، كما أننا أوصينا بأن يتزين الرجل لزوجته كما يحب أن تتزين له، حيث يقول سيدنا عبد الله بن عباس: "كنت أتزين لزوجتى كما أحب أن تتزين لي"، كما يجب على الزوج أن يستأذن زوجته قبل أن يأكل أي شيء له رائحة كريهة مثل "البصل والثوم والكراث" وغيرها من المأكولات التي قد تترك رائحة في الفم، حتى لا تتأذى منه زوجته، كما أنها مطالبة ألا تأكل شيئا من هذه الأشياء حتى تستأذن منه حتى لا يحدث نفور من أحد الطرفين تجاه الآخر.

وماذا عن مسألة الحضانة في القانون؟
تكلمنا عن الحضانة، والقانون نص على أن الحضانه للأم فإذا ما تزوجت انتقلت الحضانة لأمها فإذا لم تكن أم الزوجة موجودة تنتقل الحضانة إلى أم الزوج، فإذا لم تكن موجودة تنقل الحضانة إلى الزوج بأخذ تعهدات عليه، بأن يعاملهم المعاملة الراقية، هذا إذا كان الأطفال صغارا، أما إذا بلغوا سن الـ15عاما فإنهم يختارون في هذه الحالة بين أن يعيشوا مع الأب أو الأم فإذا كانت الأم على سلوك غير مرضٍ تنزع منها الحضانة، وكذلك الحال بالنسبة للأب.

أُثير الكثير من الجدل حول مسألة الزواج العرفي في القانون الجديد.. فما نص على ذلك؟
الزواج العرفي يعتبر زنا؛ لأن العرف ما تعارف عليه المجتمع والمسلمون ولا يتعارض مع النص، ونحن لدينا في الإسلام مصادر الشريعة هي القرآن والسنة، والعرف والقياس والاستحسان والمصالح المسترسلة وفقه الواقع، وما نقصده هنا بالزواج العرفي هو ما يحدث في بعض الحالات بين طلاب الجامعات، نجد أن الطالب يغرر بزميلة له ويأتى باثنين من زملائه ويكتب ورقه فيما بينهما ويدخل بها، وبمجرد أن يحدث حمل مثلا يتبرأ منها وينفي صلته بالأبناء، وهذا يؤدى إلى وجود أطفال مجهولي النسب، وكانت حالة شهيرة بين أحد الممثلين الذي أقام علاقة مع فنانة أخرى وأدت إلى حمل وأنجبت منه أولادا ونفى في البداية علاقته بالأطفال، إلى أن تم إجراء تحليل له وأثبت علاقته بالأطفال، فلماذا نلجأ إلى هذا الوضع، فهذا الزواج يعتبر أشد من الزنا؛ لأن الفتاة اعتمدت على أن الزوج سيعترف بالأولاد لكنه غرر بها ونفى صلتهم به، فهذا يؤدي إلى انتشار أطفال الشوارع، وهنا يضيع المجتمع، وهذا لا يتم في أي أنحاء عالم، حتى في الدول العربية الأمة العربية تعتز بالنسب.

وكيف شرع القانون لمسألة تدخل الأهل في شئون الزوجين؟
شددنا في القانون على أنه لا يجوز تدخل الأهل في شئون الزوجين، فالزوج هنا لا يجوز له أن يدخل أهله في شئون حياته إلا إذا حدث أمر يخالف الدين ويخالف العادات التي نشأنا عليها، أما إذا حدث شجار وأدخل الزوج أهله في شئون زوجته فهذا لا يجوز، لأن تدخل الأم في شئون الزوجين لا يجوز شرعا.

أثير الكثير من الجدل داخل البرلمان بسبب شروع الأزهر في مناقشة قانون خاص به للأحوال الشخصية فكيف ترون ذلك؟
نحن لسنا جهة تشريع ونحن نمارس دورنا في مراجعة القوانين والآراء التي تأتي إلينا لأخذ الرأي الشرعي فيها، وأود أن أوضح أن الأزهر عمل عند إعداد القانون الجديد على الاستعانة بكافة اللجان التي لها علاقة بالقانون واستعنا بعلماء في علم الاجتماع وأطباء، ثم أكدنا في النهاية على أننا لسنا جهة تشريع.

