رئيس التحرير
عصام كامل

هل يجوز تعديل نظام علاقة الموظف بجهة عمله؟


كافة الدساتير المصرية بدءًا بدستور 1923 وانتهاء بالدستور الحالي رددت جميعها التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وأن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، وتلتزم بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوفير شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية وحظر فصلهم تعسفيا، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.


والوظائف العامة حق وأن الدولة ملتزمة بذلك، وفقًا للاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان والتي صدقت مصر عليها، وأكدت على مبدأ المساواة أمام القانون وكفلت تطبيقه على المواطنين باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، دون أن ينطوي على صور التمييز التي تنال من حقوق المواطنين أو تقيد ممارستها.

هذا المفهوم يجب أن يوضع في سياقه وجوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة لمن تتماثل مراكزهم القانونية على ضوء السياسة التشريعية التي يراها المشرع محققة للمصلحة العامة، وأن صور التمييز قد وردت على سبيل الحصر والمعيار الجامع المانع لمبدأ المساواة، هو التماثل في المراكز القانونية من كل الوجوه بالنسبة إلى الحق المطلوب.

ومن المستقر عليه وفقًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا أنه إذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو إنتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المواطنين.

ومن ثم فإذا قام التماثل بين المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئات المواطنين وتساويهم بالتالي في العناصر التي تكونها استوجب ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها في حقهم، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية سواء كان خروجه هذا مقصودًا أم وقع عرضًا، والتمييز المخالف للدستور، إذًا فهو التمييز التحكمي الذي لا يقوم على أسس موضوعية أو مصلحة عامة تبرره، ويترتب عليه إخضاع أشخاص ينتمون إلى مركز قانوني واحد لقواعد قانونية مختلفة، وأيًا ما كانت صور التمييز.

والمقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة، أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، أو أن علاقة الموظف العام بالمرفق الذي تديره الدولة هي علاقة تنظيمية، يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه.

وفى ذلك فهو يستمد حقوقه من نظام الوظيفة العامة، ويلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله في كل وقت، ويخضع الموظف العام لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له بأن يحتج بأن له حقا مكتسبا في أن يعمل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستوري، فهنا يكون الاحتجاج على التعديل بمخالفته للدستور، وليس بمساسه بالأوضاع التنظيمية للموظف العام.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية