رئيس التحرير
عصام كامل

إلى أصحاب القرار


مثلما أتابع القنوات المصرية.. أتوقف كثيرًا أمام تلك القنوات التي يحملها الأثير القادم من قطر وتركيا وبريطانيا وغيرها من التي تهتم بالشأن المصري، المتابعة ليست فقط من قبيل المقارنة التي لم تحسم نتائجها لنا، ولكن لأنها أيضًا جزء أصيل من مكونات ممتهني الصحافة.


المصداقية لم تحسم النتائج لصالح هذه القنوات، بل إنها العنصر الأضعف بين أدوات التقييم، لكن ضعفنا وتهاوننا والانكباب على الداخل بسطحية ساهم في صناعة غول اسمه الإعلام الخارجي، هم يصنعون الكذب باحترافية، ونحن نرد بعشوائية، هم يبادرون بالهجوم، ونحن ننتظر لنكون ردة فعل.

حتى هذه (ردة الفعل) تضعنا في مصيدتهم لأنها ضعيفة وسريعة ومليئة بالتشنجات، وتضيع مصداقيتها لأن القائم بها يفتقد أساسًا للمصداقية، تغيرت أساليبهم فوضعوا أكاذيبهم في براويز ذهبية تجذب من يتابعهم، ونحن وضعنا مصداقيتنا في براويز خشبية فصارت منفرة حتى للمقربين، أكاذيبهم تصنعها ورش عمل محترفة، ومصداقيتنا يقدمها مجموعة من أصحاب الحرف غير الإعلامية الذين تسللوا إلى الشاشات في يقظة من المسئولين.

المتابعة لنا ولهم تأخذنا إلى نقطة ضعف أخرى تحسم النتائج لصالحهم، وتتمثل في الشخصيات المصرية التي تستضيفها برامجهم، ليكونوا الطرف الآخر الممثل لغالبية المصريين والرئيس والحكومة، فعادة ما يقع هؤلاء في المصيدة لأسباب كثيرة، أبرزها عدم إلمامهم بمعلومات تكفي للمواجهة، كما أن الواحد منهم يواجه ثلاث شخصيات على الأقل بالإضافة إلى المذيع الذي يفشل دائمًا في إخفاء انحيازه.

وطالما تعنت المذيع، وأنهى الكلام مع الضيف المصري دون أن يكمل فكرته، خاصة أن الأخير يتم التواصل معه من خلال الهاتف، كما أنه من غير المعقول أن يتحدث الشخص الواحد في كل الملفات: السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية والعلمية، فلكل ملف من يجيد التحدث فيه، ولأن الضيوف من الطرف الآخر متخصصون.

يظهر الضيف المصري ضعيفًا، فيقع في مصيدة أعدت له مسبقًا، وهنا يأتي السؤال..هل التواصل مع هذه القنوات مجديًا لنا أم المقاطعة أجدى؟ إذا كانت الأولى فعلى أصحاب القرار أن يوفروا المعلومات لمن يتواصلون مع الجزيرة وأخواتها حتى لا يظهر أغلبهم بهذا الشكل المسيئ، وعليهم كذلك أن يدفعوا بمتخصصين في كل المجالات لتكون لديهم قدرة على الرد.

أما عمليات التدريب على التعاطي مع هذه النوعية من البرامج فحتمية، وعلى المتعاطي أن يسبق بالهجوم ويتحدث في الأهم ثم المهم حتى لا يكمل منظومة (رد الفعل) مع الإعلام الداخلي، كذلك التمهيد للرد يستغرق مدة المكالمة وهو ما يتنافى مع طبيعة هذه البرامج المتربصة، أما إذا كانت رؤية أصحاب القرار عدم التواصل مع هذه البرامج.

فعليهم منع الجميع من التعاطي معها، لأن مواربة الباب وترك التواصل للحرية الشخصية دون توفير المعلومات يزيد من نقاط ضعفنا أمام إعلام وافد، لا يبحث إلا عن مواطن الضعف ولي الحقائق.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية