رئيس التحرير
عصام كامل

صراع السلطة والشعب بعيون أهل «بلاد السعادة» (صور)

فيتو

في عالم المسرح، ليست كل النصوص التي تُكتب، وتبتكرها أقلام المؤلفين، من الممكن تجسيدها بسهولة، وظهورها إلى النور بجودة فنية مميزة، حيث تجد الصعوبة والتحدي مجالا يبرز فيه المبدعين مواهبهم؛ للحفاظ على جودة النص، وإبهار المشاهد بروعة التجسيد.


فلم يكن يعلم المؤلف وليد يوسف، عند كتابته لـ«حدث في بلاد السعادة»، أن تخرج في يوما من الأيام للجمهور، وتحقق ذلك النجاح، وتنال إعجاب الجمهور والنقاد، على خشبة مسرح السلام، بشارع قصر العيني.

وعلى الرغم من مرور 30 عاما على النص، الذي كُتب عام 1988، إلا أنه أثبت صلاحيته للعرض والتجسيد، ليس ذلك فحسب، ولكن تحقيق النجاحات، وجذب أعين الجمهور، بمادة فنية دسمة، تحترم عقل المشاهد، وتثري مخزونه الفكري.

وعلى مدى ليالي عرضه، أبرز «حدث في بلاد السعادة»، نجاحا مميزا في التوليفة الفنية لطاقم العمل، كما أن الفنان مدحت تيخا، بطل العرض كشف عن موهبته في دور جديد، «بهلول»، أحد أفراد الشعب المغلوبين، والذي يجعله القدر حاكما للبلاد، والذي قدم خلاله تيخا ما يملكه من قدرات فنية مميزة، على لعب دور البطولة في كبرى الأعمال المسرحية.

كما أن اختيار الفنان علاء قوقة، للعب دور الشر، الذي يبدع فيه كثيرا، يعد اختيارا موفقا، حيث يثبت قوقة المرة تلو الأخرى، أن تجسيده للأدوار الصعبة دائما يعد تحديا من نوع خاص له، وعالما يصعب منافسته فيه، حيث جسد دور «عجبور»، وزير الحاكم الفاسد، والمحرك الرئيسي ومقلب الشعب على حاكمه الذي ينتمي إليهم «بهلول».

وأضفى الفنان سيد الرومي، والذي جسد دور الحاكم الفاسد، والذي لا يعلم شيئا عن أحوال الشعب، وما آلت إليه، حالة كوميدية، بالإضافة إلى الفنان محمد حسني أحد تجار الشعب، واللذين حافظا على حجم الروح الكوميدية الخفيفة على العرض.

وفي حالة مميزة، استعان العرض، بكل من الفنان وائل الفشني، في دور الرواي، والذي مثل الحالة السمعية للجمهور، ليدخله في جو تلك البلاد وما تمر به، وتمكنت الثنائيات الغنائية له مع الفنانة فاطمة محمد على، خلال العرض من أخذ الجمهور في عالم متكامل من بصريا وسمعيا.

وعن حال الحكمة والثقافة في «بلاد السعادة»، أبدع كل من الفنان حسن العدل، والذي جسد دور الحكيم المسجون، والمغلوب على أمره في تلك البلاد، التي ضاعت الحكمة فيها وغابت عن عقول مواطنيها، وحكامها على حد سواء، في إبراز هذه الحالة، وإيصالها للجمهور بكل احترافية، وتميز، رغم الحيز الصغير للدور.

أما شاعر العامة والشعب، والذي جسد دوره الفنان الشاب حسن خالد، جعلته ويلات السجن يدعي جنونه لكي يأمن من أذى رجال الحاكم.

واختار المخرج الشاب مازن الغرباوي، لتنفيذ رؤيته مجموعة رائعة، بداية من مصمم الديكور حازم شبل، الذي عزز فكرة اللازمان واللامكان للعرض بابتكاره لشعار لا يشبه أي دولة أو جمهورية بعينها.

وفي نفس السياق، أضفت ملابس مروة عودة تلك الفكرة بأزياء مختلفة لا تشبه أيا من تراث الممالك القديمة.

وكعادته، أبدع الشاعر الراحل حمدي عيد، والذي توفى خلال ديسمبر الجاري، بمجموعة متنوعة من أشعار وكلمات العرض، مصبوغة بموسيقى وألحان المؤلف محمد مصطفى، والتي اعتبرت من أبرز العناصر الإيجابية للعرض لتناغمها السهل مع الأحداث والوقائع طوال المسرحية.

ومن خلال تقنية الـ3D mapping، منحت الألوان المستخدمة في العرض الإبهار البصري للمشاهد، كما ساهمت في خروج مشاهد التفاعل والالتحام بين الحاكم والشعب في تابلوه متكامل، أما استعراضات كريمة بدير، تمكنت من صبغ العرض باللون «الغنائي الاستعراضي»، والذي بدأت في الانتشار وفرض نفسها على العروض المسرحية الحديثة.

«حدث في بلاد السعادة»، إنتاج فرقة المسرح الحديث، تأليف وليد يوسف وبطولة: مدحت تيخا، علاء قوقة، حسن العدل، سيد الرومي، محمد حسني، فاطمة محمد على، أسامة فوزي، محمد الخيام، عبدالعزيز التوني، المطرب وائل الفشنى ومن النجوم العرب خدوجة صبري من ليبيا، نسرين أبي سعد من لبنان ومجموعة من الشباب، تصميم ديكور حازم شبل، تصميم استعراضات كريمة بدير، تصميم أزياء مروة عودة، تأليف موسيقي محمد مصطفى، أشعار حمدي عيد، 3D رضا صلاح وإخراج مازن الغرباوي.
الجريدة الرسمية