رئيس التحرير
عصام كامل

«الكُتُبْخَانَة» تعود للحياة.. رئيس الوزراء وحاكم الشارقة يفتتحان دار الكتب بعد ترميمها.. مدبولي: خطة لتطوير القاهرة وسور الأزبكية.. والقاسمي: لن نتأخر عن تقديم كل ما ينفع «أم الدنيا

جانب من افتتاح دار
جانب من افتتاح دار الكتب بعد ترميمها

افتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، يرافقه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات، حاكم الشارقة، والدكتورة ايناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، صباح اليوم الأحد، مبنى دار الكتب بباب الخلق بعد ترميمه وتطويره، بحضور عدد من الوزراء، ومحافظ القاهرة، والسفير الإماراتى بالقاهرة، ومفتى الجمهورية، والدكتور هشام عزمي، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، وعدد من كبار رجال الدولة.


وخلال الافتتاح رحب رئيس مجلس الوزراء بالشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي قدم منحة الترميم والتطوير، وحرص على تلبية الدعوة بالمُشاركة في هذا الحدث المهم، لافتًا إلى أن ذلك يعدُ دليلًا جديدًا على العلاقة الخاصة التي تربطه بمصر، وتجسيدًا لدوره التنويري في إحياء الثقافة والفنون والآثار.

مكانة تاريخية
وأشار مدبولي إلى أن افتتاح دار الكتب في مكانها التاريخي يعدً رسالة مهمة بأن مصر ستظل منارة للثقافة تساهم بإبداعات أبنائها من المفكرين والمبدعين في إثراء الأدب والفنون، وتشكيل الوعي والوجدان.

من جانبها اعتبرت وزيرة الثقافة أن إعادة افتتاح الدار يعد انتصارًا جديدًا للثقافة المصرية، مؤكدة أن المبنى أصبح صرحًا يُضاهي دور الكتب العالمية بعد عملية الترميم والتطوير، التي شملت تجهيز القاعات بأحدث النُظم التي تحفظ ثروات التراث القومي النادرة، باعتبارها جزءًا من هوية الوطن، إلى جانب إعداد قاعة للعرض المتحفي تضمُ كُنوز المقتنيات من مخطوطات وبرديات ومسكوكات وأوائل المطبوعات‏ وغيرها، موضحة أن عملية التطوير تمت بمساهمة من وزارة الآثار التي أعادت الجُدران الخارجية للمبنى إلى شكلها الأصلي.

مراحل الترميم
واستمع الحضور إلى عرض مفصل من الدكتور هشام عزمي، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، حول تاريخ الدار ونشأتها، ومراحل ترميمها وتطويرها، حيث أوضح أن عملية الترميم الأخيرة تمت بمنحة من الشيخ سلطان القاسمي، قدرت بنحو 31 مليون جنيه، بعد أن تضررت الدار في انفجار سيارة مفخخة أمام مديرية أمن القاهرة بحادث إرهابي غاشم، في 24 يناير 2014، وقد كان الشيخ القاسمى دومًا داعمًا قويًا للثقافة العربية بوجه عام، والثقافة المصرية بوجه خاص، حيث قام من قبل بتمويل إنشاء مبنى دار الكتب والوثائق القومية بالفسطاط.

وأضاف رئيس دار الكتب الوثائق القومية، أن تطوير الدار تم من خلال عمل متكامل لإعادة تأهيل المبنى، والتركيز على تجهيز العرض المتحفي على نحو أكثر جذبًا يليق بحضارة مصر، وأهمية مقتنيات الدار ومخطوطاته.

وأوضح هشام عزمي أن أعمال التطوير تضمنت إصلاح وصيانة الفتارين، واستيراد فتارين خاصة بالمصاحف المملوكية من ألمانيا، مع تطوير نظم الإضاءة، والمراقبة، والإنذار، واستحداث شاشات عرض حديثة بتكنولوجيا اللمس، وكذلك صيانة اللوحات الإرشادية الخاصة بالعرض المتحفي، وعزل الشبابيك بعوازل حرارية لمنع تسرب الحرارة والأتربة والضوء.

وأضاف أنه تم أيضًا تركيب ستائر عازلة للصوت مواكبة ومتناسقة مع ألوان الحجر الهاشمي داخل المبنى، وتزويد المتحف بمجموعة من الأثاث المتحفي لتوفير الراحة لزائري المتحف من كبار السن، إلى جانب تجديد دهانات الحوائط الحاملة للمعروضات بلوحات الخط العربي لتناسب العرض الجديد، كما تم طباعة كتالوج خاص بالمتحف يحتوي على مجموعة كبيرة من صور المعروضات بالإضافة إلى عدد كبير من المطويات والبوسترات الخاصة بالمتحف بهدف الترويج والتعريف بالمعروضات الموجودة بالعرض المتحفى.

وثمّن رئيس الدار الدور البارز للعاملين بدار الكتب بباب الخلق، في تجميع مقتنيات الدار والحفاظ عليها طوال عملية الترميم، بالإضافة إلى استمرار تقديم الخدمة للباحثين والدارسين والزائرين طوال هذه المدة دون توقف.

يذكر أن دار الكتب المصرية تعدُ أول مكتبة وطنية في العالم العربي، والتي مر على إنشائها نحو 149 عامًا، حيث أصدر الخديو إسماعيل الأمر العالي بتأسيس دار للكتب بالقاهرة "الكتبخانة الخديوية المصرية" عام 1870 بناءً على اقتراح من على باشا مبارك ناظر ديوان المعارف آنذاك، لتقوم بجمع المخطوطات والكتب النفيسة التي كان قد أوقفها السلاطين والأمراء والعلماء على المساجد والأضرحة والمدارس، وتكون نواة لمكتبة عامة على نمط دور الكتب الوطنية في أوروبا.

واتخذت دار الكتب من الطابق الأسفل بسراي الأمير مصطفى فاضل بدرب الجماميز مقرًا لها، وفي عام 1904 انتقلت المكتبة إلى مبنى أنشئ لها خصيصًا في ميدان باب الخلق، واكتملت منظومة مباني المكتبة الوطنية بإنشاء المبنى الذي تحتله حاليًا على كورنيش النيل منذ سبعينيات القرن الماضي.

في حب مصر
في كلمته بافتتاح دار الكتب اليوم بعد تطويره وترميمه، قال الشيخ القاسمي:" نشهد اليوم افتتاح طاقة من طاقات النور، يشع نورا وثقافة، هو دار الكتب، وأبارك لأشقائى المثقفين بهذا الصرح، ولن نتأخر عن كل ما ينفع مصر، وادرك تقدير مصر لي".

وأضاف: هذا مركز اشعاع ونحن هنا نشكر وندعو الله أن يحفظ رئيس الجمهورية، والقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، وكل مصري مخلص، كما ندعو الله أن يشد من عزيمتهم ويقوي هممهم للخلاص من الإرهاب وقوى الظلام.

وأوضح أن "الإرهاب بطبعه جبان، وهذا الفكر والتيار الظلامي له اوجه عديدة، ونريد أن نحاربه بالفكر، من خلال تطوير الخطاب الديني، وتوعية الابناء والاجيال القادمة".

وقال: "دوما أُسال: لماذا احب مصر؟فأرد: ليتكم عرفتم مصر، وقد درست مصر دراسة وافية، وتاريخها وحضارتها، ولها علينا أن نقف معها، دوما، وقد عرضت من قبل برنامجا متكاملا مع وزير الثقافة لتطوير قصور الثقافة فهي التي تستطيع جمع الشباب وتثقيفهم ومنحهم الايمان الصادق".

وأضاف: "كنت كثير التردد على سور الأزبكية وجمعت من خلاله الكثير من كتب التراث، وهناك مشكلة متعلقة بسور الازبكية حاليا، واطلب الا يزال الباعة من هذا المكان، فثقافتنا وعلمنا منه، وانا على استعداد للابقاء عليه بالصورة الحضارية المطلوبة، وارجو من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومحافظ القاهرة أن يكون هناك احتفال قريبا بهذا المكان في ثوب جديد".

المتحف الإسلامي
كما تفقد "مدبولي" صباح اليوم، متحف الفن الإسلاميّ، يرافقه الدكتور خالد العناني وزير الآثار، والدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور ممدوح عثمان، مدير المتحف.

وتجول رئيس الوزراء في أنحاء المتحف، وقال:"نحن نمتلك ثروة حقيقية"، وخلال شرحه أضاف الدكتور ممدوح عثمان: "متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، هو درة المتاحف الإسلامية في العالم؛ حيث يضم ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية نادرة ومتنوعة، والتي ترجع للعصر الإسلامي، من عدة أقطار مختلفة كالهند والصين وإيران، مرورًا بفنون شبه الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس".

وكتب رئيس الوزراء كلمة تذكارية في المتحف قال فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم.. شرفت بزيارة المتحف الإسلامي بالقاهرة، وقد انبهرت بالمحتوى الرائع للمتحف، وكذا الإدارة الجيدة، والعرض المتميز للقطع الأثرية، وإن شاء الله، تشهد الفترة القادمة وضع المتحف على خريطة السياحة العالمية، لكى يتعرف السائحون على عظمة الحضارة الإسلامية".

وأضاف: "بدأت فكرة إنشاء متحف للفنون والآثار الإسلامية في عصر الخديو إسماعيل عام 1869، وتم تنفيذ الفكرة في عصر الخديو توفيق عام 1880، عندما قام فرانتز باشا بجمع التحف الأثرية التي ترجع إلى العصر الإسلامي في اليوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله الفاطمي بشارع المعز".

وتابع:"في عام 1882 كان عدد القطع الأثرية التي تم جمعها 111 قطعة، وتم بعد ذلك بناء مبنى صغير في صحن جامع الحاكم أطلق عليه اسم المتحف العربي، تحت إدارة فرانتز باشا الذي ترك الخدمة سنة 1892، وتم افتتاح مبنى المتحف الحالي في منطقة باب الخلق في عهد الخديو عباس حلمي الثاني في 28 ديسمبر 1903، ثم تغير اسم المتحف من دار الآثار العربية إلى متحف الفن الإسلامي عام سنة 1951".

وقال مدير المتحف: "للمتحف مدخلان أحدهما مطل على شارع بورسعيد في مواجهة مديرية أمن القاهرة، وتتميز هذه الواجهة بزخارفها المستوحاة من العمارة الإسلامية في مصر في عصورها المختلفة، ويتكون المتحف من طابقين؛ الأول به قاعات العرض، والثاني به المخازن وبدروم يستخدم كمخزن وقسم لترميم الآثار".

ويحتوي المتحف على عدد من القاعات يصل عددها إلى 25 قاعة، ويبلغ عدد التحف المعروضة 4400 تحفة.

تجدر الإشارة إلى أنه قد سبق أعمال الترميم لعدد من مقتنيات المتحف كانت قد تضررت في انفجار سيارة مفخخة أمام مديرية أمن القاهرة بحادث إرهابي غاشم، في 24 يناير 2014، حيث لعب العاملون بالمتحف من أثريين ومرممين وجميع التخصصات دورًا كبيرًا لإنقاذ المتحف منذ لحظة الانفجار حتى تم ترميمه وإعادة افتتاحه مرة أخرى في 17 يناير 2017.
الجريدة الرسمية