رئيس التحرير
عصام كامل

«عجمي» عليكي يا مصر


(ملامح غاضبة.. حواجب معقودة.. شفاه مفتوحة تعكس نبرات صارخة.. وأنفاس مرتفعة كأن صاحبتها تخوض سباقًا في الأولمبياد).. هذه هي النائبة "غادة عجمي" التي استخدمت الصراخ وسيلة للحديث في حوارها مع قناة فرانس 24 فخسرت التعاطف وكسبت الانتقاد.


منذ أيام، شاهدت حلقة من برنامج (النقاش) التي خُصصت لتحليل زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر قبل أن تتحول إلى "خناقة" بطلتها الرئيسية هي النائبة المصرية في مواجهة ناشطة فرنسية.. ظلت تلح في رأسي بعض الأسئلة تتعلق بأسلوب النائبة في الحوار، أكثر من مضمون الرسائل التي حاولت إيصالها.. هل نبرة الصوت المرتفعة كانت الطريقة الأنسب لإيصال الرسائل؟ هل لغة الجسد والإشارات المستخدمة باليد جاءت موفقة؟

في بداية حديثها أوضحت النائبة أنها تمثل الشعب المصري.. ولأنها مسئولية ضخمة على النائبة.. ولأنني شاهدت طريقتها في الحديث لذلك أتمنى توفير تدريب إعلامي لهؤلاء الذين يتصدون للحديث نيابة عن الشعب.. فإذا كانت الشركات حريصة على تدريب ممثليها على مواجهة وسائل الإعلام لضمان النتائج الإيجابية في اللقاءات الإعلامية التي يظهرون بها.. فالأحرى بهؤلاء الذين يتصدون للظهور الإعلامي تحت مسمى "الحديث نيابة عن الشعب" أن يظهروا دائمًا بالصورة اللائقة شكلًا ومضمونًا ليمثلوا مصر بصورة حضارية لائقة بدلًا من التمثيل بها أمام الإعلام الأجنبي.

خلال اللقاء تمكنت الناشطة الفرنسية من استفزاز ضيوف البرنامج بينما جاء رد فعل النائبة كارثي.. فليس من المنطقي أن تُشيد بالتطوير في مصر فتقول "التطوير الإستراتيجي اللي وصلت له مصر.. والعالم المغرضة يعني بيغلوا منه كدة".. وذلك في بداية ردها على استفسار المذيع عن الدور المصري في الإقليم.. ولا أعرف كيف تستخدم نائبة برلمانية كلمة "بيغلوا منه كدة" أو تعتقد أن مفاهيم "الغل والغيرة والحقد" متواجدة في القاموس السياسي.. فهذه الكلمات غير مقبولة من نائبة ولكنني قد أتقبل سماعها من سيدة شعبية في خناقة مع جارتها على أيهما قادر على الغسيل بصورة أفضل من الثاني.

كما إنه ليس من اللائق أن تنادي على الضيفة –المستفزة- فتقول للمذيع "الست اللي عندك دي" أو عندما تتبجح الناشطة وتصف حديث النائبة بالمسرحية فترد الأخيرة بأن المسرحية دي عند أمك!

وحتى عندما انتهى الحوار لم تنته النائبة فقد انتقلت بأسلوبها إلى صفحتها الشخصية على فيس بوك لتبدأ في التفاعل وإبداء الإعجاب مع كلمات الثناء من مؤيديها حتى إذا وصف أحدهم ما فعلته في الحلقة بأنها أخدت الناشطة الفرنسية "ورا مصنع الكراسي" وكأن الألفاظ "السوقية" أمر لا تمانع النائبة من الإعجاب به.

ورغم أن النائبة حاولت التأكيد على رسائل جيدة منها ما يُفيد أن مفهوم حقوق الإنسان أوسع من حديث الناشطة الفرنسية ولكنه يشمل الحق في الحياة الآمنة والكريمة إلا أن طريقتها غير المنضبطة في الحديث أفقدت الرسالة النبيلة معناها وأساءت بالتالي للنائبة وللبرلمان وللدولة المصرية بأكملها.

مشاهدة الحلقة جعلتني أدرك أن النائبة لم تكن مستعدة لها خاصة إنها أدلت بتصريح مفزع حيث قدرت أعداد شهداء الجيش والشرطة بأكثر من أربعين ألف شهيد، ولا أعرف من أين جاءت النائبة بهذا الرقم الضخم.. وهل تعرف أن تصريحها برقم غير صحيح في مسألة دقيقة كهذه يمثل أزمة.

عندما انتهى الحوار تذكرت أن بعض القنوات تتعمد اختيار الضيوف الأقل مهنية للحصول على تصريحات مثيرة أو بغرض أن يعكسوا صورة سلبية عن الجهة التي يمثلها الضيف.. فهل تعمدت القناة اختيار النائبة لأنها صاحبة تصريحات سابقة مثيرة للجدل؟

اعطوا تدريبًا إعلاميًا لائقًا لكل من يتصدى للحديث باسم مصر خاصة عند التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية.. فلا داعي لكي يشاهد أحدهم اللقاء ويقول عجبي أو "عجمي" عليكي يا مصر.
الجريدة الرسمية