رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

30 شهرا في السجن.. حكاية المذكرات المجهولة للسادات خلف القضبان

فيتو

في نهاية شهر ديسمبر من العام 1946، كان اليوزباشى محمد أنور السادات المتهم السابع في قضية مقتل أمين عثمان وزير المالية المصرى الذي تم اغتياله في يناير 1946، ماثلا أمام المحكمة التي تشكلت لمحاكمته مع آخرين بتهمة قتل أمين عثمان، وقتها نجح السادات في كثير من الجلسات التي امتدت إلى 82 جلسة في تحويل المحاكمة من محاكمة قتلة إلى محاكمة قتيل كان يتعاون مع الإنجليز وفقا لشهادة اللورد «كيليرن» الذي كتب في تقريره عن القضية أن السادات ومعه فريق الدفاع عنه نجحوا في تحويل مسار القضية من محاكمة مجموعة من الشباب شاركوا في قتل مسئول في الحكومة المصرية إلى محاكمة لأمين عثمان نفسه.


ورغم أن القضية كان بها ما يزيد على الـ 20 متهما على رأسهم حسين توفيق وعبد العزيز خميس ومحمد إبراهيم كامل والكاتب سعد كامل، إلى أن السادات كان هو النجم الأوحد، وكانت وسائل الإعلام تسلط الضوء على كافة الاتهامات الموجهة إليه وتسهب في دوره في عملية الاغتيال.

انتهت المحاكمة بصدور حكم ببراءة السادات، بعد أن قضى 30 شهرا خلف أسوار السجن، وخلال فترة حبسه دون السادات مذكراته، وبعد خروجه من السجن نشرت كاملة في حلقات على صفحات مجلة المصور بعنوان (30 شهرا في السجن ).
كان السادات يكتب مذكراته في السجن حلقة بحلقة وكان الكاتب الصحفى حلمى سلام يأخذ ما كتبه منه يوم الزيارة مقابل 10 جنيهات في الحلقة، وبمجرد إعلان حكم البراءة نشر جورجى زيدان صاحب الهلال الحلقات مجمعة في مجلة المصور عام 1948.

وكان السادات قد أزهد في الطعام وأصبح لا يأكل إلا قليلا، إلا أنه كان قد أصدر مجلتين أثناء تواجده بالسجن الأولى باسم "الهنكرة والمنكرة " والثانية باسم "ذات التاج الأحمر " نقل من خلالهما أحداث السجن وأخباره ومعاناته شخصيا.

المفارقة أنه بعد خروجه من السجن عمل السادات بدار الهلال عن طريق أصدقائه الصحفيين، وخاصة إحسان عبد القدوس الذي قدمه لأصحاب الدار، لتكون بداية عمله الصحفى.

ويحكى السادات في الحلقة الأولى من المذكرات ويقول :" دخلت سجن الأجانب ليلا بعد أن عدت من سراى النيابة، في الغرفة 28 وهى نفس الغرفة التي سجنت فيها حين حكم على الحاكم العسكري بالسجن إثر مشادة مع إدارة معتقل الزيتون، أمضيت في السجن أياما طويلة ببدلتى فلم يحضروا ملابسى واحتياجاتى معى من سجن مصر حيث كنت أثناء التحقيق، وكتبت خطابا شديد اللهجة إلى النائب العام أشكو من إهمالى في سجن الأجانب، وتركى بدون ملابس أو حتى صابونة لأغتسل حتى صرت أهرش في جسدى نتيجة الهرش والجرب".

ويضيف:" في اليوم التالى أحضر لى مأمور السجن ملابسى ومعها الصابون وأذن لى المأمور بالحمام الساخن، لكن كان ممنوعا الخروج من الحجرة نهائيا، وفى اليوم التالى منعت من دخول دورة المياه فكتبت خطابا ثانيا إلى النائب العام اعلمه بهذه المعاملة الشاذة، وطلبت من النيابة السماح لى بالقراءة على الأقل في المصحف الشريف، وجاء إلينا وكيل النيابة وسألنا نحن الأربعة من منكم يعرف الآخر؟ فتعرف أحد الثلاثة على الإثنين الآخرين، أما أنا فلم يتعرف على أحد، وتكرر العرض مرة ثانية وثالثة مما أحدث لى ارتباكا عصبيا وتعبا فأرسلت للنائب العام تلغرافا أطلب مقابلته وأبلغنى وكيل النيابة استحالة ذلك".
وتابع: "لكن بعد ذلك تغيرت معاملتنا نسبيا وسمح لى بقراءة المقطم والأهرام والمصور ولكن لم يصرح لي بالكتب ولا الأكل من الخارج مثل باقى المتهمين، وبعد الامتناع عن أكل السجن سمح لى المأمور بعد جهد بأكلة من "الشيمى " من الكباب والكفتة، وعلمت من جريدة "المقطم "نبأ خروج المفوض البريطانى كيلرن من مصر فأرسلت في شراء دستة جاتوه لتوزيعها على زملائي وعلى السجانين وأكلت منها ثلاث قطع من الجاتوه الذي جئ به من شارع محمد علي، كان نتيجتها في الصباح الإصابة بالإسهال".
Advertisements
الجريدة الرسمية