وللأسف هناك في البرلمان من يريد أن يحطم الأزهر، وأود أن أقول إن الأزهر تاريخه قبل أن يعرف هؤلاء البرلمان بآلاف السنين، وبعضهم لم يقرأ تاريخ الأزهر، ولا يعرفون ما فعل الأزهر ضد الفرنسيين، والحروب الصليبية والإنجليز ومع الملك فؤاد والملك فاروق، وأريد هنا أن أحكى موقفا يدل على تمسك الأزهر بالشريعة، حينما أراد الملك فاروق أن يطلق امرأته وطلب من الشيخ المراغي أن يصدر فتوى بتحريم زواج طليقته من بعده، فرد عليه الشيخ المراغي ردا تاريخيا، وقال له: "لست رسول الله وليست امرأتك أم المؤمنين"، ورفض أن يصدر هذه الفتوى، وكذلك الحال بالنسبة للشيخ عبد الحليم محمود الذي جلس في بيته ستة أشهر أيام السادات اعتراضا منه على سياسة السادات، ثم تدخل البعض ليصلح، وبعدها أصدر السادات قرارا بنقل درجة شيخ الأزهر من وكيل وزارة إلى درجة رئيس مجلس الوزراء.

خمس سنوات مرت على دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى.. فهل لمست شيئًا ملحوظًا في هذا الإطار؟
بداية أوضح ما قام به الأزهر خلال الفترة الماضية، فالمناهج كلها تغيرت، كما أننا نقحنا الكثير من الكتب من الأكاذيب ومن الإسرائيليات التي كانت به، والأشياء التي تتنافى مع العقل، وفي المعاهد الأزهرية أول من بدأ بتنقيح الكتب الأزهرية هو شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، وأول من يحتذى به في مجال التنقيح هو الشيخ طنطاوى فهو من كتب التفسير الوسيط، وكتاب: بنو إسرائيل في القرآن، وهما كتابان عظيمان وإذا لم يقدم الشيخ طنطاوي غير هذين الكتابين فهذا يكفيه، ثم جاءت مرحلة الشيخ أحمد الطيب، وشكل العديد من اللجان التي تعمل طوال الوقت على تنقيح كافة المناهج الأزهرية من أي نص يخالف العقل أو الشرع.

وكيف ترى مسألة تجديد الخطاب الدينى من وجهة نظركم الخاصة؟
نحن نحتاج إلى تجديد الخطاب بصفة عامة سواء الخطاب الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي، فنحن نحتاج إلى تجديد كافة أنواع الخطاب، وذلك لأننا "أمة يخالف أقوالها أفعالها"++ فـ99% من الإرهابيين من غير خريجي الأزهر.

كيف ترى دعوات الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة بتجديد الخطاب الديني؟
أولا أحب أن أقول إن مصر والدين سواء؛ لأن الدين بلا وطن بلا فائدة، وأنا من الذين لا يجيزون الخروج على الحاكم تحت أي ظرف، والرئيس عبد الفتاح السيسي رجل متدين يحترم كافة الأديان، وقال عبارة جميلة: "الدولة دولة ودين"، وأنا أطالبه أن نتوسع في المساحة التي نعيش عليها، فنحن نعيش على ٦% فقط من مساحة مصر والكثير من الأهالي يتعدى على الأراضي الزراعية وهذا لا يجوز شرعا.

هل ترى أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد في عملية تجديد الخطاب الديني؟
الخطاب الديني جديد قديم، والذين أضافوا إليه الأباطيل بعض أهل الكتاب وبعض من المسلمين المنافقين، ويجب أن يتم إبعاد الجاهلين عن قصة تجديد الخطاب الديني؛ لأنهم يتطاولون على الإسلام ويضربون في أصول الدين، كما أننا يجب أن نعلم أن القرآن الكريم والسنة النبوية ليسا تراثا وإنما هما بالنسبة لنا أصول، وإنما التراث يشمل أقوال الفقهاء والعلماء ومن يتعرض للحديث عن هؤلاء هم المتخصصون وليس الأشخاص الذين يضربون في أصول الشرع، ولا بد أن نعلم أن من رحمة الله أن هناك أربعة مذاهب فقهية، كما أننى أدعو لعقد مؤتمر دولي لتجديد الخطاب الدينى حتى لا يقع شبابنا تحت تأثير دعوات الهدم التي يسعى لها البعض.

كيف ترد على الأصوات التي تنتقد المؤسسات الدينية بسبب عدم القيام بدورها في تجديد الخطاب الديني؟
هؤلاء ينفذون الفكر البريطاني القديم، فرئيس وزراء بريطانيا وقف أيام الاستعمار قديما، وقال لا بقاء لنا في الشرق الأوسط ما دام هناك ثلاثة أشياء: هي القرآن والكعبة والأزهر، فهؤلاء ينفذون هذا الفكر، والأزهر لن يدمر، ومصر لن تُدمر، وروى أحد الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ستكون هناك فتن وحروب وسيفوز الجيش الغربي، وأنا جئتكم من مصر، فالجيش الغربي هنا المراد به مصر.

ما رأيك في الحملات التي تنادي بفصل السنة النبوية عن القرآن؟
لو فصلنا السنة عن القرآن لضاع الإسلام نهائيا، فالسنة ثابتة بنص القرآن الكريم نفسه، قالى تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، وهناك أشياء في القرآن الكريم وضحتها السنة النبوية المشرّفة، مثل كيفية الصلاة والزكاة وأحكام الزواج وغيرها من الأمور التي وردت مجملةً في القرآن الكريم وفصلتها السنة، وورد قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، وقوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}.

هل نحتاج إلى مزيد من تنقية التراث؟
الدولة عليها مسئولية في هذا الإطار فنحن لدينا أكثر من 2 مليون طالب وعشرات الآلاف من أعضاء هيئات التدريس، وناقشنا الملايين من الرسائل العلمية التي تناقش القضايا العصرية، فعلى الدولة أن تترجم هذه الرسائل العلمية وتنشرها للبشرية لتبين أن الإسلام دين العصر، فهذه الرسائل تمتاز بعدم وجود أي أكاذيب أو إسرائليات بها، وإنما تشتمل على العديد من القضايا العصرية، كما على العلماء استحداث طرق بسيطة في عملية الشرح والتوضيح للمعاني الشرعية للناس، ولا بد أن تكون العلاقة وطيدة بين العلماء وأولى الأمر ولا بد أن تكون لكل منهم منزلته.

كيف ترى الأصوات التي تنادي بفصل الكليات العملية عن جامعة الأزهر؟
هذا موضوع مدبر ليدمروا الأزهر، وهذه الفكرة موجودة من عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وحاليا الكليات العملية في الأزهر تعد من أجود الكليات على مستوى الجمهورية في مجالاتها، سواء الطب أو الهندسة أو طب الأسنان، ففصل الكليات العملية عن جامعة الأزهر هو ضرب للأزهر في مقتل، وقضاء عليه.

هل ترى أننا نعاني من أزمة أخلاق؟
لا شك في هذا، وأنا قلت قديمًا إن الحرب القادمة هي حرب فكرية واجتماعية وهو ما تعمل عليه بعض الجماعات الخارجية في المجتمعات العربية والإسلامية، كما أن مواقع التواصل الاجتماعى أفسدت العالم بدرجة 90% وهي سبب من أسباب انتشار الإلحاد وما فعلوه إلا لينشروا الأخلاق السيئة والإلحاد وضرب الأمم.

حدثنا عن الجزء الخفي في شخصية شيخ الأزهر؟
شيخ الأزهر أهم ما يتميز به أنه رجل ذو خلق وعالم ومثقف ومخاطبته لنا جميعا عقليا وقرآنيا، كما أنه يحترم الأكبر منه سنا وهو أول مواطن في مصر دافع عن مصر، وجاب بلاد العالم للدفاع عن الدولة، كما أنه رجل زاهد، وترجع هذه الصفات لأنه من أهل البيت، وهناك موقف لى معه عندما كنت نائبا لرئيس الجامعة، وكانت هناك مكالمة هاتفية بيننا فحصل فيها اختلاف في وجهات النظر، وتجادلنا مع بعضنا البعض، وقفلنا السماعة "في وش بعض" فذهبت بعدها إلى البيت ونمت فجاءني شخص في الرؤيا وقال لي: "أحمد الطيب تُتَّقى دعوته" أي: احذر دعوته، وكان هذا الموقف نقطة فاصلة في تاريخ تعاملاتنا، ومن هذه اللحظة أقول إن: لو كل المصريين مثل أحمد الطيب لكانت مصر في قمة القمم، وأكثر وصية يقولها لنا إنه يحب العمل السري، وأن نكون أمناء على العلم، وأن يكون الإفتاء موثقًا، وأن تكون أيادينا نظيفة.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية