رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الناصر في عيد العلم: الفن مظهر حي للحرية

فيتو

بمناسبة ذكرى افتتاح جامعة القاهرة في شهر ديسمبر حرص الرئيس جمال عبد الناصر على تكريم عدد كبير من العلماء والفنانين إيمانا بقدرة هاتين الفئتين على الارتقاء بمصر وشعبها في عيد العلم.


ومن داخل جامعة القاهرة كما نشرت جريدة الأخبار في ديسمبر عام 1960 ألقى الرئيس جمال عبد الناصر خطابا قال فيه:

أيها المواطنون، تحتفلون اليوم بعيد العلم وسط أحداث عصيبة في الجزائر والكونغو وكل المعارك التي تخوضها الشعوب المناضلة ضد الاستعمار.

إن تكريم العلماء والفنانين ليس انعزالا عن الأحداث لكنه في يقينى تفاعل حى مع هذه الحوادث، أن الفن في حقيقة أمره مظهر حى للحرية، والفن هو انطلاقة الإنسان الحر لاستكشاف نفسه، والعلم هو انطلاقة الإنسان الحر لاستكشاف الكون من حوله.

ذلك أن الإحساس بالحرية يدفع الفنان إلى الخلق الفنى، ويتحول بعد الخلق إلى قوة دافعة نحو مزيد من الحرية.

إن الحرية مقدمة للفن والعلم والمزيد منها في الوقت ذاته نتيجة حتمية للفن والعلم وكليهما يكمل الآخر في كفاح الأمة الواحدة.

إن الفن يصبح أقوى الأسلحة في معركة الحرية السياسية ضد الاستعمار وضد الاستغلال ثم يجئ دور العلم ليصبح السلاح الأكبر في معركة الحرية الاقتصادية والاجتماعية لصنع المجتمع الحر.

وما زال في ذاكرتنا جميعا مشاهد من أعمال فنية كانت من أكبر مصادر الإلهام في كفاحنا الوطنى، كذلك مازالت في أسماعنا أصداء أناشيد كانت من أقوى ما حملنا معنا إلى ميدان القتال من عتاد.

كانت الكلمة مثل قوة طلقة الرصاص في نضالنا وكذلك كان النشيد وكانت لمسة الضوء واللون على الورق.

وها نحن نخوض معركة التطوير الكبرى وفى مقدمة الصفوف الأولى من تحتنا يسير العلماء وهم الآن بالمئات في المعامل وفى المصانع، في الحقول وفى المناجم يبحثون عن الحل للمشكلات المستعصية، ويجدون الوسائل للغايات الكبرى ويقودون المجتمع الجديد إلى الآفاق التي طالما تطلعنا إليها.

من هنا أقول إن احتفالنا بعيد الفن والعلم ليس انعزالا عن المعارك التي تدور من حولنا بل هو في تصورى تفاعل وتجاوب صحيح معها بل هو أكثر من ذلك هو وعد وعهد من شعب هذه الجمهورية الذي أدرك دور الفن والعلم في تحقيق حريته.

وليس احتفالكم بعيد الفن والعلم إلا توكيدا للدعائم التي تقوم عليها الحرية في وطننا، كما أن هذا الاحتفال وسط الأحداث التي تحيط بنا ليس في حد ذاته إلا توكيدا لتقبل شعبنا الحر لمسئوليات دوره الطليعى في حرية غيره من الشعوب، واستعدادا لأن يجعل أرضه قاعدة تصنع بدورها للحرية قواعد جديدة تساهم في صنع عالم السلام الذي تريده الشعوب.
الجريدة الرسمية