رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ أحمد تركي: الشعب المصري ليس سلفيا.. ولا يوجد بالشريعة الإسلامية شيء يسمى السلف

فيتو

  • لا يوجد التزام ديني في الإسلام وإنما يوجد استقامة
  • الخطاب الديني يجب أن يكون ثقافيا بالأصل ومطعما بالدين
  • طبقت ما نادى به الرئيس بإدخال دورات الأمن القومي في التدريب
  • لا يوجد بديل عن الأزهر في العالم ولا ينبغى تحميله مسئولية التطرف
  • نقل التجارب والخبرات شبه منعدمة بين الدعاة
  • يجب احتكار الفتوى في مصر
أجرى الحوار: محمد أبو المجد – محمد فودة

عدسة: حسام عيد

قال الشيخ أحمد تركي، الداعية الأزهري ومدير عام مراكز تدريب الأئمة بوزارة الأوقاف السابق إن الخطاب الديني يجب أن يكون خطابا ثقافيا بالأصل ومطعما بالدين وليس خطابا دينيا محضا، مشيرا إلى الشعب المصري ليس شعبا سلفيا، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية شيء يسمى السلف لأننا نتبع النبي صلى الله عليه وسلم ونتصل بالأصل مع الارتباط بالعصر، وتلك هي طبيعة المصريين ولا يستطيع أحد أن يقول إن الشعب المصري سلفي في تفكيره.

وأكد "تركي" في حوار لـ"فيتو": كنت أول من طبق ما نادى به الرئيس السيسي، لتخريج داعية مستنير حينما كنت أعمل بالأوقاف، وأدخلت مادة الأمن القومي في تدريب أئمة الأوقاف ولجأت إلى أكاديمية ناصر العسكرية وأرسلت خطابا إلى الأمانة العامة للقوات المسلحة ورحبوا بذلك وكانت من أعظم المحاضرات التي أفادت الإمام بالتوعية بمفاهيم "الدولة الشاملة، ومقدرات الدولة والحدود وحروب الجيل الرابع، والفلسفة وعلاقاتها بالخطاب الديني" ويجب أن نطبق ذلك بعلم واتقان وليس بصورة شكلية.

وإلى نص الحوار: 


* كيف ترى انتشار الفتاوى المتشددة من السلفيين؟
هناك نبرات مرتفعة في الأجواء المصرية، الأولى نبرة تطرف تبث من خلال المواقع بالإضافة إلى الإعلانات الممولة عن طريق منشورات السوشيال ميديا من شباب الإخوان، وهو أمر مقلق جدا لأنهم يريدون التأثير في الناس وبعد ذلك يجرونهم إلى التعاطف ثم الإرهاب والتطرف، وكذلك الأمر عند السلفيين.

* وما تفسيرك لتلك النبرة المنتشرة في المجتمع؟
التفسير الوحيد لها هي التشدد باسم الإلتزام الديني، وفي الإسلام لا يوجد التزام ديني وإنما يوجد استقامة، وهناك فارق ما بين الالتزام والاستقامة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "قل آمنت بالله ثم استقم" ولم يقل ثم التزم، ولو تأملنا في الآيات القرآنية سنجد أنها تتحدث عن الاستقامة قال تعالى : " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ".

* وما الفرق بين الاثنين؟
الاستقامة لا يستطيع أن أن يسرقها أو يختطفها أو أن يقول على الصدق كذب، لكن الالتزام كلمة مائعة ومطاطة، وقد تبدو براقة ومعناها أنهم يعرضون الأيديولوجيات والمبادئ الخاصة بهم على أنها الدين وكان ذلك مدخلا مهما من مداخل التطرف.

* وماذا عن النبرة الثانية التي تراها متطرفة؟
هي التطرف في تناول الشئون الدينية، فكل ما خرج وتجاوز عن الحد هو تطرف؛ فالوسطية معناها الاعتدال وإذا ما أخذت الطرف اليمين أو اليسار فهذا يعني أنا وقعت في التطرف، ومؤخرا سمعنا من يصف الأزهر بالتطرف دون أدنى تفرقة بين المعاهد الدينية والجماعات فقلت لهم: "يا جماعة أنا واحد من الناس كنت خلال المرحلة الثانوية والإعدادية في الأزهر وكنت من قرية حسن البنا في محافظة البحيرة ولم يظهر فيها متطرف واحد إلى أن تركنا البلد، لأنه لم يكن يجرؤ أحد أن يقول أعياد المسيحيين حرام، فكنا ندرس التفسير والحديث وغير ذلك" وظهرت تلك الجماعات في القرية فترة الثمانينات وحينما نجد آثار التشدد على أحد الشباب الذي يقوم بإطلاق اللحية فجأة كنا نذهب للجلوس معه لأن الأزهري أشبه ما يكون بضباط القوات المسلحة، فمثلما الضابط لدية شرف العسكرية، فالأزهري لديه شرف الأزهرية.

