رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

جهاز لتنمية الصعيد لماذا؟!


بلا شك أن محافظات الصعيد على مدار العقود الماضية ظلت مهملة وتفتقر إلى التنمية إلى الحد الذي كان يقال فيه إن الصعيد سقط من ذاكرة الدولة، وهذا أدى إلى زيادة نسبة الفقر إلى أعلى معدلاته في مصر والمنطقة.


نتائج إهمال الصعيد كانت كارثية على البلد، وأدت إلى هجرة أبنائه للقاهرة، مما ساهم في تفاقم مشكلات العاصمة، والأخطر من ذلك أنه أصبح بيئة خصبة للجماعات الإرهابية، وشبابه ضحايا لهذه الجماعات، فالخلاصة أن إهمال الصعيد كان خطأ فادحا ما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم.

ولكن الأمانة تقتضي القول بأن الدولة خلال الفترة الأخيرة أصبحت تولي الصعيد اهتماما كبيرا، وحاليا يتم تنفيذ مشروعات ضخمة هناك وسوف يكون لها مردود إيجابي على المواطنين، ومنذ أيام فقط توجت الدولة جهودها واهتمامها بالصعيد من خلال صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل جهاز تنمية الصعيد وذلك تنفيذا لقرار جمهوري صدر بهذا الشأن.

ورغم أهمية الجهاز ولكن هناك بعض الملاحظات على الشكل والمضمون أتمنى تلافيها حتى يحقق الجهاز أهدافه:
فمن حيث الشكل أنه تضمن ممثلين عن هيئات كثيرة حتى اتحاد الغرف التجارية، إلا أنه جاء خاليا من ممثلين عن وزارات الزراعة والإسكان والنقل، رغم أن محافظات الصعيد كلها زراعية وسكانها فلاحون وفيها أكبر مساحة لاستصلاح وزراعة المليون ونصف المليون فدان، وأيضا شهدت مؤخرا طفرة في الإسكان بإنشاء أكبر عدد من المدن الجديدة ومشروعات المياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى مشروعات الطرق والكباري العملاقة وكذلك تطوير الموانى البحرية والبرية.

أما من حيث المضمون فهو الأهم، أتمنى ألا يكون هناك تضارب بين الجهاز والسادة الوزراء والمحافظين مما يؤدي إلى روتين وبيروقراطية وإجراءات إدارية أكثر تؤدي إلى تعطيل المشروعات، أو تزيد من مشكلات الاستثمار وبالتالي هروب المستثمرين.

فالقضية ليست في إنشاء الأجهزة والهياكل الإدارية ومزيد من الإنفاق بلا فائدة، ولنا تجربة ما زالت قائمة مع جهاز تنمية سيناء فلا يشعر به أحد ولم نسمع أو نشاهد له إنجازات على أرض الواقع إلا إذا كان يعمل وينجز في صمت بعيدا عن الإعلام.

تنمية الصعيد حلم طال انتظاره، وما يشهده حاليا من إنجازات يؤكد مدى اهتمام الدولة به، ووصل الأمر إلى حد منح الأراضي الصناعية والاستثمارية بالمجان في المناطق الفقيرة والأكثر احتياجا، وذلك بنص قانون الاستثمار الجديد، كما أن هناك خريطة استثمارية موحدة فيها فرص كثيرة للاستثمار في صعيد مصر لانتشال أهالينا هناك من الفقر والجهل والمرض وتحسين مستواهم الاقتصادي بعد سنوات طويلة من المعاناة.

وبشكل عام فإن كل محافظات الجمهورية وليس الصعيد فقط تحتاج إلى سرعة عملية التنمية وإقامة المشروعات الإنتاجية سواء كانت عملاقة أو صغيرة ومتوسطة وحتى متناهية الصغر، حتى تقضي على مشكلاتنا في الإنتاج والتوظيف وغلاء الأسعار، وما زال لدينا مشكلات طاحنة في الأجهزة المحلية بالمحافظات تؤدي إلى إعاقة الاستثمار والتنمية، فضلا عن هروب الشباب إلى العاصمة للبحث عن فرص عمل حتى لو في حراسة العقارات.

رغم أن ربنا سبحانه وتعالى منح بلدنا ثروات وموارد طبيعية لا تحصى ولا تعد ووهب كل محافظة ميزة تنافسية مختلفة عن الأخرى من الموانى والآثار والزراعة والصناعة والبحيرات والسياحة (شاطئية ودينية وعلاجية)، أو فرع لنهر النيل في 20 محافظة، أو موقع على البحر 15 ميناء، أو ثروة سمكية أو تعدينية أو معجزة إلهية..

ففى سيناء كلم الله موسى، وفى دمياط التقاء النهر بالبحر، ومن العريش لأسيوط 25 مسارًا للعائلة المقدسة، وفى محافظات القناة أهم ممر ملاحى دولى، 11 محافظة مطلة على البحرين الأحمر والمتوسط ومؤهلة لكى تكون مناطق حرة أفضل من دبى وهونج كونج وسنغافورة، حتى سوهاج التي توصف بأنها المحافظة الأكثر فقرًا فإنها تطل على نهر النيل وبها مساحة أراضٍ كبيرة صالحة للزراعة ومدينة تعوم على الآثار (أخميم)، وفيها أيضًا محاجر ومطار وجامعة وصناعات يدوية، ومع ذلك سوهاج تكتوى بنيران الفقر والجهل والمرض.

المحافظات تحتاج إلى الإدارة بعقلية اقتصادية تحول التراب إلى ذهب، وتستغل كل الفرص الاستثمارية المتاحة حتى تحقق التنمية التي ترفع معيشة المواطن، وتقضي على الفقر والبطالة والإرهاب، والله الموفق والمستعان، وتحيا مصر.
egypt1967@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية