رئيس التحرير
عصام كامل

تمام يا فندم!


تم تعيين الدكتور "سيد عبد الفتاح التَمامي" وزيرًا في الوزارة الجديدة. كان اختيارة بطريقة التشويش الشهيرة، وفيها يقوم البعض بترشيح أربعة أشخاص لمعالي رئيس الوزراء، ومنهم ثلاثة لا يمكن الموافقة عليهم لأسباب متعلقة بالذمة المالية أو الأمن أو النشاط الديني ليبقى الدكتور "سيد" بمؤهلاته ونقاء سريرته على الوش، فيتم اختياره بلا عناء.


والدكتور "سيد" من أهل الثقة، فهو لا يهش أو ينش، ودائما ما يقول تمامًا يا فندم، بلا نقاش أو مجادلة، ويفعل ما في وسعه لإرضاء رؤسائه منذ كان حديث التخرج. يتأنق الدكتور "سيد" في ملابسة تأنقًا شديدًا ويضع المنديل الأحمر أو الأبيض في جيب جاكتته على الدوام، ويقف طويلًا أمام المرآة ليتأمل وجاهته وشياكته.

رشحه للمنصب الهام أحد رفقاء النادي. وحين تحرى الأمن عن الدكتور "سيد" لم يجد ما يعيبه ولكنه لاحظ شيئا لا تخطئه العين يجعله في طليعة المرشحين فالدكتور "سيد" لم يكن له رأي مخالف لأحد يومًا ما فهو حاضر دائمًا برأيين على النقيض تمامًا من بعضهما ويستشف بذكاء رأى محدثه ليختار له الرأى المتوافق معه ليكون رأيه في الحال.

رغم أهمية وزارة الدكتور "سيد" لحياة معظم المصريين إلا أن الدكتور "سيد" له أولوياته الآن التي لا يمكنه الحياد عنها، وهى إرضاء رئيس الوزراء الذي اختاره، وإرضاء رئيس الدولة فهو متعطش في منصبه الجديد لكلمة تمام يا فندم التي ما بَرِحَ يبدع فيها.

في أول حديث للدكتور "التَمامي" مع رجال وزارته بشرهم بعهد جديد يكون فيه العدل والإنصاف والتفاني في العمل من سمات عصره. والحقيقة أن الدكتور "سيد" لا يملك في الواقع أي خطة عمل لوزارته فهو أولًا لم يكن يحلم بالمنصب الرفيع الذي ساقته الأقدار إليه محفوفًا بدعاء الوالدين، وثانيًا أنه لا يملك أي خبرة في مجال وزارته، فهى بعيدة تمامًا عن مجال دراسته وعن الدكتوراة التي حصل عليها لتزيين إسمه..

وثالثًا أنه يعرف أن بقاءه في الوزارة مرهون الآن بشخص واحد فعليه الانتظار لسماع خطته وتوجيهاته للعمل بهما. لذا قرر الدكتور "سيد" من أول يوم ألا يوقع ورقة إلا بعد أن يستشف رأى رئيس الدولة ويضمن مباركته، فهو يعرف أنه مجرد سكرتارية له! أقام الدكتور "سيد" في عهد وزارته الميمون العديد من المؤتمرات الدولية ليملأ صفحات الجرائد بها ويبين روعة إنجازات وزارته للجميع خاصة لفخامة الرئيس.

في المؤتمر الأخير وقف الدكتور "سيد" كالتلميذ الملتزم أمام رئيس الدولة وقد ضم يديه للأمام ليعدد إنجازات وزارته والتي تم معظمها في عهد سابقيه.. ولكنه يعرف أن ذاكرة الناس ضعيفة!! أحاط المنافقون بالدكتور "سيد" وأكدوا له أن كل ما يقوله حِكَم وأن إنجازاته تفوق كل من سبقوه بمراحل شاسعة وصدق أبو الـ"سيد" نفسه.

اليوم يمر على الدكتور "سيد" أربعة أعوام تشهد له باستقرار وزارته ورضاء الرئيس عنه رغم حنق الشعب على بلائه في الوزارة، ولقد فتح اليوم عينيه على مكالمة تليفونية لم يتوقعها أبدًا ولم يحلم بها.. وقال وهو لا يصدق بلسان معقود من الدهشة: تمام يا فندم... تمام يا فندم!! فلقد تم اختياره رئيسًا للوزراء!
(ملحوظة: القصة لا تمت للواقع بصلة)..
الجريدة الرسمية