* في اعتقادك.. ما الخطاب الديني الذي ينبغي تقديمه للجمهور؟
الخطاب الديني يجب أن يكون خطابا ثقافيا بالأصل ومطعما بالدين وليس خطاب محض دين، لأن الدين هو عبارة عن ماء السماء الذي ينزل على الأرض، فإذا كانت الأرض مزروعة شوك ستنبت شوك، فيجب أولا تأسيس الحالة الثقافية وإيجاد البيئة الصالحة وفي آخر لقاء لي بوزارة الأوقاف أخذت عددا من الدعاة بالمحافظات الحدودية وذهبت بهم إلى مكتبة الإسكندرية وفي الحقيقة وجدنا تعاونا كبيرا جدا من الدكتور مصطفى الفقي، وقمنا بزيارة مكتبة المخطوطات في الإسكندرية ولا يوجد بديل عن الأزهر في العالم ولذلك يجب دعمه وإصلاحه أيضا، لكن لا ينبغى تحميل الأزهر مسئولية التطرف لأن ذلك يخدم على الطرف الآخر فنراهم يقولون "هجوم على الإسلام".

* هناك أصوات تحذر من أن المجتمع المصري يسير في طريق التيارات السلفية.. كيف ترى ذلك؟
الشعب المصري ليس شعبا سلفيا، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية شيء يسمى السلف لأننا نتبع النبي صلى الله عليه وسلم ونتصل بالأصل مع الارتباط بالعصر، وتلك هي طبيعة المصريين ولا يستطيع أحد أن يقول إن الشعب المصري سلفي في تفكيره كما يدعي البعض، في ظل وجود الأزهر والتعايش بين المسلمين والمسيحيين فهذا كلام عاطفي ومرسل ولا يوجد له أي دليل، وأرى أن المصريين يهنئون إخوانهم الأقباط في المناسبات المختلفة وفي برنامجي الإذاعي يوجد بعض المهندسين مسيحي وقدمت له التهنئة على الهواء.

* برأيك.. لماذا لم يصدر قانون الفتوى إلى الآن؟
صراحة أنا غير متابع لهذا الملف لكن من الجيد أن يكون هناك مشروع ينظم الفتوى في الإعلام وأرى أنه يجب احتكار الفتوى في مصر، وذلك توصيف يتناسب مع حجم المشكلات والفتوى التي تظهر يمينا ويسارا ويوجد لدينا دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء وإذا ما قال الأزهر سكت الجميع، وأنا أتحدث في أمور الدعوة أما ما يتعلق بالفتوى التي تخص الإعلام أعتذر للصحفي مع توجيهه لدار الإفتاء أو الأزهر حتى ألتزم بما أنادي به، ومن يتصدر لأمر الفتوى يجب أن يكون لديه مؤهلات علمية ويستطيع التعامل مع الكاميرا ومهارات التواصل والجمع ما بين العلم والفقه.

* كيف نظرت إلى دعوات الرئيس بتخريج داعية مستنير وملم بكافة الجوانب العلمية والثقافية؟
كنت أول من طبق ما نادى به الرئيس السيسي، حينما كنت أعمل بالأوقاف وأدخلت مادة الأمن القومي في تدريب أئمة الأوقاف وحينما لجأت إلى أكاديمية ناصر العسكرية وأرسلت خطابا إلى الأمانة العامة للقوات المسلحة ورحبوا بذلك وكانت من أعظم المحاضرات التي أفادت الإمام بالتوعية بمفاهيم "الدولة الشاملة، ومقدرات الدولة والحدود وحروب الجيل الرابع، والفلسفة وعلاقاتها بالخطاب الديني" ويجب أن نطبق ذلك بعلم واتقان وليس بصورة شكلية.

*نقل الخبرات والتجارب هل هي موجودة بين الدعاة والعلماء؟
شبه منعدمة.. وأذكر حينما كنا صغارا كان يوجد رموز كبيرة في وزارة الأوقاف وكنا نعود إليها ونسألها أما الآن فكل زميل مهتم بـ"لقمة العيش" والمكانة والمنصب إلى آخر ذلك، ففكرة نقل الخبرات أصبحت ضعيفة جدا، ويوجد فارق كبير جدا بين نقل العلم ونقل الخبرات.

*ما أهم المشكلات التي تواجه الدعوة حاليا ؟
العشوائية.. فلا يوجد خطط منظمة نقياس بها ما يتم إنجازه ولا خطط مستقبلية لمدة 5 سنوات للأمام تراعي التغيرات الحضارية والاتصالات والمجتمع، ولا يوجد مراكز بحثية ترفع بصمات الواقع ولذلك طالبت بأن تكون هناك خريطة ترصد المشكلات الخُلقية والفكرية في مصر لكي نستطيع العمل بناء عليها وحينما كنت في الإدارة العامة لتدريب بالأوقاف راعيت ذلك لأن القضايا التي تهم الداعية في الفيوم غير التي تهمه في شمال وجنوب سيناء، فالدعوة الآن قائمة على أشخاص ولم ترق للدعوة المؤسسية يعني لا تتأثر بوجود شخص ولا برحيله.

* وما الذي تخطط له خلال المرحلة المقبلة؟
أنا الآن في فترة انتقالية وأعيد ترتيب أوراقي وخططي الدعوية وسأعلن عنها بعد اكتمالها.
الجريدة الرسمية