رئيس التحرير
عصام كامل

رجل الظل.. أقوى مرشح لرئاسة الجزائر حال غياب بوتفليقة

الفريق أحمد قايد
الفريق أحمد قايد صالح

مع اشتداد الانقسامات بين أنصار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ومعارضيه في أوساط النخب السياسية والعسكرية والإدارية والاقتصادية، حول تقدم بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، تبقي هناك شخصية جزائرية حاكمة على قبضة الأمور في البلاد، ويشكل أخطر رجال بلد المليون شهيد.


يعد الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش الجزائري، نائب وزير الدفاع إحدى الشخصيات المحوريّة في النظام الجزائري، والرجل القوى في الجزائر وصانع السياسيات، وحاكم الظل وأقوى شخص مرشح للمنصب في حالة غياب بوتفليقة.

حياته:
ولد الفريق قايد صالح في 13 يناير1940 ببلدة عين ياقوت بولاية باتنة شرق الجزائر، وبدأ مسيرته العسكرية مقاتلًا في صفوف جيش التحرير الوطني ضدّ فرنسا من أجل الاستقلال، ثمّ كرس فترة كهولته متدرجا في تولي المسئوليات العسكرية، حتى صار قائدًا للقوات البريّة الجزائرية في سنّ 53 عامًا، حين أسندت له مهام أقوى قطعة من الجيش الجزائري في عزّ الشعرية السوداء التي شهدتها الجزائر خلال سنوات التسعينيات، محتفظًا بمنصبه ذاك 10 سنوات؛ ليعيّنه بوتفليقة في سنة 2004 قائدًا للأركان، ثمّ نائبًا لوزير الدفاع، ويستمر حتى اليوم في منصبه ليشكل أطول قائد عسكري للجيش الجزائري.


حاكم الجيش

ومع استمرار بوتفليقة في تغيير القيادة العسكرية، وجزّ رءوس كبار الجنرالات الذين لا يدينون له بالولاء، وتعاظم علاقة القايد صالح بالرئيس بوتفليقة، قلّد الأخير القايد صالح رتبة فريق يوم 5 يوليو عام 2006، ثمّ عينه في 11 سبتمبر عام 2013 نائبًا لوزير الدفاع الوطني الجزائري خلفًا لعبد المالك قنايزية، كما احتفظ قايد صالح بمنصبه قائدًا للأركان وأعطيت له بعض صلاحيات قيادة المخابرات العسكرية من أجل إحكام سطوته على الجيش الجزائري شهد عام 2018، حيث تمت خلال هذه السنة إقالة العديد من الجنرالات، وقادة النواحي العسكرية وإدخال عدد منهم السجن، ثم الإفراج عنهم مؤقتا، وتنحية المدير العام للأمن الوطني وعدة ضباط سامين آخرين، إضافة إلى إحداث تغييرات في سلك رؤساء أمن الولايات.


وفي منتصف سبتمبر الماضي أجرى بوتفليقة، حركة تغيير واسعة على مستوى قيادة أركان الجيش، وهي التغييرات التي أكد فيها الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أنها سنة حميدة وتقليد راسخ، وفقا لمقياس الجدارة ومعيار الاستحقاق ونهج التداول على الوظائف في قوات الجيش، وفي هذا الإطار، عين اللواء حميد غريس، أمينا عاما لوزارة الدفاع، خلفا للواء زناخري الذي أحيل على التقاعد، فيما أنهى الرئيس مهام قائد القوات البرية اللواء أحسن طافر الذي أحيل بدوره على التقاعد ليعين اللواء سعيد شنقريحة خلفا له.

كما تم تعيين اللواء عزوز نائبا لقائد الناحية الثالثة بالجيش الجزائري، كما عين اللواء الحاج بلعروسي قائد الفرقة 40 نائبا لقائد الناحية الثانية، فيما تم إنهاء مهام العميد رميل، مدير صندوق الضمان الاجتماعي العسكري، والعميد سمير راينية، قائدا للفرقة المدرعة 40.


الإطاحة بـ"مدين" رجل المخابرات
وفي السنوات القليلة الماضية، استطاع "القايد" أن يطيح بخصومه ومراكز القوى المناوئة له في قصر"زرالدة" حيث مقر الحكم بالجزائر، حيث حل الجيش الجزائري، محل "دائرة الاستعلام والأمن" كمحاور رئيسي بين الفصيل الرئاسي والجهاز العسكري الأوسع، ففي 13 سبتمبر 2015، أعلن الرئيس بوتفليقة عن إنهاء مهام الفريق محمّد "توفيق" مدين، مدير جهاز المخابرات المعروف بدائرة الاستعلام والأمن (DRS)، عبر 25 عاما من إدراته للمخابرات الجزائرية.

وفي إنهاء مهام الفريق محمد توفيق مدين، أصبح الجنرال أحمد قايد صالح، وهو رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع بحكم الواقع، رجلًا قويًا في الجزائر، حيث مارس نفوذًا كبيرًا على الحكومة أكثر من أي فصيل آخر في النظام.

الإطاحة بسطوة رجال الأعمال
ومع إقصاء الفريق صالح لخصمه العنيد الجنرال "مدين" بات الأمور أكثر وضوحا في الإجهاز على المجموعة الثانية التي تنافسه على الحكم في قصر "زرالدة"، حيث رجال الأعمال وسطوتهم مع نسج علاقات بسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري، ففي 29 مايو، اكتشفت قوات خاصة من البحرية الجزائرية 701 كيلو جرامًا من الكوكايين في ميناء وهران غرب الجزائر وصادرتها.

وتبين في التحقيق الذي أجرته الشرطة الوطنية أن "السائق الخاص" لرئيس جهاز الأمن القومي عبد الغني هامل متورط، وأدّى الضغط المتزايد الذي مارسه صالح على هامل - الذي كان المرشح المفضّل للفصيل الرئاسي لخلافة بوتفليقة العام المقبل – إلى دفع الرئيس بوتفليقة إلى إقالة هامل، ليتخلص "الفريق" من خصومه الثاني ويحكم سيطرته على رجال الأعمال النافذين داخل قصر "زرالدة".

حاكم الظل والمستقبل

لم يعد بإمكان الجزائريين الآن الهروب من صورة الجنرال أحمد قايد صالح، التي تظهر في افتتاح جميع نشرات الأخبار في الجزائر، وهو يقود دفة الأمور في بلد المليون شهيد، مع اختفاء بوتفليقة لظروفه الصحية، وتكتسح مشاهد اجتماعات رئيس هيئة الأركان قايد صالح مرتديًا الزي العسكري، مع المتعاونين معه، البرامج التليفزيونية لدقائق عديدة وطويلة، وتبدو لهجة القائد الأعلى، التي تُنقل عبر التليفزيون، لهجة حازمة ومستبدة.

العديد من المراقبين يرون أن "قايد صالح" يشكل حاكم الظل الآن في الجزائر وكذلك حاكم المستقبل في حالة فراغ كرسي الرئاسة الجزائرية فجأة بموت بوتفليقة أو لأسباب أخرى، ويري المراقبون أن رئيس أركان الجيش الجزائري يمتلك العديد من الأوراق الرابحة التي يراهن عليها قايد صالح، منها أنه يعد من بين أحد ضباط الجيش الجزائري القليلين النافذين، الذين بدءوا مسيرتهم المهنية في زمن جيش التحرير الوطني الجزائري، الجناح المسلح لحزب جبهة التحرير الوطني خلال حرب الاستقلال.

كما تميل الخطب القليلة لرئيس الأركان الموجهة للإعلام الجزائري إلى إعطاء هذا الانطباع عن الصلابة. وقد صرَّح قايد صالح مؤخرًا قائلًا: "سنكون العين التي لن تغمض أبدًا، لمصلحة الجزائر وضد أعدائها".
الجريدة الرسمية